قيم الموضوع
(0 أصوات)

الدرس الخامس عشر : صفة الرحمة


    من صفات الله تعالى التي يجب أن نؤمن بها صفة الرحمة، وهي صفة أثبتها سبحانه لنفسه، فقال : ( فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) (الأنعام:54). وقد دلَّ عليها غير اسم من أسمائه؛ فالله تعالى هو الرحمن الذي عمّت رحمته كل الخلق في الدنيا من جهة الرزق والعطاء، والرحيم رحمة خاصة بالمؤمنين في الدنيا والآخرة، وهو الرؤوف أي شديد الرحمة، وهو البرّ أي المحسن إلى الخلق المتجاوز عمن عصاه المضاعف الثواب لمن أطاعه، وهو الكريم الكثير الخير المحسن بلا إيجاب، وهو الوهاب الكثير العطاء بلا حساب، وهو العفو عما وجب له والغفور الذي جمع إلى العفو الستر، وهو التواب مهما عظُم الذنب ومهما تكرّر.
مظاهر صفة الرحمة
1-إرسال الرسل وإنزال الكتب وهداية الناس إلى الحق، قال تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) (الأنبياء:107)، وقال سبحانه: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) (النحل:89).
2-خفة الشرائع التي كلفنا بها الله تعالى، قال تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة:286)، وقال: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) (البقرة:185).
3-تحليل الطيبات وتحريم الخبائث تصريحا وإشارة، قال تعالى في صفة النبي صلى الله عليه وسلم : (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ) (الأعراف:157).
4-التجاوز عن الخطأ والنسيان والجهل، قال سبحانه : (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا  (البقرة:286)، وقد أجاب هذا الدعاء فقال:« قد فعلت » كما في صحيح مسلم، وقال تعالى : (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) (الإسراء:15).
5-مضاعفة الحسنات دون السيئات، قال تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) (الأنعام:160)، وقال تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) (البقرة:261)، وكذلك مضاعفتها في الأزمنة الفاضلة والأمكنة الخاصة.
6-مغفرته للذنوب وقبول توبة التائبين، يقول الله تعالى: (وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ  ) (النور:21)، ويقول سبحانه: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (التوبة:114).
7-إمهال من يستحق العذاب، قال تعالى: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ) (الكهف:58)، وكذلك إنجاؤه للصالحين من العذاب، قال تعالى: ( وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا) (هود:57).
8-عطاؤه الكثير للعباد في الدنيا، وأعظم منه عطاء الآخرة، قال تعالى: (وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) (الزخرف:32).
ثمرات الإيمان بصفة الرحمة:
1-تقوية محبة الإله سبحانه وتعالى، فإنّ من تأمّل هذه الصفة ومظاهرها؛ علم أنه لا يستحق المحبة الكاملة أحد إلا الله تعالى.
2-شكره سبحانه بأداء العبادات الواجبة - وهذا أقلّ ما يقابل به إحسانه- وبالإكثار من النوافل.
3-الافتقار إلى الله تعالى والرجوع إليه دون ما سواه.
4-دوام الرجاء وعدم اليأس والقنوط من رحمته سبحانه وتعالى.
5-الرحمة بالمخلوقات، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم :" الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وصححه.

تم قراءة المقال 90 مرة
المزيد في هذه الفئة : « 14-صفة اليدين 16-صفة الكلام »