[تابع لصفة الصلاة]
10- ثُمَّ يُكَبِّرُ لِلرُّكُوعِ، وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَيَجْعَلُ رَأْسَهُ حِيَالَ ظهره.
11- ويقول: سبحان ربي العظيم، ويكرِّرُه، وَإِنْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ حَالَ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اَللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي، فحسن.
12- ثم يرفع رأسه، قائلًا: سمع الله لمن حمده، إن كان إمامًا أو منفردًا، وَيَقُولُ اَلْكُلُّ: رَبَّنَا وَلَكَ اَلْحَمْدُ، [حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ] مِلْءَ اَلسَّمَاءِ، وَمِلْءَ اَلْأَرْضِ، وملء ما شئت من شيء بعد.
13- ثُمَّ يَسْجُدُ عَلَى أَعْضَائِهِ اَلسَّبْعَةِ، كَمَا قَالَ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُم: عَلَى الْجَبْهَةِ -وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلى أَنْفِهِ- وَالكَفَّينِ والرُّكْبَتَينِ وَأَطْرَافِ القَدَمَينِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
14- وَيَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ اَلْأَعْلَى.
15- ثُمَّ يُكَبِّرُ، وَيَجْلِسُ عَلَى رِجْلِهِ اَلْيُسْرَى، وَيَنْصِبُ اَلْيُمْنَى وَهُوَ اَلِافْتِرَاشُ.
16- وَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ جِلْسَاتِ اَلصَّلَاةِ، إِلَّا فِي اَلتَّشَهُّدِ اَلْأَخِيرِ، فَإِنَّهُ يَتَوَرَّك، بِأَنْ يَجْلِسَ عَلَى اَلْأَرْضِ، وَيُخْرِجُ رِجْلَهُ اَلْيُسْرَى مِنْ اَلْخَلْفِ اَلْأَيْمَنِ.
17- وَيَقُولُ: رَبِّ اِغْفِرْ لِي، وارحمني، واهدني، وارزقني، واجبرني وعافني.
18- ثُمَّ يَسْجُدُ اَلثَّانِيَةَ كَالْأُولَى، ثُمَّ يَنْهَضُ مُكَبِّرًا، عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ،
19- وَيُصَلِّي اَلرَّكْعَةَ اَلثَّانِيَةَ كَالْأُولَى، ثم يجلس للتشهد الأوّل.
20- وَصِفَتُهُ: "اَلتَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ، وَالطَّيِّبَاتُ، اَلسَّلَام عَلَيْك أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اَللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، اَلسَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اَللَّهِ اَلصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ".
21- ثُمَّ يُكَبِّرُ، وَيُصَلِّي بَاقِي صَلَاتِهِ بِالْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ.
22- ثُمَّ يَتَشَهَّدُ اَلتَّشَهُّدَ اَلْأَخِيرَ، وَهُوَ اَلْمَذْكُورُ، وَيَزِيدُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ :
أ- اَللَّهُمَّ صلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتُ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
ب- أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ اَلْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ اَلْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ اَلْمَسِيحِ اَلدَّجَّالِ2.
ج- وَيَدْعُو اَللَّهُ بِمَا أَحَبَّ.
23- ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ: اَلسَّلَامُ عَلَيْكُمْ ورحمة الله، (لِحَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ).
[تابع لصفة الصلاة]
10- ثُمَّ يُكَبِّرُ لِلرُّكُوعِ، وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَيَجْعَلُ رَأْسَهُ حِيَالَ ظهره.
مما هو معلوم وقد واضب عليه النبي صلى الله عليه وسلم التكبير للركوع، قال أبو حميد الساعدي :"رَأَيْتُهُ إِذَا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ " رواه البخاري وفي رواية لأبي داود:"كَأَنَّهُ قَابِضٌ عَلَيْهِمَا، قال الخطابي:" هصر ظهره، يريد أنه ثناه ثنيا شديدا في استواء من رقبته ومتن ظهره لا يقوِّسه، ولا يتحادب في ركوعه".
11- ويقول: سبحان ربي العظيم، ويكرِّرُه، وَإِنْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ حَالَ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اَللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي، فحسن.
عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ» وَفِي سُجُودِهِ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» رواه الأربعة
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي "متفق عليه
وعن عَائِشَةَ نَبَّأَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ» رواه مسلم.
12- ثم يرفع رأسه، قائلًا: سمع الله لمن حمده، إن كان إمامًا أو منفردًا، وَيَقُولُ اَلْكُلُّ: رَبَّنَا وَلَكَ اَلْحَمْدُ، [حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ] مِلْءَ اَلسَّمَاءِ، وَمِلْءَ اَلْأَرْضِ، وملء ما شئت من شيء بعد.
مفهوم قوله (إن كان إماما أو منفردا) أن المأموم لا يقولها ، وذلك لظاهر حديث أَنَسِ قَالَ النبي إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ وفيه وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ.. متفق عليه. وهذا مذهب الجمهور.
وقال الشافعي : بل يسن للمأموم أخذا بعموم صلوا كما رأيتموني أصلي، قال الماوردي مجيبا عن حجج الجمهور:"أنه ليس نهي للمأموم عن قول: سمع الله لمن حمده، وإنما فيه أمر له بقول ربنا لك الحمد، وإنما أمره بهذا أو لم يأمره بقول سمع الله لمن حمده، لأنه يسمع هذا من الإمام فيتبعه فيه، ولا يسمع قوله: ربنا لك الحمد فأمره به، وأما قولهم أنهما ذكران فلم يجتمعا في الانتقال، فالجواب أن قوله سمع الله لمن حمده موضوع للانتقال وربنا لك الحمد مسنون في الاعتدال فصارا ذكرين في محلين، وأما قولهم أن أحدهما إخبار والآخر جواب فلم يجز أن يجمع الواحد بينهما فهو فاسد بقوله آمين هو في مقابلة قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} [الفاتحة: 6] ثم قد يجمع بينهما في الصلاة". وقال النووي رحمه الله :"ولأن الصلاة مبنية على أن لا يفتر عن الذكر في شيء منها فإن لم يقل بالذكرين في الرفع والاعتدال بقي أحد الحالين خاليا عن الذكر".
وبالنسبة للذكر الذي يقوله الجميع فالزيادة الأولى [حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ] وردت في رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ، قَالَ: " كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ "، قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: «مَنِ المُتَكَلِّمُ» قَالَ: أَنَا، قَالَ: «رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ» رواه البخاري.
والزيادة الأخرى وردت في أحاديث منها حديث عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا رَفَعَ ظَهْرَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، مِلْءُ السَّمَاوَاتِ، وَمِلْءُ الْأَرْضِ وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ» رواه مسلم.
ووردت زيادة أخرى في حديث أبي سعيد ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ: " رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ: اللهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ "رواه مسلم. ونحوه عن ابن عباس.
13- ثُمَّ يَسْجُدُ عَلَى أَعْضَائِهِ اَلسَّبْعَةِ، كَمَا قَالَ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُم: عَلَى الْجَبْهَةِ -وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلى أَنْفِهِ- وَالكَفَّينِ والرُّكْبَتَينِ وَأَطْرَافِ القَدَمَينِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
صفة السجود معلومة وقد اختلف في وجوب وضع الأعضاء السبعة جميعا على الأرض سوى الجبهة والظاهر من أمر النبي صلى الله عليه وسلم وجوب ذلك إلا من عذر مانع، والأنف تابع للجبهة يوضع على الأرض ولا يرفع لظاهر الحديث أيضا .
ولم يتحدث المصنف هنا عن صفة الهوي للسجود وأيهما يقدم اليدان أو الركبتان ولعله يذهب إلى التخيير، وقد نقل ذلك عن قتادة وروي عن مالك، ولا يتعلق بذلك وجوب ولكن استحباب فقط، قال ابن تيمية (22/449) :« أما الصلاة بكليهما فجائزة باتفاق العلماء. إن شاء المصلي يضع ركبتيه قبل يديه، وإن شاء وضع يديه ثم ركبتيه وصلاته صحيحة في الحالتين باتفاق العلماء ولكن تنازعوا في الأفضل ».
ولعل الأرجح هو تقديم اليدين على الركبتين كما هو قول مالك وأحمد في رواية وابن حزم، لحديث نافع عن ابن عمر أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه وقال كان رسول الله يفعل ذلك رواه ابن خزيمة والحاكم وصححه على شرطه على مسلم ووافقه الألباني في تمام المنة (194).
وأما الأحاديث الأخرى المتعارضة فلا تصح سواء حديث :«إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه» أو حديث وائل: رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ أَخْرَجَهُ اَلْأَرْبَعَةُ.
ومما ينهى عنه في السجود بسط الذراعين على الأرض لقوله :«اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب» متفق عليه .
14- وَيَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ اَلْأَعْلَى.
وهذا مشهور معلوم ويجوز أن يضيف (سبوح قدوس رب الملائكة والروح)، أو (سبحانك ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي) وقد سبق ذكر الأحاديث التي وردت فيها .
ويدعو المصلى في سجوده بما شاء لقوله صلى الله عليه وسلم :"أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء فيه" رواه مسلم .
ولا يقرأ القرآن في السجود لقول النبي صلى الله عليه وسلم «أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ « رواه مسلم.
15- ثُمَّ يُكَبِّرُ، وَيَجْلِسُ عَلَى رِجْلِهِ اَلْيُسْرَى، وَيَنْصِبُ اَلْيُمْنَى وَهُوَ اَلِافْتِرَاشُ.
أي يرفع رأسه مكبرا كما كان يفعل الرسول (متفق عليه).
وحديث الافتراش رواه مسلم من فعل الرسول ، وعند البخاري أنه كان ينصب رجله اليمنى مع الافتراش .
ويسن الإقعاء هنا أحيانا، فعن طَاوُس قُلْنَا لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ فَقَالَ هِيَ السُّنَّةُ فَقُلْنَا لَهُ إِنَّا لَنَرَاهُ جَفَاءً بِالرَّجُلِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَلْ هِيَ سُنَّةُ نَبِيِّكَ .
والإقعاء نوعان أحدهما أن يلصق أليتيه بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض كإقعاء الكلب وهذا النوع هو المكروه الذي ورد فيه النهي، والنوع الثاني أن يجعل أليتيه على عقبيه بين السجدتين وهذا هو مراد بن عباس بقوله سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم وقد نص الشافعي رضي الله عنه في البويطي والإملاء على استحبابه في الجلوس بين السجدتين.
16- وَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ جِلْسَاتِ اَلصَّلَاةِ، إِلَّا فِي اَلتَّشَهُّدِ اَلْأَخِيرِ، فَإِنَّهُ يَتَوَرَّك، بِأَنْ يَجْلِسَ عَلَى اَلْأَرْضِ، وَيُخْرِجُ رِجْلَهُ اَلْيُسْرَى مِنْ اَلْخَلْفِ اَلْأَيْمَنِ.
قوله (يفعل ذلك) يعني به صفة الجلوس وقد جاء ذلك في أحاديث كلها في الصحيح.
إلا جلسة التشهد الأخير فيسن فيها التورك وصفة التورك كما ذكر المصنف، وفي البخاري:«وينصب رجله اليمنى». وفي صحيح مسلم «كان يلقم كفه اليسرى ركبته يتحامل عليها».
17- وَيَقُولُ: رَبِّ اِغْفِرْ لِي، وارحمني، واهدني، وارزقني، واجبرني وعافني.
هذا الذكر روي عن ابن عباس عند الترمذي وأبي داود وابن ماجة وأحمد وغيرهم
وأصح منه حديث حذيفة ولفظه اللهم اغفر لي اللهم اغفر لي رواه الأربعة.
وقد قال الإمام أحمد: حديث حذيفة أصح من حديث ابن عباس.
18- ثُمَّ يَسْجُدُ اَلثَّانِيَةَ كَالْأُولَى، ثُمَّ يَنْهَضُ مُكَبِّرًا، عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ،
صفة النهوض المذكورة مروية عن ابن مسعود وهي مشهور مذهب أحمد.
وذهب الجمهور إلى الاعتماد على اليدين لظاهر حديث مالك بن الحويرث:«وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ عَنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ جَلَسَ وَاعْتَمَدَ عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ قَامَ» رواه البخاري.
واختلفوا هنا في جلسة الاستراحة وحديث مالك بن الحويرث حجة على من أنكرها مطلقا وعلى من خصها بحال الكبر، وقد قال بها الشافعي وأحمد في رواية وداود، وذهب ابن تيمية والمصنف أنها تفعل عند الحاجة .
ويؤكد القول بسنيتها حديث أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ وَهُوَ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ أَحَدُهُمْ أَبُو قَتَادَةَ بْنُ رِبْعِيٍّ قال أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ قَالُوا مَا كُنْتَ أَقْدَمَنَا لَهُ صُحْبَةً وَلَا أَكْثَرَنَا لَهُ إِتْيَانًا قَالَ بَلَى قَالُوا فَاعْرِضْ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ اعْتَدَلَ قَائِمًا وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَرَكَعَ ... ثُمَّ أَهْوَى سَاجِدًا ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ وَقَعَدَ وَاعْتَدَلَ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ ثُمَّ نَهَضَ ثُمَّ صَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ ...(رواه الترمذي وأبو داود)»
19- وَيُصَلِّي اَلرَّكْعَةَ اَلثَّانِيَةَ كَالْأُولَى، ثم يجلس للتشهد الأوّل.
وهذا الجلوس من الواجبات وليس من الأركان لما ثبت من استدراكه بسجود السهو وكذا التشهد الذي فيه.
20- وَصِفَتُهُ: «اَلتَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ، وَالطَّيِّبَاتُ، اَلسَّلَام عَلَيْك أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اَللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، اَلسَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اَللَّهِ اَلصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ».
للتشهد عدة صيغ منها هذه الصيغة المروية عن ابن مسعود وهي ثابتة في الصحيحين.
ومن الصيغ الثابتة ما رواه مالك في الموطأ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يُعَلِّمُ النَّاسَ التَّشَهُّدَ يَقُولُ قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
ومن السنن في هذا التشهد والتشهد الأخير الإشارة بالإصبع لحديث ابن عُمَرَ كَانَ إِذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ وَضَعَ كَفَّهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ وَوَضَعَ كَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى رواه مسلم.
21- ثُمَّ يُكَبِّرُ، وَيُصَلِّي بَاقِي صَلَاتِهِ بِالْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ.
هذا الغالب وإلا فقد جاء في بعض الروايات ما يفيد جواز الزيادة على الفاتحة في الركعتين الأخيرتين أيضا ومن ذلك ما روى مسلم عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَدْرَ ثَلَاثِينَ آيَةً وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً أَوْ قَالَ نِصْفَ ذَلِكَ وَفِي الْعَصْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَدْرَ قِرَاءَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ نِصْفِ ذَلِكَ.
22- ثُمَّ يَتَشَهَّدُ اَلتَّشَهُّدَ اَلْأَخِيرَ، وَهُوَ اَلْمَذْكُورُ، وَيَزِيدُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ :
أ- اَللَّهُمَّ صلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتُ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
ب- أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ اَلْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ اَلْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ اَلْمَسِيحِ اَلدَّجَّالِ.
ج- وَيَدْعُو اَللَّهُ بِمَا أَحَبَّ.
هذه الصيغة للصلاة الإبراهيمية مروية في الصحيحين عن كعب بن عجرة، وفي لفظ للبخاري:«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».
وأما حديث الاستعاذة فرواه مسلم ، وذهب الظاهرية إلى وجوبه ووافقهم الألباني.
واما الدعاء فهو مشروع بالمأثور وغير المأثور وقد قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ قَالَ جَوْفَ اللَّيْلِ الْآخِرِ وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ رواه الترمذي، ومعنى دبر الصلاة آخرها
ومما هو مأثور قوله « اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مِنْ عِنْدِكَ مَغْفِرَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ » متفق عليه.
23- ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ: اَلسَّلَامُ عَلَيْكُمْ ورحمة الله، لِحَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
في صفة التسليم أحاديث صحيحة منها حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الْأَيْمَنِ وَعَنْ يَسَارِهِ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الْأَيْسَرِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَلَمْ يَذْكُرِ التِّرْمِذِيُّ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ
وأما حديث وائل عند أبي داود فلفظه : صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ»، وَعَنْ شِمَالِهِ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ».
ووردت صيفة ثالثة في سنن النسائي عن وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: أَخْبِرْنِي عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ كَانَتْ؟ قَالَ: " فَذَكَرَ التَّكْبِيرَ، قَالَ: يَعْنِي وَذَكَرَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ عَنْ يَمِينِهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ عَنْ يَسَارِهِ ".