الأربعاء 28 ذو القعدة 1442

على هامش المناقشات3: القواعد المنهجية معللة وليست تعبدية مميز

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

على هامش المناقشات3: القواعد المنهجية معللة وليست تعبدية
ساقني الحديث في إحدى مناقشات الماستر إلى الحديث عن ضرورة فهم علل ومقاصد الأمور المنهجية التي نتلقاها ..فلا نأخذها بالتسليم والتقليد ولا نلزم بها طلبتنا دون إقناع بفائدتها وجدواها، وكثير منا مع الأسف لا يزيد رصيده في هذا المضمار عما تلقاه من كتيب موجز في إعداد الرسائل الجامعية، أو مشافهة من مشرفه في مرحلة الدراسة، وهذا الواقع من شأنه أن يُضيِّق الأفق في مجال علمي أساسه البحث عن الحقيقة، ومن مراميه نبذ الجمود والتقليد..ذلك أن الدكتور المناقش اعترض على مسألة ذكر بيانات الطبع في الهامش عند ذكر المرجع أول مرة؛ وعلل ذلك بقوله إنه غير مفيد ويغني عنه وجود فهرس المراجع، وأنه يُثقل الهوامش وخاصة في بداية البحث..وهو اعتراض موفق من دكتور مختص في علم المقاصد ولا غرابة في إعماله مبدأ التعليل..
    وهذه قضية طالما أقنعت بها طلبتي ..لكنهم عندما يصلون إلى المناقشة يسمعون قول القائل:" إن عدم ذكر بيانات الطبع في الهامش: مخالف للمنهجية المتعارف عليها" ..فكنت أرد في أكثر الأحيان بمثل ما ذكر الدكتور، وأزيد بأن الباحث كأنه يفترض أن كل الناس يقرأ بحثه من أوله وليس الأمر كذلك، وبأن هذا خطأ ناتج عن التقليد في المنهجية، لأن ذكر بيانات الطبع عند ذكر المرجع أول مرة؛ محله البحوث الصغيرة التي تجعل هوامشها في آخرها فتكون مُغنية عن فهرس المراجع، وقد تكون لازمة أيضا عند من يجعل الهوامش في آخر فصل من فصول البحث، وأما التزامها في البحوث الكبيرة التي نضع هوامشها أسفل كل صفحة، ونزودها بفهرس للمراجع في الأخير فهو التزام بلا جدوى.
    ومن الأشياء الشائعة أيضا ويظنها البعض أمرا تعبديا لا جدال فيه: إفراد المقدمة بترقيم خاص ..وذلك في تقديري أمر قديم قد زالت الحاجة إليه، فلابد أن نرجع إلى الأصل وهو ترقيم البحث كله بجميع عناصره ترقيما موحدا..لقد كان الباحث قديما يكتب بحثه على الآلة الراقنة، والمقدمة لا تكتب الكتابة النهائية إلا بعد الفراغ من البحث حيث يسجل تاريخ الفراغ منه، ولا يمكن للباحث أن يقدر عدد صفحاتها بدقة وهو في بداية البحث، لذلك خرج الغربيون من هذا الاشكال بتخصيص المقدمة بترقيم خاص يكون بالأرقام الرومانية..
   وهذه علة قد زالت مع ظهور الحواسيب ونظام "الوورد"، فكان لابد أن يزول هذا الفصل في الترقيم..لكن بسبب التقليد ما زال كثير منا متمكسا به، ولو سئل لماذا؟ لقال :"هذه من أبجديات المنهجية"، ولإعمال مبدأ التعليل فروع كثيرة في هذا الباب نقتصر هنا على هذين المثالين. والله الموفق.

تم قراءة المقال 312 مرة