خطوات في إصلاح اليافعين واليافعات
(1)
تواصل وتواصي بالخير
قررت أم يمان أن تزور جارتها أم أحمد، فقد لاحظت بعد الاتصال بها أنها ليست على ما يرام، وأنها تخفي أمرا يزعجها، فأرادت أن تطمئن عليها، وتقدم لها المساعدة، من باب حق الجار على الجار، عاودت الاتصال بها ونسقت معها موعدا للزيارة، رحبت بها أم أحمد.
جاء موعد الزيارة، فأخذت أم يمان معها بعضاً من الحلوى أعدتها بنفسها، طرقت الباب، ففتحت لها أم أحمد بعد أن تأكدت أن جارتها هي من طرقته.
قالت أم يمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أم أحمد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حياك الله جارتنا الغالية تفضلي.
دخلت أم يمان وجلست في غرفة الاستقبال، وقدمت لأم أحمد بعض الحلوى قائلة: تفضلي هذه أعددتها بيدي أتمنى أن تعجبك.
أم أحمد: بارك الله فيك لم أتعبت نفسك، زيارتك لي أجمل هدية، حسنا سأقوم بإعداد القهوة ونتناول الحلوى معها، أستأذنك قليلا.
أم يمان: هل آتي معك لمساعدتك بشي؟
لا داعي... قليلا وتكون الأمور جاهزة ارتاحي.
جاءت أم أحمد وقدمت لجارتها القهوة، وبعضاً من الحلوى التي أحضرتها الجارة، وجلسن يتجاذبن أطراف الحديث.
أم أحمد: بارك الله فيك، أريد أن أطمئن عليك، كيف حالك وحال أبنائك؟ قلقت عليك عندما تكلمت معك في الأمس شعرت أنك منزعجة، وأنك تخفين شيئا، وأقدم لك المساعدة فأنت جارتي والمسلم يتفقد جيرانه.
أم أحمد: بارك الله فيك وهذا ما عهدته عنك، لهذا رحبت بحضورك وأحببت أن أفضفض لك.
أم يمان: تفضلي، أنت الآن تتكلمين مع أختك، لكن يا جارتي أين أطفالك أحمد وعلي وسلمى؟
لا أرى أحداً في البيت، هل خرجوا في رحلة مع والدهم أم التحقوا بالمراكز الصيفية في هذه العطلة؟
هنا تنهدت أم أحمد، وقالت بصوت حزين: إنهم هنا كلهم في البيت، ولكن كل مشغول في غرفته، وهذا ما يتعبني ويزعجني.
أم يمان مستغربة: مشغولون بماذا! وقد انتهت الدراسة، وجاءت العطلة، وماذا يفعلون في غرفهم؟
أم أحمد: أحمد وعلي عاكفون على الكمبيوتر والأجهزة الخلوية، يتنقلون من هذا إلى ذاك. وسلمى أمام شاشة التلفاز، تتنقل من قناة إلى أخرى. وأصبحوا لا يسمعون الكلام كالسابق، ويتكاسلون عن أداء الصلاة في المسجد، وإذا صلوا في البيت يصلون متأخرين، وسلمى أصبحت مدمنة على برامج التلفاز، من أول العطلة وتنام متأخرة وتستيقظ بعد الظهر أحيانا، وتقلد ما تراه في التلفاز، وتتعبني ببعض طلباتها بسبب تقليدها، والأولاد كذلك يشاهدون برامج وألعابا على الكمبيوتر والخلويات، وأراهم يميلون للعنف والبلادة أحيانا، وأنا قلقة عليهم ثلاثتهم.
هنا قالت أم يمان باندهاش: وهل في غرفة سلمى تلفاز لوحدها؟ وهل الكمبيوتر في غرفة أولادك يجلسون أمامه في خلواتهم بلا حسيب ولا رقيب؟
أم أحمد: بصوت حزين نعم.
أم يمان: أقول لك يا جارتي العزيزة أنت مخطئة، وأين أبو أحمد من هذا، إذا كان يعلم ويوافق فهو مخطئ، ولا تغضبي مني، أنت تعرفين أتني لا أخاف في قول الحق لومة لائم، ومن واجبي النصح لك.
أم أحمد: أبو أحمد يعود من العمل متأخرا متعبا، وهم يجلسون معه قليلا ولكنه ينام مبكرا ولا أحب أن أزعجه؟ وماذا بوسعي أن أفعل!؟ أنت تعلمين أن سلمى ليس لها أخوات، وهي لا تنسجم مع إخوانها الذكور، وأنا أنشغل عنها بالواجبات المنزلية، فتصاب بالملل لذا اضطرت لوضع التلفاز في غرفتها، وهي طفلة لا تشاهد إلا برامج "الكرتون" وبعض المسلسلات التاريخية، عرفت عنها من صديقاتها.
أم يمان: ما هذا الكلام يا أم أحمد عهدتك فطنة وحكيمة أكثر من هذا، فالتلفاز يوضع في "الصالة" أمام مراقبة الجميع، بعد تشفير كل القنوات السيئة، والكمبيوتر كذلك.
لا، لا يا أم يمان لا يذهب فكرك بعيدا سلمى لا تشاهد إلا برامج "الكرتون"، كما قلت لك وبعضا من المسلسلات التاريخية.
أم يمان: ما هذا الكلام يا جارتي؟ وهل تظنين أن أفلام "الكرتون" اليوم كما كانت في زماننا، الآن الكثير منها منتقى بعناية من أعدائنا لطمس الهوية الإسلامية، وتشجيع الأطفال على العنف والتمرد، وكذلك المسلسلات التاريخية لا تخلو من التبرج والاختلاط وبعض المقاطع التي تنافي الأدب. كما أن ألعاب الكمبيوتر والخلويات لا تخلو من المفاسد، بل إنني سمعت أن بعضها يؤدي إلى الانتحار.
أم أحمد: لا حول ولا قوة إلا بالله، ما هذا الكلام، كيف تؤدي الألعاب إلى الانتحار!؟
أم يمان: سأخبرك لاحقا، وسأرسل لك بعض المنشورات والمقاطع حول مخاطر بعض ألعاب الكمبيوتر والخلوي على اليافعين ذكورا وإناثا، وأنتم كأبوين عليكم مسؤولية أمام الله تعالى عن تربية أبنائكم، ألم تقرئي قول الله تعالى: ( يا أيها الذين أمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها"....أرجوك نادي سلمى أريد أن أراها وأتواصل معها.
نادت الأم ابنتها سلمى مرارا ولم ترد عليها وكأنها لم تسمعها.
تعجبت أم يمان قائلة: هل هي مستيقظة الآن أم نائمة؟ إذا كانت نائمة فلا داعي لإزعاجها .
الأم: لا، هي مستيقظة أفطرت وغيرت ملابسها، وذهبت لتشاهد برامجها المفضلة.
أم يمان: هل ممكن أن نذهب سوياً إلى غرفتها؟
قالت أم أحمد: نعم.
(2)
طريق الإصلاح يبدأ بالنصح والإقناع
طرقت الأم الباب، وكأن ابنتها لم تسمع صوت الباب، دخلت الأم والجارة، وإذا بالبنت تشاهد فيلما "كرتونيا" ولكنه ليس كالذي اعتدنا عليه، فهو فيلم يركز على الخيال العلمي، ويبث صورا لنساء شبه عاريات مخلة بالأدب، خجلت الأم كثيرا، وشعرت أنها محرجة جدا مما تراه، صرخت في وجه ابنتها ما هذا!؟ أهذه أفلام "الكرتون" التي تشاهدينها!؟ هل يليق بك مشاهدة هذه المقاطع السيئة؟ أطرقت البنت وجهها إلى الأرض، وتلعثمت في الكلام، وقالت: هذه أول مرة يا أمي، والله لا أكذب عليك. هو مسلسل يركز على الخيال العلمي والإبداع، وأحببت أن أستفيد منه من أجل مادتي العلوم والجغرافيا.
هنا قالت أم يمان: على رسلك يا أم أحمد لا توبخي ابنتك فأنت المخطئة، ثم التفتت إلى سلمى، ووضعت يدها على كتفها بحب وحنان قائلة: أنا أعرفك بنتا خلوقة ومؤدبة ومتفوقة في دراستك، وتهتمين بالاطلاع والاستزادة من العلوم.
قالت سلمى: نعم يا خالتي، وأمي تعرف هذا جيداً، وأنا من المتفوقات في الصف.
أم يمان: نعم يا سلمى لا أشك في ذلك، وأنا أصدق كلامك، لكن هلاَّ تفضلت بالجلوس معنا في "الصالة" أريد أن أتكلم معك يا بنتي قليلا، وقد أحضرت لك حلوى لذيذة ستعجبك كثيرا.
خرجت أم أحمد مع ابنتها سلمى والجارة إلى "الصالة" بعد إغلاق جهاز التلفاز.
قدمت أم يمان الحلوى لسلمى وقالت: تفضلي يا بنتي الجميلة تذوقي، أعرف أنكم أيها الأطفال تحبون الحلوى كثيرا.
تناولت سلمى الحلوى بعد أن شكرت أم يمان وتذوقتها وقالت: إنها لذيذة جدا شكراً لك يا خالتي.
قالت أم يمان وهي مبتسمة: هنيئا مريئا يا جميلتي.
والآن أريد أن أتكلم معك أيتها الفطنة الذكية.
سلمى: تفضلي يا خالة.
أم يمان: علمت من والدتك أنك تقضين الوقت الطويل أمام شاشة التلفاز أليس كذلك؟ وهذا يؤثر سلبا على أخلاقك ونفسيتك وصحتك يا بنتي.
سلمى: لكن يا خالة انأ لا أجد ما أتسلى به، ليس لي أخوات والآن نحن في عطلة صيفية، وأمي تنشغل معظم النهار في أعمال البيت وإخواني لا أنسجم معهم كثيرا، فماذا افعل؟
أم يمان: ابنتي الغالية سلمى، نعم نحن الآن في عطلة صيفية وعلينا أن نغتنمها يما يفيدنا، ولا نضيع الأوقات الثمينة أمام شاشة التلفاز، ففي هذا من الأضرار والمخاطر الشيء الكثير.
سلمى: مخاطر؟ عن أية مخاطر تتحدثين يا خالة؟ أنا في غرفتي وأمام الشاشة، أين المخاطر؟
أم يمان: يا سلمى! يا ابنتي، ما زلت طفلة صغيرة لا تدركين عظيم الخطر، ولا يستوعبه عقلك، ولكن سأشرح لك.
أنا لا أنكر أن التلفاز له ايجابياته، فهو يساعدنا في الاطلاع على ثقافات الآخرين، ويقدم لنا معلومات متنوعة في مختلف المجالات، وفيه من الترفيه والمتعة والتسلية مالا يخفى، لكن له مخاطر على الدين والعقل والصحة، فهو سلاح ذو حدين وعلينا أن نحسن التعامل معه.
سلمى: لا أفهم، كيف يكون التلفاز سلاحا.
أم يمان: انتبهي جيدا يا ابنتي فالتلفاز كالسكين لها منافعها ومضارها.
ضحكت سلمى وقالت: مرة سلاح ومرة سكين! ما هذا الكلام يا خالة.
أم يمان: لا تستغربي يا صغيرتي، أريد آن أسألك سؤالا.
قالت سلمى: تفضلي.
أم يمان: هل للسكين في البيت فوائد؟
سلمى: نعم، أكيد يا خالة.
أم يمان: ما هي فوائدها؟
ردت سلمى: نقطع بها الفاكهة، ونستخدمها في المطبخ لإعداد السلطة وتقطيع الطعام.
هنا سألت أم يمان: وإذا حملها طفل صغير ولعب بها دون وعي بمخاطرها؟
سلمى: سوف تجرحه ويسيل الدم من يده، لذلك أمي كانت تمنعني من حمل السكين، ولا زالت إلى الآن تخاف علي منها.
أم يمان: إذن يا سلمى، فالسكين سلاحٌ ذو حدين إذا أحسنت استخدامه يفيدك في أشياء كثيرة، وإذا أسأت استخدامه يجرحك ويؤذيك، وهكذا التلفاز.
سلمى: الآن فهمت يا خالتي، وأنت تريدين بهذا المثال أن تقولي لي أن التلفاز به النافع والضار وعلينا الاستفادة من النافع وتجنب الضار.
أم يمان: أحسنت هكذا عرفتك ذكية وسريعة البديهة.
ردت سلمى: شكرا، شكرا خالتي، لكن ما هو الحل في هذه العطلة الصيفية، ما هو البديل عن التلفاز؟
أم يمان: سؤالك جميل وفي مكانه أيتها اللماحة؟
وجهت أم يمان النظر والكلام إلى أم أحمد قائلة: تعرفين يا أم أحمد أن في حينا مركز لتحفيظ القرآن الكريم لمدة شهر، وفيه من الفعاليات والأنشطة المتنوعة ما يجعله جاذبا للعديد، فلمَ لا تسجلين سلمى لتستفيد من العطلة.
أم أحمد: فكرة رائعة.
سارعت سلمى في الاستفسار: وما هي الأنشطة يا خالة؟
أم يمان: هناك العديد من الأنشطة أهمها: حفظ جزأين من كتاب الله، وتخيلي كم لك من الأجر والثواب، ففي كل حرف نتلوه من كتاب الله حسنة، ويكفي أنك بحفظ كلام الله تلبسين والديك تاجا في الجنة. ألا تحبين ذلك يا سلمى؟
بلى بلى وماذا أيضا؟
أم يمان: هناك الدروس والقصص النافعة ورحلة علمية وأخرى ترفيهية.
وقفت سلمى وأخذت تقفز من الفرح، وقالت: نعم أنا أحب الرحلات كثيرا.
أم يمان: كما أن هناك فقرات ترفيهية وألعاباً، ومسابقات ومسبحا صغيرا يناسب الأطفال، وفعاليات ممتعة ومسلية.
ردت سلمى: لقد تشجعت لذلك هيا يا أمي أريد التسجيل.
أم أحمد: هل معك رقم المركز وعنوانه.
أم يمان: الآن أتصل بهم لأتأكد من موعد التسجيل والدوام.
اتصلت أم يمان بالمركز فأخبروها أن غدا هو آخر يوم للتسجيل، وأن السبت هو أول يوم للدوام.
سجلت سلمى على الهاتف على أن تذهب بها في الغد لتأكيد التسجيل، ودفع الرسوم الرمزية.
أم أحمد: بارك الله فيك أم يمان ونفع بك.
أم يمان: وفيك بارك، هذا واجبنا يا أختي، فالمؤمن مرآة أخيه، والآن يا سلمى أريد منك طلبا يؤكد لي أنك استفدت من كل كلامي.
سلمى: تفضلي يا خالة.
أم يمان: لابد من إخراج التلفاز من غرفتك، فأنت ستصبحين حافظة لكتاب الله، وعليك أن تكوني على قدر من الهمة العزم والبعد عن التوافه.
ردت سلمى: لكن يا خالة الدوام يوم السبت ماذا أفعل من اليوم إلى السبت؟
نظرت أم أحمد إلى أم يمان مبتسمة وقالت: أنقذيني يا أم يمان من هذه الطفلة المشاكسة.
أم يمان: لا، لا ليست مشاكسة بل إنها من أفضل الأطفال، ألا ترين أنها سارعت في الاستجابة للتسجيل في المركز، ولكنها تبقى طفلة فلابد من إعطاء الحلول ووضع البدائل حتى ننجح في دعوتنا، ثم التفتت أم يمان إلى سلمى قائلة: ومن قال لك إنك لن تشاهدي البرامج المفضلة!؟ ستشاهدينها ولكن هنا في "الصالة" وليس في غرفتك، وسأثق أنك ستبتعدين عن البرامج الضارة، وستشاهدين ما يناسب عمرك. وقبل أن أعطيك الحلول نبدأ أولا بإخراج التلفاز من غرفتك ووضعه في غرفة والديك هذا أفضل.
هنا شعرت أم أحمد أنها تنجز انجازا عظيما بتخليص ابنتها من هذا التلفاز، فأسرعت مع أم يمان إلى الغرفة لإخراج التلفاز ووضعته في غرفة النوم.
قالت أم يمان لأم أحمد: عليك أن تحفزي ابنتك طوال دوامها في المركز، فإذا حفظت الجزء الأول فلها مكافأة مالية، وإذا أتمت الجزء الثاني لها مكافأة أخرىـ وخذيها في رحلة فهي تحب ذلك.
تخرجتا سويا إلى الصالة فتقول أم أحمد لابنتها: لك عندي خبر سار يا سلمى.
سلمى: ما هو الخبر يا أمي؟
أم أحمد: أعدك أنك إذا أتممت حفظ الجزء الأول من القرآن فلك مكافأة مالية قيمة.
فرحت سلمى وسألت: كم هي المكافأة يا أمي؟
أم أحمد: انتظري ولا تتعجلي، وإذا حفظت الجزء الثاني لك مكافأة أخرى تطلبيها بنفسك، وإذا شئت فلتكن رحلة إلى أي مكان تحبين.
سلمى: يا لسعادتي! سوف أجتهد في حفظ الجزأين.
أم يمان: ولكن يا سلمى نريد حفظ القرآن من أجل إرضاء الله ودخول الجنة أولا ثم الحصول على المكافآت الدنيوية.
استأذنت أم يمان للذهاب إلى بيتها، شكرتها أم أحمد كثيرا قائلة: لقد خففت عني عبئا ثقيلا، والآن دوري في التعامل مع تعلق الأولاد بالكمبيوتر وأجهزة الهاتف النقالة.
أم يمان: وفقك الله وسدد خطاك، لكن تحلي بالرفق والصبر والهدوء. وأخبري أبا أحمد بضرورة التدخل في تربية أبنائه وإخراج الكمبيوتر إلى "الصالة"... استودعكم الله.
(3)
(نقطة تحول في حياة سلمى)
في اليوم التالي ذهبت أم أحمد برفقة ابنتها سلمى لتسجيلها في المركز، والتعرف على مرافقه وأنشطته وتشجعت سلمى كثيرًا لما رأته من لطف المعلمات القائمات على المركز، وفي طريق العودة خطر ببال أم سلمى أن تأخذ ابنتها إلى حديقة قريبة لعلها تبعدها عن التلفاز، واتصلت بأختها لتحضر أطفالها، وتم ذلك وكان يوما ممتعا بالنسبة للأطفال حيث اللعب والمرح والانطلاق.
مرت الأيام في المركز، كانت سلمى حريصةً على حفظ جزء (عمّ)، وأمها تساعدها في ذلك كثيرا، وشعرت أنها اقتربت من أمها أكثر، وكما وعدتها أمها عندما أتمت حفظ الجزء الأول أعطتها أمها مبلغا ماليا مكافئة لها، ثم أتمت حفظ جزء (تبارك)، فزاد حبها للمركز ولمعلماتها وتعرفت على بعض الصديقات، وكانت تستمتع معهن في اللعب والسباحة والرحلات، وكم كانت فرحة عندما شاركت في مسابقة ثقافية، وحصلت على جائزة عبارة عن صندوق صغير للمجوهرات عادت به إلى البيت فرحة جدا.
وفي نهاية الشهر كان حفل التكريم، فاجتمعت الأمهات والطالبات الحافظات، وتم التكريم بعد حفل بهيج، تم فيه توزيع الحلوى وسماع الأناشيد الرائعة عن كتاب الله وفضل حفظه، ثم توزيع الشهادات والجوائز على الحافظات بعد شكر أمهاتهن.
تسلمت سلمى شهادة تفوق لحفظها جزأين من كتاب الله، وجائزة عبارة عن حقيبة مدرسية جميلة.
عادت مع أمها إلى البيت، وهي تشعر بالفخر والاعتزاز، أحبت أمها أن تكافئها فقالت لها: أنا عند وعدي لك في ذمتي مكافئة أخرى، وهي الرحلة إلى أي مكان تحبين.
قفزت البنت من الفرح وقالت: نعم أمي أريد الذهاب إلى منتجع فيه مسبح وألعاب، وأريد أن أدعو صديقاتي في المركز للذهاب معي.
إلام: نعم، لك ذلك، ولكن لابد من موافقة أولياء أمورهن.
...رنّ جرس الهاتف النقال فإذا به أبو أحمد جاء ليأخذ أم أحمد وسلمى ليعود بهن إلى البيت.
نادت سلمى بصوتها الطفولي المليء بالفرح: والدي! والدي، حصلت على شهادة وجائزة قيمة لتفوقي في حفظ كلام الله.
أبو أحمد: ألف مبروك يا بنتي الحافظة، وفقك الله ونفع بك الأمة، وهنيئا لنا يا أم أحمد، سنلبس تاجا من النور في الجنة إن شاء الله.
أم أحمد: نعم، إن شاء الله، اللهم أكرمنا بذلك.
أبو أحمد: كيف كان يومكم وكيف كان الحفل؟
أم أحمد: الحمد لله كان حفلا بهيجاً، افتتحوه بقراءة من كلام الله للمتفوقات من صاحبات الأصوات الجميلة الندية، وكانت ابنتكم سلمى من القارئات المتميزات.
أبو أحمد: ما شاء الله، حق لنا أن نفتخر بك أيتها البطلة.
سلمى: بل أنا من يفتخر بكم فلولا جهودكم ما وصلت إلى ما وصلت إليه.
أبو أحمد: ويحق لك إن تطلبي مني هدية مكافئة على انجازك.
فرحت سلمى وقالت: يا حظي! هذا يوم الجوائز والمكافآت، أريد أن نشتري حلوى ونذهب إلى بيت الجدة نقضي عندها يوما كاملا، فقد اشتقت إليها، وأريد أن ألعب مع ابنة خالي.
الأب: حسنا أنا موافق، غدا أذهب بك وبإخوانك سنبقى يوما كاملا.
أم سلمى: إنه طلب جميل حتى أنا اشتقت لوالدتي وكأنها مكافئة منك لي يا سلمى.
بعد الوصول للبيت دخلت سلمى والفرحة تملأ قلبها، جلسوا في "الصالة" وأخرجت الهدية لتريها لأبيها وإخوانها وعبرّت عن فرحتها بكلمات رائعة: يا الله كم ظلمت نفسي بالجلوس أمام شاشة التلفاز طوال هذه الأوقات!
كنت حبيسة الجدران، حرمت نفسي من الخير الكثير، والآن خلال شهر واحد بعد التحاقي بالمركز حفظت جزأين من كلام الله، لقد تعرفت على معلمات وصديقات جدد، لعبنا ولهونا بما هو مفيد مباح، تحركنا وعشنا أجواء من الفرح والمرح، ذهبنا إلى رحلات علمية وترفيهية وتعلمنا السباحة، وما كنت لأعيش هذه الأجواء الجميلة لو بقيت حبيسة أمام شاشة التلفاز، كم يحق لنا أن نشكر القائمين على هذه المراكز الرائعة فهم ينتشلون آلاف الأطفال من الضياع، ويأخذون بأيدينا إلى الجادة.
أبو أحمد مبتسما: وقد ازداد نضجك، وأصبحت تتكلمين كلام الكبار، بارك الله فيك ابنتي كم أنا فخورٌ بك.
أم أحمد: الحمد لله نشكر القائمين على هذه المراكز، ولا ننسى أن نشكر جارتنا الغالية أم يمان، فزيارتها لنا كانت بركة، والدال على الخير كفاعله، اليوم سأدعوها إلى بيتنا وسأصنع حلوى لذيذة ونحتفل بك يا سلمى ونشكرها ما رأيك؟
سلمى: إنها فكرة جميلة، إنه يوم الاحتفال والمكافئات، يا له من يوم جميل!
أم أحمد: هذه مكافئات من البشر فكيف بمكافئات رب البشر كم سنكون سعداء بها!
اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا ونور دروبنا.
انتهى
للاتصال المباشر يستعمل رقم الهاتف : 0550660118 ...
عقوبة من يدعو إلى دين غير الإسلام في الجزائر ...
صدر كتابان جديدان في يناير سنة 2020 للدكتور محمد حاج عيسى عن دار الإمام مالك البليدة الجزائر 1-عبادة الشكر..يقع في 70 صفحة من الحجم الصغير 2-الوصول إلى الضروري من علم… ...
قائمة الكتب المطبوعة...1-عقيدة العلامة ابن باديس السلفية وبيان موقفه من العقيدة الأشعرية، ومعه أضواء على حياة عبد القادر الراشدي القسنطيني ط1-2003 2-أصول الدعوة السلفية عند العلامة ابن باديس، ط1-2006 3-عوائق… ...
صدر في جويلية 2022 كتاب منهجية البحث في العلوم الإسلامية يقع في 64 صفحة وقد ضمنته برنامج السنة الأولى الجذع المشترك ...
تم بحمد الله التفرغ لتبييض جميع حلقات تربية الأولاد في الإسلام وتم نشرها كلها خلال الشهر الفارط وسنتفرغ بإذن الله لتبييض حلقات شرح منهج السالكين ونشرها تباعا ...
تطلب مؤلفات أد محمد حاج عيسى من موزرع دار الإمام مالك رقم 0552959576 أو 0561461020 ...
صدر في سنة 2021 كتاب منهج البحث في علم أصول الفقه يقع في مجلدين وهي أطروحة للدكتوراه عن دار البصائر العراقية في استنبول . ...
أنشأنا في الموقع فرعا جديدا تحت ركن الدروس والمحاضرات وسميناه : دروس العقيدة الاسلامية للمبتدئين وهو برنامج ميسر للتدريس في المساجد والمدارس القرآنية ...