الأربعاء 26 ذو الحجة 1442

القاديانية بين الكفر والعمالة

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

القاديانية بين الكفر والعمالة

يصف الباحثون والعلماء ما يحدث من تسارع وتيرة التقدم التكنولوجي في وسائل الإعلام بالثورة المعلوماتية، ويتحدث بعضهم عن الانفجار المعرفي بفعل هذا الكم الهائل من المعلومات التي تنشرها وسائل الاتصال الحديثة، خصوصا الانترنت والفضائيات وغيرها، إلا أن الانفجار المعرفي جلب معه الغث والسمين، الصالح والطالح ، النافع والمضر...، لقد باتت الأفكار الهدامة والمذاهب الفكرية السخيفة والخبيثة تنتقل بين الناس بسرعة الضوء، حتى دخلت كل بيت، وفي غمار هذه الثورة أضحى المسلمون مهددين في عقائدهم وهويتهم وأوطانهم أكثر من أي وقت مضى، وفي هذا المقال المتواضع كشف لنوع من تلك السموم الخطيرة التي تواجهها الأمة، وهي القاديانية الاحمدية.

انسلت الديانة الأحمدية القاديانية إلى دار الإسلام والى بيوت المسلمين عبر قنوات فضائية، خصوصا قناة mta العربية، التي يلتقطها العالم العربي بسهولة على الأقمار العربية والأجنبية، ولقد بدأت بالفعل سموم هذه القناة تُؤِتي مفعولها، إذ بدأ بعض الغافلين والجاهلين بحقيقة هذه القناة السامة، يتحدثون بإعجاب عن برامجها، التي وصفها بعض هؤلاء بالجرأة وآخرون بالشيقة وآخرون بالأصالة في الطرح...، بل ذهبت ثلة من هؤلاء إلى الزعم بأن القناة كرست نفسها لحماية بيضة المسلمين، والذود عن حياض الإسلام، والوقوف أمام هجمات المغرضين من أعداء الدين، لاسيما النصارى.

إن هذا المسلك الذي تسلكه القناة في الولوج في المناظرات مع النصارى والمنصرين، هو نفسه المسلك الذي تبناه مؤسس هذه الديانة، الغلام ميرزا أحمد، مهدي الأحمدية ومسيح القاديانيين في بدايات دعوته، حيث أنه اشتهر بكثرة المناظرات والخصومات إلى حد الإسفاف واستخدام البذاءة مع المنصرين في الهند، ولقد ذاع صيته في هذا المجال حتى أُعجب به العوام وفُتنت به الجماهير، خصوصا أنه في تلك المرحلة لم يكن بعد قد ادعى المهدية أو المسيحية أو النبوة، مما سهل تأثر الناس به كشخصية إسلامية دعوية، لكنه بعد أن استتب له الأمر وجمع حوله رعاع الناس، شرع شيئا فشيئا في نفث الأفكار الهدامة بينهم، فإذا لم يجد معارضة استمر في سبيله الهدام، وإذا لقي مواجهة في موضوع ما ادعى عكسه، وتذرع بأنه لم يُفهم، واستمر على هذا المنوال النفاقي المراوغ، يخشى على دعوته من علماء الهند من أهل السنة، الذين كانوا له بالمرصاد، ولم يستطع البوح بدينه السام إلا بعدما احتضنه الإنجليز وأوفدوا له من الشرطة من يحميه في حله وترحاله، فكثر أتباعه، واستقوى بالغازي المستعمر وبالمغترين من تلاميذه الأوفياء، الذين اشترى ولاءهم بالمال والامتيازات من أموال المتبرعين المساكين، التي كان يجمعها لغرض الرد على الصليبين، فإذا به يتحالف مع أولئك الصليبيين ضد أولئك المتبرعين المساكين، ليقضي على عقيدتهم الإسلامية بعدما قضى المستعمر على حريتهم.

ولقد تتبعتُ تصريحات وكلمات مقدمي برامج القناة التلفزيونية السامة للأحمدية، فوجدتها لا تخرج عن خط مسيحها المنتظر، من حيث إبراز القاديانية كجماعة إسلامية مسالمة وحمامة سلام تنشد التآلف مع الجميع، ولا تبغي الحرب أو الجهاد ضد غير المسلمين، الذين تجتنب وصفهم حتى بالكفر، وفي نفس الوقت تلمز جميع الجماعات الإسلامية السنية، كونها بزعمها تدعو إلى العنف وتمارسه!، ولقد وصل بالقناة أثناء مناقشة أبواب الجهاد والقتال في القرآن والسنة، ردا على شبهات النصارى، إلى تحريف معاني الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وتأويلها تأويلات لم يقل بها أحد من العالمين، فضلا عن أحد من المفسرين أو المحدثين.
ولا تعتقد في الجهاد تشريعا صالحا لكل زمان ومكان، بل تزعم أنه حكم نُسخ بنزول المسيح الميرزا أحمد، لذا فالقناة لا ترى الجهاد في أفغانستان أو العراق أو فلسطين أو في أي أرض من أراضي دار الإسلام، فلا عجب إذن أن تفتح الأنظمة الغربية المستعمرة ذراعيها لأتباع هذه الديانة، وتفسح لها المجال لتسرح وتمرح حيث تشاء وكيف تشاء، في أوروبا والأمريكيتين واستراليا وأفريقيا وداخل الكيان الصهيوني، حيث تملك أكبر مقراتها العالمية.

لذا فإنني لم أتفاجأ عندما رأيت بثا مصورا واحتفالا بهيجا أقامته الجماعة القاديانية الاحمدية في فلسطين المحتلة، وكان الاحتفال إفطارا رمضانيا، كما أنني لم أستغرب عندما رأيت أن ضيف الشرف الذي دُعي لمائدة الإفطار رئيس الكيان الصهيوني شمعون بيريز، وقد كُرم هذا الضيف أحسن تكريم، إطعاما ومدحا، في الوقت الذي كان يبيت الصائمون الحقيقيون من أهل السنة والجماعة من المسلمين في غزة تحت القصف والحصار إلى حد التجويع الجماعي.

فما هو سر القاديانيين مع الجهاد؟
وما هو موقفهم من المستعمر الكافر؟
وكيف بدأ الغرام بين حمامة السلام الغلام القادياني والإنجليز؟
تعود العلاقة بينهما إلى العلاقة ما بين الإنجليز المستعمرين وأسرة غلام ميرزا، فقد كانت تلك الأسرة غنية جدا، وبعد أن استولت السلطة القائمة على ممتلكات الأسرة أعادت بريطانية كثيرا من تلك الممتلكات، التي صودرت قبل الاستعمار، فلم تنس الأسرة هذا الجميل للبريطانيين، ولقد ذكر الغلام ميرزا هذه الحادثة قائلا: " ثم ردّ الله إلى أبي بعض القرى في عهد الدولة البريطانية".

لذا ارتبطت كل الأسرة بالولاء التام والإخلاص الصادق للمستعمر، ويفخر الغلام ميرزا بذلك ويقول متبجحا: "لقد أقرت الحكومة بأن أسرتي في مقدمة الأسر التي عُرفت في الهند بالنصح والإخلاص للحكومة الإنجليزية، ودلت الوثائق التاريخية على أن والدي وأسرتي كانوا من كبار المخلصين لهذه الحكومة من أول عهدها، وصدّق ذلك الموظفون الإنجليز الكبار".

ويذكر الميرزا بعض تلك الخدمات التي يفخر بأن أسرته قدمتها للمستعمر، ومنها قوله: "لقد قدم والدي فرقة مؤلفة من خمسين فارسا لمساعدة الحكومة الإنجليزية في ثورة 1857، وتلقى على ذلك الشكر والتقدير من رجال الحكومة"، ويستمر مفتخرا: "وكان أخي الأكبر- غلام قادر- بجوار الإنجليز على جبهة من جبهات حرب الثورة".

ويكشف لنا تصريح أحد الحكام الإنجليز، ويُدعى نيكولسن حجم العلاقة الحميمة بين الجانبيين، فيكتب مادحا أسرة الميرزا أحمد القاديانية: "إن في قاديان تسكن هذه الأسرة التي وجدنا فيها دون جميع الأسر الوفاء للإنجليز".
وهذا النيكولسن هو نفسه من يقول عن المجاهدين: "علينا أن نسن قانونا يبيح لنا إحراق الثوار وسلخ جلودهم وهم أحياء، لأن نار الانتقام التي تأججت في صدورنا لا تضمد بالشنق وحده".
وبعدما ظهرت دعوة أحمد القادياني، وجدت الحاضن الطبيعي لها عند الإنجليز، الذين دعموها بالمال والحماية، فقابلها الميرزا بالمثل فأفتى بحرمة الجهاد ضد الإنجليز في فتاوي متتالية، صاح بها على المنابر وسودها على صحائف كتبه، بلغة ركيكة وأسلوب هزيل وفقه ملتو ونية خبيثة.
زعم المفتري على الله في كتيبه المسمى (الأربعين) أن جهاد الكفار حكم منسوخ فقال: "لقد أُلغي الجهاد في عصر المسيح الموعود إلغاء تاما"، وقال في (الخطبة الإلهامية): "لقد آن أن تُفتح أبواب السماء، وقد عُطل الجهاد في الأرض، وتوقفت الحروب، كما جاء في الأحاديث، لأن الجهاد للدين يحرم في عهد المسيح، فيحرم الجهاد من هذا اليوم، وكل من يرفع السيف للدين ويقتل الكفار باسم الغزو والجهاد يكون عاصيا للسنة والرسول".
ويقول في كتيبه المسموم (ترياق القلوب): "إن الفرقة الإسلامية، التي قلدني الله إمامتها وسيادتها، تمتاز بأنها لا ترى الجهاد بالسيف ولا تنتظره، بل إن الفرقة المباركة لا تستحقه سرا كان أو علانية وتحرمه تحريما باتا".
فما هي براهينه؟
وأين هي حججه؟
إنها سفسطة مخبول، وهرطقة مجذوب، وأوهام مُدع للنبوة والمهدية والمسيحية، نعم، فإنه إن يكن يدعي أنه المسيح والنبي والمهدي، فهو بحق مسيح دجال ونبي كاذب ومهدي يهذي ويهدي أتباعه إلى الضلالة، يقول هذا المهدي المزعوم بلغة مسلسلة بالأخطاء: "أنا لا أعتقد أن مهدي هاشمي قرشي سفاح ينتظره الناس من بني فاطمة، يملأ الأرض دما، ولا أرى مثل هذه الأحاديث صحيحة بل هي كومة من الموضوعات، نعم، أدعي لنفسي أني أنا المسيح الموعود الذي يعيش متواضعا مثل المسيح، متبرئا من القتل والحرب، كاشفا عن وجه ذي الجلال بالطريق السلمي والملاطفة، ذلك الوجه الذي احتجب عن أغلب الأمم، إن مبادئي وعقائدي وتعليماتي لا تحمل طابع المحاربة والعدوان، وأنا متأكد من أتباعي كلما زاد عددهم قل عدد القائلين بالجهاد المزعوم، لأن الإيمان بي كمسيح ومهدي معناه رفض الجهاد".
وفي خطبة إلهامية أشبه بالهذيان يصرخ قائلا: "إن هذا الفتح ـ يعني للإسلام في آخر الزمان ـ لا يُتاح بالأسلحة المصنوعة بيد البشر بل بالحرية السماوية التي تستعملها الملائكة، لذلك فقد وُضع الجهاد بالسيف منذ اليوم بأمر الله، فمن رفع السيف بعد هذا على الكفار مسميا نفسه غازيا فقد عصى رسول الله، الذي أنبأنا منذ ثلاثة عشر قرنا من الزمان أن يُوضع الجهاد بالسيف عند ظهور المسيح الموعود، فلا جهاد بالسيف عند ظهوري، وها قد رفعنا اللواء الأبيض للصلح والأمان".
ويقول:"إن اللّه خفف شدة الجهاد، أي القتال في سبيل اللّه بالتدريج: فكان يُقتل الأطفال في عهد موسي، وفي عهد محمد أُلغي قتل الأطفال والشيوخ والنسوان، ثم وفي عهدي (!!) أُلغي حكم الجهاد أصلاً".
ومن أقواله كذلك: "اتركوا الآن فكرة الجهاد، لأن القتال للدين قد حُرم، وجاء الإمام والمسيح، ونزل نور اللّه من السماء، فلا جهاد، بل الذي يجاهد في سبيل اللّه الآن فهو عدو اللّه، ومنكر للنبي".
ومن أسخف أدلته على حرمة جهاد الانجليز والكفار الظالمين كونهم، كما يزعم، ولاة أمور المسلمين الذين تجب طاعتهم ويحرم الخروج عليهم بالسيف، فيقول في ذلك: "لعنة الله على من لا يريد أن يكون تحت أمر الأمير مع أن الله قال أطيعوا الله والرسول وأولي الأمر، فالمراد من أولي الأمر هاهنا هو الملك المعظم، ولذا أنا أنصح مريدي وأشياعي بأن يُدخلوا الانكليز في أولي الأمر ويطيعونه من صميم قلوبهم، وكيف لا يُطيعون وهم وأبناؤهم صنيعة أيديهم وثمرة غرستهم".
كما أنه يرى أن الاستعمار الغربي وأعداء الإسلام هم من جلبوا الأمن والأمان إلى بلاد المسلمين، حتى إنه يفضلهم في ذلك على حكام المسلمين، لذا نراه يمتدحهم بقوله: "ولولا سيف الحكومة لأرى منكم ما رأى عيسى من الكفرة، ولذلك نشكر هذه الحكومة لا بسبيل المداهنة بل على طريق شكر المنة، ووالله إنا رأينا تحت ظلها أمناً لا يرجى من حكومة الإسلام في هذه الأيام، ولذلك لا يجوز عندنا أن يرفع عليهم السيف بالجهاد، وحرام على جميع المسلمين أن يحاربوهم ويقوموا للبغي والفساد، ذلك بأنهم أحسنوا إلينا بأنواع الامتنان".
وهذا الادعاء الكاذب يرده تصريح نيكولسن الانجليزي نفسه الذي كان يدعو إلى سلخ جلود الثائرين، أما الأمان والأمن فقد أعطاه المحتلون في بلادنا للخونة وأبنائهم، من أمثال القادياني وأسرته وأتباعه، وهو شبيه بما فعلته فرنسا بأتباعها في الجزائر، في الوقت الذي أبادت مئات الآلاف من المخالفين لها.
ولم يعتمد القادياني في دعوته على مجرد الحض الكلامي على ترك الجهاد، بل تولى هو وجماعته الخبيثة مقاومة هذه الشعيرة الباقية ما بقي الظلم والطاغوت، فنجده يصرح بلا خجل: "إن هذه الفرقة (القاديانية) لا تزال تجتهد ليلاً ونهارًا لقمع العقيدة النجسة، عقيدة الجهاد من قلوب المسلمين".
وكان يفخر بتلك الخدمات الخيانية بقوله: "لقد قضيت معظم عمري في تأييد الحكومة الإنجليزية ونصرتها، وقد ألفت في منع الجهاد ووجوب طاعة أولي الأمر ـ الإنجليزـ من الكتب والإعلانات والنشرات ما لو جمع بعضها إلى بعض لملأ خمسين خزانة!! وقد نشرت جميع هذه الكتب في البلاد العربية ومصر والشام وتركيا، وكان هدفي دائماً أن يصبح المسلمون مخلصين لهذه الحكومة، وتمحى من قلوبهم قصص المهدي السفاك والمسيح السفاح، والأحكام التي تبعث فيهم عاطفة الجهاد وتفسد قلوب الحمقى".
وقد زعم هذا الدجال العميل أنه نجح إلى حد كبير في مهمته القذرة في ثني المسلمين عن مقاومة وجهاد المحتلين، فنراه يخاطب في رسالة قدمها إلى نائب حاكم المقاطعة: "لقد ظللت منذ حداثة سني ـ وقد ناهزت اليوم الستين ـ أجاهد بلساني وقلمي لأصرف قلوب المسلمين إلى الإخلاص للحكومة الإنجليزية والنصح لها والعطف عليها، وألغي فكرة الجهاد التي يدين بها بعض جهالهم، والتي تمنعهم من الإخلاص لهذه الحكومة، وأرى أن كتاباتي قد أثرت في قلوب المسلمين، وأحدثت تحولاً في مئات الآلاف منهم".
لكن الغريب أن الجهاد الذي أسقطه القادياني، إنما هو الجهاد ضد الكفار، أما الجهاد دفاعا عن الإنجليز ضد المسلمين وضد المستضعفين من الناس فقد أقاموا سوقه، ورفعوا لواءه فانتشرت شرارته في كل مكان، حتى صار القتال إلى جانب الغزاة هو ذروة سنام الديانة القاديانية، قال الميرزا: "إن ألم الحكومة البريطانية هو ألمنا، لذا فإن الاحمديين يفخرون بأنهم أراقوا دماءهم في فتح العراق مع بريطانيا".
كما كان محمود أحمد أحد خلفاء ميرزا القادياني يقول: "إن الجنة تحت ذلك السيف المسلول، الذي يُسل للدفاع عن الإمبراطورية البريطانية".
وفي خطاب ألقاه هذا المتملق خليفة الميرزا، حين استولت بريطانيا على العراق؛ قال فيه: "إن علماء المسلمين يتهموننا بتعاوننا مع الإنكليز، ويطعنوننا على ابتهاجنا على فتوحاته، فنحن نسأل: لماذا لا نفرح ولماذا لا نُسرُّ؟ وقد قال إمامنا بأني أن المهدي وحكومة بريطانيا سيفي، فنحن نبتهج بهذا الفتح ونريد أن نرى لمعان هذا السيف وبريقه في العراق وفي الشام وفي كل مكان".
وقال أيضاً عندما احتلت بريطانيا القدس، تمهيدا لتقديمها للصهاينة فيما بعد: "نحن نشكر الله ألف وألف مرة على فتوحات بريطانيا، وأن سبب الابتهاج والسرور لأن إمامنا (الميرزا) كان يدعو لفتوحاتها وكان يوصي جماعته بالدعاء لها، وأيضاً فتحت لنا أبواب الدعوة إلى القاديانية التي كانت مسدودة قبل الآن، وهذا كله لامتداد دولة بريطانيا إلى بلدان أخرى".
فأين فتاويهم بتحريم الحرب؟
وأين فقههم في وضع السيف؟
لقد كانت القاديانية الاحمدية تقدم كل هذه الخيانات مقابل أن يتيح لها المحتلون حرية النشاط لدعوة المسلمين لاعتناق مذهبها العقدي الكفري، فقد كان الغلام أحمد الميرزا يسعى دائما لبسط أفكاره المريضة في عوام الناس بمباركة ومساعدة الاحتلال، فقد كان ذلك غاية طموحه فيقول: "والمأمول من الحكومة أن تعامل هذه الأسرة التي هي من غرس الإنجليز أنفسهم ومن صنائعهم بكل احتياط وتحقيق ورعاية، وتوصي رجال حكومتها أن تعاملني وجماعتي بعطف خاص ورعاية فائقة" ويقول: "إن حكومة بريطانيا هي ترس لنا نتقدم إلى الأمام تحت وقاية هذا الترس، الذي لو أُبعد لمزقنا من الرماية، فاتحدنا وصار رُقيها وعلوها رقينا وعلونا، ودمارها دمارنا".
وفي تفسير قوله تعالى (وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ) المؤمنون: 50، قال الغلام: "ولما جعلني الله عز وجل مثيل عيسى، جعل لي السلطنة البريطانية ربوة أمن وراحة ومستقراً حسناً؛ فالحمد لله مأوى المظلومين، ولله الحكم والمصالح، ما كان لأحد أن يؤذي من عَصَمَهُ الله، والله خير العاصمين".
ويشكر بحرارة بريطانيا التي أتاحت له هذه المساحة للحركة الدعوية فيقول في كتابه (ضرورة الإمام) وفى رسالته (تحفة قيصرية): "أنا أشكر الله عز وجل أنه أظلني تحت ظل رحمة بريطانية، التي أستطيع تحت ظلها أن أعمل وأعظ، فواجب على رعية هذه الحكومة المحسنة أن تشكر لها، وعليّ خصوصا أن أبدى لها الشكر الجزيل، لأني ما كنت أستطيع أن أنجح في مقاصدي العليا تحت ظل أية حكومة أخرى سوى حكومة حضرة قيصر الهند".
أليست خدعة أخرى لتضليل أصحاب الحقوق المسلوبة ليتخلوا عن حقهم في المقاومة، أليست دعوة الاحمدية القاديانية إلا حملة غرضها تضليل الأمة، وتزييف الوعي، وقتل الروح المعنوية، وتثبيط العزائم، وهدم البنيان من الداخل، وغرس فكر الانبطاح وسياسة الاستسلام للعدو، ليُقضى عليه فيما بعد بلا رحمة؟
لقد تنبه لهذا الطابور الخامس وخطره الزعيم الهندي المناضل الثائر (نهرو) فكتب بعد عودة من أحد أسفاره في الأرض الهندية المغتصبة: "إنني في سفري هذا أخذت درسا جديدا، هو أننا إذا أردنا أن نُضعف قوة بريطانية علينا أولا أن نضعف الجماعة القاديانية".
فهذا هو السبيل فلا مناص من الانتصار على المغتصب إلا بإضعاف جنوده في الخفاء، وإقصاء طابوره الخامس، وذلك بفضح طريقتهم، وكشف زيف إعلامهم، والتحذير من مخططاتهم، وقبل كل ذلك الاستماتة في الدعوة إلى الكتاب والسنة ومنهج سلف الأمة، لتحصين المسلمين من كل فكر خبيث، وعدم تركهم يتخبطون في جهلهم وغفلتهم وأُميتهم الدينية تتخطفهم القنوات الفضائية الفسقية والبدعية والكفرية.
وإن المسلم اليوم ليعجب كيف لم تتفطن الحكومات في البلدان المسلمة، ومها الجزائر، إلى هذا الوباء العقدي والاستعماري الذي يستهدف عقيدة الجزائريين وأرضهم، فلا نرى أي نشاط دعوي منهجي تقوم به الجهات المعنية المسؤولة على الحفاظ على دين الجزائريين وبلادهم، فمن المسؤول عن هذا التراخي أمام كل هذه التحديات؟
متى يفيق المسؤولون في بلادنا ومعهم العلماء وطلبة العلم؟
ألا يسمعون بنشاط القاديانية والشيعة الروافض والمنصرين وعبدة الشيطان والعلمانية الوقحة...؟
لماذا يغمضون أعينهم ويتجاهلون عمدا تحركات المخططين لتدمير ديننا الإسلامي السني لاستبداله بكل هذه العقائد والأديان الباطلة والهدامة؟
هل ثمة مخططات وضغوط خارجية لا نعرفها؟
هل هناك مؤامرات داخلية لا نعلمها؟
أم وراء الأكمة ما وراءها!!؟

تم قراءة المقال 318 مرة