Your Logo Text

الرسالة الغراء في نصيحة القراء

صحافة اليرموك، العدد 271 ..السبت 9 ذو القعدة 1413 الموافق 1 ماي -أيار- 1993
    أوشك الفصل الدراسي الثاني على الرحيل، وكلنا نشاط واجتهاد في أداء الامتحانات وتحصيل العلامات ونجاح في المساقات، مساقات الأدب والفنون والعلوم وغيرها...
    ثم ماذا بعد؟ هل يتوقف الماء عند هذا الحد أم ينظر إلى أبعد؟
     فثمة مساقات هامة وعظيمة رسب فيها كثيرون وانسحب منها آخرون ومنهم أساتذة ومدرسون، فحري بكل مسلم منا أن يتساءل ما هي هذه المساقات، فيبادر لمعرفة سبب فشله فيها لعله يتداركها قبل فوات الأوان ويندم حين لا ينفع الندم.
     والناجح في هذه المساقات لن يحصل على درجة علمية أو شهادة جامعية بل سينال شهادة أخروية مكتوب أعلاها " وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين".
  ???? أول هذه المساقات ورمزه (أأ١) وهو مساق الإيمان بالله، وهو من أعظمها وأصعبها، فعلى كل مسلم أن يتساءل ما مقدار إيمانه بالله وتعظيمه له والائتمار بأمره والانتهاء عن نهيه، فهل كنت تطيع ربك أم نفسك؟ هل وحدت الله على حقيقته وأفردته تعالى بربوبيته وألوهيته  وأسمائه وصفاته، أم جعلتها لغيره من حيث تدري أو لا تدري؟ هل كان إيمانك بالله أيها المسلم هو قائدك أم كانت وساوس الشيطان وزبالة الأذهان؟ ولتعرف مدى نجاحك في هذا المساق سل نفسك أكنت مؤمنا حقا أم ادعيت الإيمان زورا وتمنيت على الله الأماني، وكما قلنا فهذا المساق تتوقف عليه  جميع المساقات الأخرى.
   ???? المساق الثاني ورمزه (ع أ٢) وهو عبادة الله تعالى، فالأيام تمر والفصول تنقضي ويقترب وعد الله الحق، فماذا أعددت لذلك اليوم العصيب من تعبد وتذلل لله، من صلاة وصيام و أمر بمعروف ونهي عن منكر...؟   
   هل نافست إخوانك في الصف الأول والأذان وقراءة القرآن، أم كنت تجلس هناك تحت الشجر وفي خبايا الزوايا تتبادل رسائل الشوق والوصال بينما قطعت مع هاتف "حي على الفلاح" الاتصال؟
   كم فرطت أيتها الأخت الكريمة في هذا المساق بترك أمر الله في الحجاب والتستر واتبعت فنون التبرج والسفور وموضات الشرق والغرب؟
   أكان الحجاب والنقاب دينك وديدنك أم أن الجينز والجيب والفيزون...مناك وغايتك ؟
   وننصحك أختي أن تسلكي طريق بعض أخواتنا الائي نجحن في هذا المساق بعلامات كاملة وقدرة عالية وأنت تعرفينهن جيدا.
   ???? المساق الثالث ورمزه ( أر٣) وهو اتباع الرسول _ عليه السلام _ فكم كان مقدار اتباعك لنبيك حبيبك وقدوتك محمد _ عليه السلام _ هل كانت أعمالك وأقوالك توافق سنته وهديه أم ألقيت بسنته وراء ظهرك.
   اعرض نفسك على نبيك وشخصك على شخصه في عقيدتك وعبادتك وخلقك ظاهرك وباطنك ثم احكم بنفسك على نفسك فستعلم بعدها أكنت من الناجحين أم الراسبين وكفى بك اليوم على نفسك حسيبا.
   ???? المساق الرابع ورمزه ( دأ٤) وهو الدعوة إلى الله، وفي الحقيقة أن قليلا من رسب في هذا المساق، لا لأنه كان سهلا فكانوا من الناجحين، لكن لعزوف أكثرهم عن أخذ هذا المساق ظنا منهم أنه مادة حرة كيف لا والدعوة إلى الله، في نظرهم فرض كفاية و أكثر الناس قد استراحت من فروض الكفاية  من زمن بعيد متكلين على غيرهم في حمل هذا العبء الثقيل، والله يقول: (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين)
     فلما لا تشفق أخي على إخوانك الذين ضلوا السبيل فتدعوهم إلى خير الإسلام ونعمته.
    ولما لا تشفقين أختي على أخواتك اللائي خدعن وغرر بهن والأمر في ذلك سهل فخذي من خزانتك التي تعج بالأحجبة حجابا وأهديه لمن لا تملكه وترغب بلباسه وقد أمر الرسول _ عليه السلام _ في صلاة العيد النساء بالخروج إلى المصليات وأن تعطي كل مسلمة حجابا لأختها إن لم يكن لها حجاب، وهذا كما قلنا للخروج للعيد في المصلى فما بالك بالخروج إلى الشارع والجامعة !؟
     لما لا تهدين إلى أختك الشريط الإسلامي الهادف والكتاب المفيد ..فلا تكوني معتزلة ولئن يهدي الله بك أختا واحدة خير لك مما طلعت عليه الشمس، والناس فيهم خير كثير لكن هم بحاجة لمن يأخذ بأيديهم فقط.
     وهناك بعض إخواننا من خاض غمار الدعوة، ونحن لا نشك في إخلاصهم لهذا الدين أبدا، بل لعلهم أخلص منا، لكن لا خير فينا إن لم نقلها، فكان بعضهم كالمبحر بدون بوصلة ولا مجذاف ولا خريطة، وكم من مريد للخير لن يبلغه، فقد كانت تنقصهم مساقات سابقة كالعلم والعقيدة والصبر والحكمة ..فننصح هؤلاء بسحب هذا المساق مؤقتا، وأقول مؤقتا، ويراجعوا مرشدهم الرسول _عليه السلام _ فيبين لهم الطريق السليم و الأسلوب الحكيم، ثم ليرجعوا إلى الدعوة مرة أخرى فهناك تثمر الدعوة ويومئذ يفرح المؤمنون.
      وجماع نصيحتي في الأخير أن أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله، فالتقوى هي الدرة المفقودة والغاية المنشودة، والموصون بالتقوى كثير والعاملون بها قليل، وليس معنى هذا أن من نصح بالتقوى فهو تقي، فأنا والله أول المقصرين المفرطين وهذا ليس تواضعا (بل الإنسان على نفسه بصيرة) وهذا رغم ما امتدحنا به بعض الناس ونقول مثلما كان يقول أبو بكر _رضي الله عنه_  إذا امتدحه أحد: " اللهم لا تآخذنا بما يقولون واجعلنا خيرا مما يظنون" ونسأل الله أن نكون في حسن ظنكم بنا _ رغم تقصيرنا وتفريطنا_ ووفقنا الله لنكون دعاة وهداة إلى الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم آمين.