Your Logo Text

هل ينجو الكافر في الآخرة؟

قرأت كلاما قبل أيام لبعض من يُنسب إلى العلم ممن يهدف بفتاويه وآرائه إلى إرضاء السلطان، أو الظهور بمظهر الاعتدال والتوسط مع الكفار لغايات مادية ومعنوية، يقول عن "الكنائس أنها بيوت الله كالمساجد"!، ثم بعدها رأينا دولة عربية بعينها تتعمد منذ سنوات قليلة هدم الدين الحق بجرأة، فشيدت معبدا يتشاركه أصحاب الرسالات السماوية الثلاثة: الإسلام واليهودية والنصرانية...طبعا وهذه الدعوة ليست جديدة فقد دعا لها كثيرون فيما يسمى الديانة الإبراهيمية.
ومما يستند إليه أصحاب هذه الفكرة المنحرفة أن كل الديانات السماوية من أصل واحد ومشكاة واحدة، والله سبحانه أرسل الرسل وأنزل الكتب بوحيه لذا فهم يدعون أهل الكتاب، وهؤلاء ليسوا مشركين ولا كفارا بل مؤمنين، والأغرب أنني سمعت كثيرا من المسلمين يستدلون بقوله تعالى "لكم دينكم ولي دين"! في سياق الإنكار على من يكفِّرهم أو يدعوهم إلى الإسلام أو يدعو إلى عدم تهنئتهم بأعيادهم...وهذا من أشد الحمق والجهل لأنهم لو رجعوا إلى سبب نزول هذه السورة في القرآن لعرفوا أن المقصود بها هم مشركو قريش وليس أهل الكتاب، فقد ورد أن قريشا جاءت تفاوض رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في صفقة دينية روحية وهي بأن تعبد قريش إله محمد صلى الله عليه وسلم عاما واحدا ويعبد محمد صلى الله عليه وسلم آلهة قريش عاما واحدا. فنزل الوحي في الحال في سورة يحمل اسمها الدلالات العميقة، هي سورة الكافرون:
سورة الكافرون تقف أمامنا لتقرر أن أنصار الكفر نسميهم كفارا، وليس "غير المسلمين" أو "غيرنا" أو "الآخر" ونحوها من الكلمات المشحونة بالخذلان والإحساس بالدونية والميوعة، ولا يخشى المسلم من أن يوصف بالتكفير ويشنع عليه بالتشدد أو التزمت أو التعصب والكراهية، لأن من سمّاهم كذلك هو رب العالمين، فكما سمانا نحن مسلمين سماهم كافرين.
تُعلمنا كذلك سورة الكافرون مبدأ المفاصلة التامة بين الإيمان والكفر، والمقاطعة الصارمة بين الحق والباطل، فلا اختلاط ولا امتزاج ولا موالاة ولا تنازل ولا اعتراف بالكفر أو الخنوع والخضوع له...وليس يعني ذلك إباحة التعدي على الكافر وظلم الفاجر، كلا.. فقد شرع الله شريعة محكمة تُدير كل العلاقات بين المسلمين والكفار، وتحدد بدقة الضوابط التي تسيرها في السلم والحرب.
إن من أشد الخداع أن توهم الكافر بأنه سينجو بكفره يوم الحساب، وأن ما هو عليه من الكفر طريق يوصله إلى بر الأمان...إن هذا يشبه ذاك الطبيب الذي يرى المريض وهو مقبل على دواء قاتل فيطمئنه بأنه سيكون شرابه ترياقا للشفاء.
فليحذر المفتون من النار بفتاوى تُدخل غيرهم النار، وليحذر السياسيون البرجماتيون من الإنصات إلى مفتين فاسدين أو طامعين في زبالة الدنيا...كما يجب أن ينكب طلبة العلم والشيوخ والعلماء على تعليم عوام المسلمين بأن كل دين ما عدا الإسلام كفر وباطل، ونهايته اللعنة والطرد من الجنة والخلود في جهنم، قال تعالى: إن الدين عند الله الإسلام...ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين.
قال صلى الله عليه وسلم "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ". رواه مسلم.
قال الله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ) سورة البينة.
الخلاصة كل من ليس مسلما فهو كافر ولو كان من أهل الكتاب.
وكل كافر مخلد في النار محرم عليه الجنة ولو كان من أهل الكتاب.
الإسلام نسخ كل الشرائع التي قبله شريعة موسى وعيسى عليهما السلام تحديدا.
من كان على دين الأنبياء المرسلين قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم فهم من المسلمين لله في زمانهم.
الدين الوحيد المقبول الآن عند الله هو الإسلام الذي جاء به محمد، صلى الله عليه وسلم.
شاركوا هذه المفاهيم بين الناس، مسلمين وكفارا، ليعلموا أن اعتبار الكفار صالحين أو ناجين أو على حق هو ضلال خطير، نحاسب عليه، وكذلك هو خيانة لأمانة تبليغ الحق بالتغليط وسوء الإرشاد والإضلال، وانشروا هذه المعاني بين الكفار ليوقنوا وتقوم الحجة عليهم بأنهم على طريق الهلاك الحتمي ما لم يؤمنوا برسالة الإسلام قبل أن يفارقوا الحياة.
توقيع: د يزيد حمزاوي