Your Logo Text

خواطر ناقم على نفاق النصارى (3)
د.  يزيد حمزاوي _ رحمة الله عليه _
  العراقيون يعلمون أن لهم موعدا في كل يوم مع انفجار دكان أو مقهى أو سيارة أو حتى مسجد، الكل يدري أن الانفجار واقع ما له من دافع، سيضرب هنا أو هناك، ولا تكاد تمر الساعات الأولى لصباح بغداد أو غيرها من المدن حتى يحدث دوي هائل فيُقتل من يُقتل ويُجرح من يُجرح...ثم ينتظر الباقون الذين أفلتوا أمس دورهم في الغد، وفي اليوم الذي لا يحدث فيه انفجار يكون الناس متوترين إلى حد الاضطراب، لأنهم تنقصهم الجرعة اليومية للموت التي أدمنوا عليها...
في سياق تلك الانفجاريات وحدها، دون غيرها من أصناف القتل، يسقط مئات الآلاف من المسلمين سنة وشيعة، ويمرّ موتهم بسلام وتُنقل بقاياهم المتفحمة إلى قبورهم بروتينية تبلغ حد الرتابة المملة... لكن انفجار واحد فريد من نوعه، مشبوه في كنيسة واحدة كفيل بأن يقلب موازين الإعلام واهتمام الساسة والدوائر الكنسية العالمية، لأن الحرب في العراق كان يراد لها إبادة المسلمين دون غيرهم من أصحاب الأديان الأخرى، فمثلا لا يمكن لنصراني أن يموت في العراق، وإلا سيكون الأمر تطهيرا "لمسيحيي الشرق" واقتلاعا لهم من أرضهم الأصلية، انظروا للمناحة العالمية التي أقاموها لقتلى كنيسة وحيدة، وانظروا اللامبالاة بل الازدراء الذي يقابلون به ملايين العراقيين المسلمين الذين قُتلوا أو هُجّروا.
  إن نفس الأمر يحدث في سوريا مئات الآلاف من القتلى وملايين من المهجّرين، ولكن أن يُخطف قس أو رجل دين من الكنيسة فهو الحدث الذي يشبه في أهميته "الرجل الذي عض كلبا" هذا هو الحدث الذي يستحق النشر والنظر والـتأمل والتحرك، وهذا هو ما يدفع الغربيين للتدخل باسم حماية "مسيحيي الشرق من الاضطهاد"، ولا يختلف الأمر في مصر، وأتذكر حادثة ماسبيرو بالقاهرة حين قتل بعض الأقباط، كيف أقيمت مندبة هائلة، ودخلت الكنائس في حداد وصاح كثيرون من أصحابها: " أنقذونا فالأقباط مضطهدون في مصر".
وفي أرض النيل تلك تدفقت دماء المسلمين فامتزجت بنيلها، قُتلوا وهم ركع سجود وأُحرقت بعض جثثهم حرقا كأنها قرابين هندوسية، لكن هذه المرة لم تقدم لرب الهنادكة بل لأرباب مصر الجدد من الإسرائيليين والأمريكيين والأوروبيين... وجُرفت أجساد القتلى التي استعصت على الحرق بالجرافات، ولم يكن الأمر اضطهادا لأقباط مسلمين ولا إبادة جماعية لفصيل مسلم سني بل كان على حد تعبير قنوات النصرانية والتنصير تصفية لإرهابيين!!!