الاثنين 12 جمادة الأول 1444

مرض الحقد وأثره على التمييز

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)
مرض الحقد وأثره على التمييز
الحقد من أمراض النفس الخطيرة التي تصيب القلوب فتميتها وتؤثر على الفطرة فتنكسها؛ إن الحقد يحجب العقل عن التمييز ويفقده الميزان العادل لتقييم الأمور، الحقد ربما يعمي البصيرة فتنقلب الحقائق في نظر الحاقد رأسا على عقب، ويجعل قلبه منكسا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا، وفيما يأتي محاولة تفسير ذلك .
1- إن الحقود المبالغ في بغض من اتخده خصما إذا عميت بصيرته؛ سينتقل بغضه من ذات الشخص إلى خصاله التي قد يكون فيها ما هو حسن، فيصير مبغضا للطاعات وأعمال الخير ومظاهر الاصلاح؛ متضايقا من هذه الخصال رغم حسنها وصلاحها فقط لأنها صادرة من خصمه؛ يتضايق منها ويرفض رؤيتها وسماعها لأنها تفرض عليه محبة خصمه والميل إليه وهو لا يريد ذلك؛ ولذلك تجده يجتهد في تبرير بغضه لما هو ظاهر الصلاح بأمور باطنة مما لا يطلع عليه إلا علام الغيوب؛ لكن الكذب على النفس لا يغير من الحقيقة شيئا.
2-إن الحقود سيفترى على خصمه ما ليس فيه وينسب إليه موبقات هو بريء منها؛ انتصارا لنفسه وتحقيرا لخصمه وتشويها لصورته؛ وإذا لم يكن له البرهان على صدق تهمه وافتراءاته فإنه سيبيت الليالي والأيام وهو يتمنى وقوع خصمه في تلك الموبقات سواء كانت كفرا أو بدعة أو كبيرة؛ سواء كانت ظلما لنفسه أو ظلما لغيره من الناس؛ فيتحول إلى شخص "شرير" ينتظر بفارغ الصبر أن تظهر معصية الله تعالى والفساد في الأرض؛ لا لشيء إلا ليصدق اتهامه ولا يظهر كذبه وافتراؤه.. ويا فرحته إذا زل خصمه وعصى ربه أو آذى غيره؛ ويا سعادته بظهور المعصية والظلم والفساد في الأرض.
أظن أني قد برهنت على أن الحقد فعلا يعمي ويصم، ويعطل العقل ويقلب الموازين؛ فيجعل صاحبه يبغض الخير والصلاح والطاعة ويحب الشر والفساد والمعصية. وليعلم أن من وصل إلى هذه الحال لم يذهب فقط تمييزه بل قد ذهب إيمانه إذا لا إيمان لمن يبغض الطاعة والصلاح ويجب المعصية والفساد.
نعوذ بالله من زوال نعمة العقل ومن الأحقاد، ونعوذ به من قسوة القلب ومحبة الظلم والفساد.

 

تم قراءة المقال 116 مرة