الأحد 28 ربيع الثاني 1445

من وحي طوفان الأقصى (3): سندعمهم من غير أن ندعمهم

كتبه 
قيم الموضوع
(2 أصوات)

سندعمهم من غير أن ندعمهم.
إنهم تحت القصف محاصرون لكنهم للمواجهة مستعدون، بينما نحن المتفرجون عليهم المتتبعون لأخبارهم خائفون، ومن شدة خوفنا نرفض كل نوع من المواجهة ونجدد الدعوة للسلام، ونتمنى أن يحن قلب العدو ويحل السلام.
إنهم رغم ضعفهم وقلة حيلتهم ليسوا خائفين لا من الجوع ولا من العراء ولا من الموت، ونحن نخاف من كل ذلك، بل إننا نخاف مما هو أدنى من ذلك.
إنهم يرجون دعمنا لأن قضيتهم في الواقع وفي الأصل هي قضيتنا؛ وإنما كان قدرهم أن يولدوا هناك ونحن ولدنا هنا، إنهم يؤدون فرضا عينيا لا كفائيا فهو لم يسقط عنا ، فلا يظنن ظان أنهم ينوبون عنا وأنهم أنقذوا شرفنا، بل إنهم بقدر ما ارتفعوا وعلا شأنهم وشمخت هاماتهم، بقدر ما دنا شأننا وازداد ذلنا وتنكست رؤوسنا، هذا باختصار ما يكتبه التاريخ عنهم وعنا.
  إنهم يرجون دعمنا ولا شك وهو حقهم علينا ، ونحن مترددون إن لم ندعمهم خفنا على سمعتنا ومن ردود أفعال من ينظر إلينا ممن حولنا ومن شعوبنا، وإن دعمناهم خفنا من عدونا ومن الانجرار إلى ما لا نريد وهو ما لم نستعد له ولم تستعد له شعوبنا، لسنا مستعدين للموت في سبيل الله رغم أننا كل يوم نموت في سبيل ما دونه، لسنا مستعدين لما دون الموت رغم أن كثيرا منا ملازم له لا ينفك عنه، لسنا مستعدين إلى درجة أن بعضهنا سيموت بمجرد سماع دوي الانفجارات، بل بسماع إنذار الصفارات، بل سيموت قبل ذلك؛ بمجرد سماعه خطاب إعلان الحرب الذي سيقطعه عما ألفه من متع الدنيا.
ومع كل ذلك نحن نعلن أننا لسنا جبناء ولسنا بخلاء ونحن من جهة أخرى نخاف على أهلنا وشعوبنا؛ لذلك سندعمهم من غير أن ندعمهم، سندعمهم بالماء لا بالوقود، سندعمهم بالخبز لا بالبارود، سندعمهم بالدواء وربما بالأطباء لا بالجنود، سندعمهم سياسيا لا عسكريا ، سندعمهم إعلاميا لا استخباراتيا، سندعمهم ولن نصرح للأعداء بأنها قضيتنا وإنها قضية عقيدة إسلامية، بل سندعمهم ونقول لهم إنها قضيتهم وحدهم وهي قضية عادلة وقضية إنسانية .

تم قراءة المقال 32 مرة