لثلاثاء 5 محرم 1444

17-صفتاالسمع والبصر

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

الدرس السابع عشر (17) صفتا السمع والبصر

.....
من الصفات التي يجبُ الإيمان بها وإثباتُها لله تعالى صفتا السمع والبصر، قال الله سبحانه: ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) (الشورى:11)، وقال عزَّ وجل مبيِّنًا نقصَ الآلهة التي كانت تُعبد من دون الله وأنَّ البشرَ خيرٌ منها وأكملَ: ( أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا) (الأعراف:195)، وقال تعالى عن إبراهيم عليه السلام : (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً ) (مريم:42) فبيَّنَ أنَّ الإله يجب أن يكون سميعًا بصيرًا.
وهتان الصفتان صفتان ذاتيتان فعليتان، ومعنى ذلك أنّ الله تعالى يسمع كلَّ صوت في حينه، ويرى كلَّ حركةٍ في زمانها، قال تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) (المجادلة:1)، وقال تعالى : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) (الحديد:4).
فيجب إثبات السمع والبصر بلا تكييف ولا تمثيل، وهي صفات أكمل من صفات المخلوق بلا ريب، يقول المولى عز وجل في الحديث القدسي :« يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ» (رواه مسلم)، فهو سبحانه يبصر كلَّ الناس في آن واحد، ويسمعهم جميعا ويجيب دعاءهم؛ فلا يشغله بصرٌ عن بصرٍ ولا سمعٌ عن سمعٍ، ويرى كلَّ موجود مهما دقَّ، وأينما كان، ويسمع كلَّ مسموع مهما خَفَت، قال تعالى : ( أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ) (الزخرف:80).
ثمرات الإيمان بصفتي السمع والبصر
1-تحصيل منزلة المراقبة في الأعمال وبلوغ مرتبة الإحسان، قال صلى الله عليه وسلم لمَّا سأله جبريل عن الإحسان:« أنْ تعبدَ الله كأنَّكَ ترَاهُ، فإنْ لمْ تكنْ ترَاهُ فإنَّه يَراكَ » (متفق عليه).
2-الإحساسُ بقربه ودعاؤه في كلِّ حين، قال تعالى: ( وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) (سبأ:50) وقال تعالى عن زكريا عليه السلام: (قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ) (آل عمران:38)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا وَهُوَ مَعَكُمْ » (متفق عليه).
3-تحصيلُ التوكل على الله تعالى وتقويتُه، قال سبحانه: (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) (الأنفال:61).
4-الخوف من الله تعالى والحياء منه، قال تعالى : ( اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) (فصلت:40)، وقال : (وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً ) (الإسراء: 17).
5-اعتقاد الحفظ والرعاية من الله تعالى، قال سبحانه لموسى عليه السلام: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) (طه:39). أي كل من رآه أحبه وليتربى على نظره وفي حفظه وكلاءته سبحانه.
6-اعتقاد حضور الله تعالى مع عباده يسمعهم ويبصرهم، فهو الشهيد الذي لا يغيب عنه شيء، قال تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً ) (النساء:33) وقال سبحانه : (أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) (المجادلة:6).
7-إثبات صفة العينين لله تعالى على الوجه اللائق بكماله بلا تمثيل ولا تكييف، قال تعالى : (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ) (الطور:48). وقال صلى الله عليه وسلم :« إِنَّ اللَّهَ لاَ يَخْفَى عَلَيْكُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَيْنِهِ - وَإِنَّ المَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ» رواه البخاري.

تم قراءة المقال 126 مرة