الجمعة 8 محرم 1444

24-عبادة التوكل

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)
الدرس الرابع والعشرون (24): عبادة التوكل
من العبادات القلبية الواجب تحصيلها وإخلاصها لله تعالى عبادة التوكل، والتوكل على الله تعالى هو اعتماد القلب عليه والثقة وإسناد الأمور إليه.
أدلة إيجاب إخلاص التوكل لله تعالى
1-قال تعالى : (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (المائدة:23).
2-قال سبحانه : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (الأنفال:2).
3-قال الله عز وجل : (إياك نعبد وإياك نستعين) قال ابن القيم :« التوكل نصف الدين والنصف الثاني الإنابة ، فإن الدين استعانة وعبادة فالتوكل هو الاستعانة والإنابة هي العبادة ».
أسباب تحصيل التوكل وإخلاصه
1-معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته الدالة على انتهاء الأمور إلى علمه وصدورها عن مشيئته فالله تعالى الملك الذي لا يكون في ملكه إلا ما يريد، فهو الحي القائم على شؤون أهل السموات والأرض، وهو القوي الذي لا يستولي عليه عجز والنصير لعباده، وهو الصمد الذي يقصد في قضاء الحوائج، وهو الوكيل والكافي والشهيد.
2-تصحيح الظن بالله تعالى، يقول المولى عز وجل : ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ) (الزمر:36)، ويقول سبحانه : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) (الطلاق:3) والله تعالى لا يخلف وعده .
3-المحافظة على ذكر الله، كدعاء الخروج من البيت « بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله »أبو داود وصححه الألباني.
4-التذكر بأن الهداية والتوفيق بإذن الله والنظر فيما مضى من الأيام، قال تعالى مخبرا عن رسله: (وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا ) (إبراهيم:12) وقال شعيب عليه السلام : ( وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (هود:88).
5-تذكر قصص السابقين مثل قصة موسى عليه السلام: (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ)(الشعراء:61-63).
لوازم صحة التوكل في القلب
1-عدم الركون التام إلى الأسباب وبقاء الرجاء في الله تعالى عند فقدها، قال الله تعالى : (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) (آل عمران:159).
2-الامتناع عن التسوية بين الله تعالى وبين الأسباب في الاعتماد القلبي أو في النطق اللساني فلا يقال توكلت على الله وعلى فلان، وقد قال صلى الله عليه وسلم :«لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ، وَشَاءَ فُلَانٌ، وَلَكِنْ قُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ» رواه أبو داود وصححه الألباني.
3-ترك التطير اعتقادا وقولا وعملا، قال صلى الله عليه وسلم :« لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا صَفَرَ وَلَا هَامَةَ» متفق عليه.
4-إذا صح التوكل لم نتخذ من الأسباب ما كان محرما، ومن كمال التوكل اجتناب المكروه منها أيضا: ففي الشفاء قال تعالى مخبرا عن إبراهيم عليه السلام: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) (الشعراء:80) وقال صلى الله عليه وسلم عن السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب:«هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» متفق عليه. وفي الرزق قال الله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) (الطلاق:2-3) وقال صلى الله عليه وسلم:« لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا» رواه ابن ماجة والترمذي وصححه، وقال صلى الله عليه وسلم:« أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، خُذُوا مَا حَلَّ، وَدَعُوا مَا حَرُمَ » رواه ابن ماجة وصححه الألباني.
 
 
تم قراءة المقال 143 مرة