الأحد 10 محرم 1444

28-عبادة التسليم والانقياد

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

الدرس الثامن والعشرون (28) :عبادة التسليم والانقياد
     من العبادات القلبية والظاهرة المهمة التسليم لحكم الله والانقياد لأمره، ويدخل في التسليم: التسليم لحكم الله تعالى الكوني القدري بمعنى الرضا به فيما ليس بمقدور. قال ابن القيم في المدارج (2/146) :« التسليم هو الخلاص من شبهة تعرض الخبر أو شهوة تعارض الأمر أو إرادة تعارض الإخلاص أو اعتراض يعارض القدر والشرع ».
أدلة إيجاب التسليم والانقياد
1-قال الله تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (النساء:65) وهذا إسلام الباطن.
2-وقال سبحانه: (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة:112)، وهذا إسلام الظاهر بالتذلل لطاعته والإذعان لأمره .
3-وقال عز وجل: ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (الأحزاب:36).
4-ويدل على وجوب التسليم لحكم لله الكوني قول النبي صلى الله عليه وسلم:« إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ » رواه الترمذي وابن ماجة وصححه الألباني.
أسباب تحصيل عبادة الانقياد
1-العلم بأسماء الله تعالى وصفاته التي تدل على كمال علمه وتحقق عدله وحكمته جل جلاله في شرعه وتقديره ، وكذلك الأسماء والصفات الدالة على العظمة والقوة والجبروت.
2-التذكر أن الأمر والنهي حق لله تعالى فهو الخالق والمدبر، قال الله تعالى: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)(الأعراف:54) وأننا عباد لله تعالى مملوكون له لا حول لنا ولا قوة إلا به، وأنه لا مفر منه سبحانه.
 3-استحضار عقوبة من تولى عن طاعة الله واستكبر، والتذكر أن إبليس إنما استحق اللعنة في الدنيا والآخرة لعدم انقياده لأمر الله تعالى استكبارا .
4-العلم بأن الإيمان قول وعمل، وأن لا نجاة له إلا بالطاعة والاستسلام لحكم الله، قال تعالى : ( وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (الأعراف: 43).
5-تأمل فضائل الطاعة والانقياد والتسليم لحكم لله تعالى، كقول النبي صلى الله عليه وسلم:« ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا» رواه مسلم.
لوازم حصول عبادة الانقياد
1-التحاكم إلى شرع الله تعالى عند الاختلاف والرضا بحكمه، قال الله عز وجل : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65).
 2-طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لأنها من طاعة الله تعالى، قال سبحانه: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) (النساء:80).
 3-اجتناب الاعتراض على الشرع بالعقل والرأي والاستحسان ، قال عَلِيّ :« لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ » رواه أبو داود وصححه الألباني.
4- عدم طاعة السادة والأمراء وكذا العلماء في معصية الله جل جلاله، قال النبي صلى الله عليه وسلم :« لَا طَاعَةَ لِبَشَرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ » رواه أحمد وصححه الألباني قال ابن عباس:«يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر ».
5-ومنها الرضا بالمقدور والصبر على المصائب، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :« لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ » متفق عليه.

تم قراءة المقال 153 مرة