الأربعاء 4 صفر 1444

52-الكفر والنفاق والردة

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

الدرس الثاني والخمسون (52) : الكفر والنفاق والردة
أولا : الكفر :
    قال حافظ حكمي رحمه الله :« ضد الإيمان الكفر، وهو أصل له شعب، كما أن الإيمان أصل له شعب. وقد عرفت مما تقدم أن أصل الإيمان هو التصديق الإذعاني المستلزم للانقياد بالطاعة، والكفر أصله الجحود والعناد المستلزم للاستكبار والعصيان،…فإذا عرفت هذا عرفت أن الكفر كفران، كفر أكبر:يخرج من الإيمان بالكلية، وهو الكفر الاعتقادي المنافي لقول القلب وعمله أو أحدهما، وكفر أصغر: ينافي كمال الإيمان ولا ينافي مطلقه، وهو الكفر العملي الذي لا يناقض قول القلب ولا عمله ولا يستلزم ذلك ».
     ومن الكفر الأصغر -وهو ما أوجب استحقاق الوعيد بالنار دون الخلود فيها -قول النبيصلى الله عليه وسلم :« اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ » رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم : « سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» متفق عليه.
     ومن الكفر الأكبر مقابلة الرسالة بالجحد والتكذيب، ومنه النفاق، ومنه الردة بعد الإسلام.
    ومن أسباب الكفر الأكبر:
-التكذيب القلبي : وهو اعتقاد كذب الرسول قال ابن القيم وهذا قليل في الكفار .
-الإعراض: وهو أن يعرض بسمعه وقلبه عن الرسول ودعوته لا يصدقه ولا يكذبه ولا يواليه ولا يعاديه.
-الشك: وهو أن يسمع دعوة الرسول فلا يجزم بصدقه ولا كذبه، وهذا لا يستمر لأنه إما أن يعرض أو يؤمن .
-الإباء والاستكبار: ومنه قوله تعالى عن اليهود: (فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ) (البقرة:89)، وقوله عن قوم فرعون: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وعلوا) (النمل: 14) قال ابن القيم:"وهذا هو الغالب على كفر أعداء الرسل".
ثانيا : النفاق
    ثم إن الكافر المكذّب بقلبه أو المصدق غير القابل والمنقاد إن لم يظهر الإنكار بلسانه والمخالفة الصريحة للإسلام بأعماله؛ بل أقر وشهد ووافق وعمل، فهذا هو المنافق. قال تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) (البقرة:8-9).
   وقد يطلق النفاق على بعض الأعمال وليس ذلك من الكفر الأكبر ويسمى النفاق الأصغر ، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم : « آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ » متفق عليه.
ثالثا : الردة
    قال عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله:« والمرتد هو من خرج عن دين الإسلام إلى الكفر بفعل أو قول أو اعتقاد أو شك. وقد ذكر العلماء رحمهم الله تفاصيل ما يخرج به العبد من الإسلام ترجع كلها إلى جحد ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم أو جحد بعضه » منهج السالكين (231).
    ومن هذه الأفعال السجود للصنم ودعاء غير الله تعالى وتعلم السحر، ومن الأقوال سب الله ورسوله والاستهزاء بشعائر الدين، ومن الاعتقادات عدم الرضا بحكم الله تعالى والتكذيب بالصفات، والشك كما يكون في الاعتقادات يكون في الشرائع.
حكم الحكم بغير ما أنزل الله :
    قال الله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (المائدة:44)، قال ابن القيم رحمه الله:« والصحيح أن الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الكفرين الأصغر والأكبر بحسب حال الحاكم، فإنه إن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله في هذه الواقعة وعدل عنه عصيانا مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة فهذا كفر أصغر، وإن اعتقد أنه غير واجب أو أنه مخير فيه مع تيقنه أنه حكم الله فهذا كفر أكبر، وإن جهله وأخطأه فهذا مخطئ وله حكم المخطئين » مدارج السالكين (1/346).

تم قراءة المقال 156 مرة