طباعة
الجمعة 2 جمادة الثاني 1437

(34) التربية العقائدية : حفظ القرآن الكريم

كتبه 
قيم الموضوع
(4 أصوات)

المبحث السادس :  حفظ القرآن الكريم

   من الأمور المهمة في التربية الروحية والعقائدية للطفل تحفيظه القرآن الكريم منذ صغره ونعومة أظفاره، ف (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) (الإسراء:9) وهو في حد ذاته موعظة ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (يونس:57)، فينبغي أن يُعلَّم الطفل القرآن وأن يُلقَّن بأن القرآن كلام الله تعالى فيعلم الأدب مع كتاب الله تعالى أيضا.
الحث على تعليم الأطفال القرآن
1-وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على حفظ القرآن وحث الوالدين على تحفيظه لأولادهم فقال :« تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا يَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ قَالَ ثُمَّ مَكَثَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا الزَّهْرَاوَانِ يُظِلَّانِ صَاحِبَهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ غَيَايَتَانِ أَوْ فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ وَإِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُهُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ فَيَقُولُ لَهُ هَلْ تَعْرِفُنِي فَيَقُولُ مَا أَعْرِفُكَ فَيَقُولُ لَهُ هَلْ تَعْرِفُنِي فَيَقُولُ مَا أَعْرِفُكَ فَيَقُولُ أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي الْهَوَاجِرِ وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ فَيُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِهِ وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لَا يُقَوَّمُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا فَيَقُولَانِ بِمَ كُسِينَا هَذِهِ فَيُقَالُ بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِي دَرَجَةِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا فَهُوَ فِي صُعُودٍ مَا دَامَ يَقْرَأُ هَذًّا كَانَ أَوْ تَرْتِيلًا» ( ) .
2-عن ابن عباس أنه قال لرجل ألا أتحفك بحديث تفرح به قال بلى قال اقرأ تبارك الذي بيده الملك وعلمها أهلك وجميع ولدك وصبيان بيتك وجيرانك فإنها المنجية والمجادلة تجادل أو تخاصم يوم القيامة عند ربها لقارئها وتطلب له أن ينجيه من عذاب النار وينجى بها صاحبها من عذاب القبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي ( ).
3-ولقد كان السلف الصالح ومن الصحابة ومن بعدهم يعلمون أولادهم القرآن ذكورا وإناثا حتى أصبح نقله عبر الأجيال نقلا متواترا وكان التابعون من أحرص الناس على تعليم صبيانهم القرآن حتى ذكر أن مكتب الضحاك بن مزاحم قد ضم ثلاثة آلاف طفل ( ).
الشرح والتفسير
   لابد للمربي أو الوالدين أن يهتما أثناء تلاوة الطفل وحفظه بشرح موجز للقرآن حتى تفتح معاني الآيات قلب وعقل الصغير ، ولا يظن أحد أن الطفل الصغير لا يستحق أن يشرح له ، فإن للطفل الصغير طاقة عجيبة فيستطيع أن يخزن من المعلومات ما يخزنه حاسوب آلي عصري وربما أكثر، ومما ورد في هذا الباب أثر مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال قلت لأبي يا أبتاه أرأيت قوله تعالى : ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) (الماعون:5) أينا لا يسهو؟ أينا لا يحدث نفسه؟ فقال له: ليس ذاك ، إنما هو إضاعة الوقت، يلهو حتى يضيع الوقت( ).
الاختيار جزء عم
    والذي يتناسب مع قدرة الطفل ومع المقاصد التربوية البدء بقصار السور وبجزء عم خصوصا ، نظرا لقصر السور ، وقصر الآيات وتماثل الفواصل مما يساعد الطفل على الحفظ، ولأنها سور تتضمن ركائز العقيدة (الإيمان بالله وتوحيده وإثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم واليوم الآخر) فتصحح العقائد ويهذب السلوك بفضل حفظ القرآن، بل تحفظ الصحة وسلامة الطفل أيضا فإن القرآن العظيم ذكر ورقية، وزيادة على ذلك فإنه يقيم اللسان ويزيد في البيان.
كيف نرغب الطفل في الحفظ
وبعدها ننتقل إلى أمور عملية لترغيب الطفل في حفظ القرآن الكريم
1-أولا بتسجيله في المدرسة القرآنية للمسجد ، أو البحث له على معلم يعلمه القرآن كما كان شأن السلف الصالح ، وإذا كان كثيرا من الآباء ينفقون الأموال الطائلة مقابلة الدروس الخاصة فكتاب الله تعالى أولى أن تنفق في سبيله تلك الأموال.
2-وينبغي أن ترغب الطفل في حفظ القرآن –إذا عقل – ببيان فضائل القرآن فضائل حفظه وتلاوته وتعليمه والعمل به، كقوله صلى الله عليه وسلم :« اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ »( )، وقوله صلى الله عليه وسلم:« يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَأُ بِهَا»( )، وقوله صلى الله عليه وسلم:« مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْأُتْرُجَّةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ لَا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ »( ) وقوله :« خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ » ( ).
3-ومن الطرق المهمة في ترغيب الطفل في حفظ القرآن الكريم جعل الحوافز والجوائز وإيجاد جو من المنافسة بين الأولاد أو التلاميذ. ومن النوادر المحكية في هذا الباب أن صلاح الدين الأيوبي وهو يتجول في معسكر جيشه قبل معركة من المعارك سمع صغيرا بين يدي أبيه وهو يقرأ القرآن فاستحسن قراءته وقربه وجعل له حظا من خاص طعامه ووقف عليه وعلى أبيه جزءا من مزرعته( ).
4-قص نماذج من تاريخ السلف وذلك من أعظم الوسائل المحركة للهمة :
-قال الشافعي رحمه الله :« حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين ، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر .
-وقال سهل بن عبد الله التستري :« مضيت إلى الكتاب فتعلمت القرآن وحفظته وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين ».
-وحفظ ابن الجزري القراءات السبع وهو ابن سبع عشرة سنة .
-قال إبراهيم بن سعد الجوهري :« رأيت صبيا ابن أربع سنين قد حمل إلى المأمون قد قرأ القرآن ونظر في الرأي غير أنه إذا جاع يبكي »( ).
-وقال أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الأصفهاني حفظت القرآن ولي خمس سنين ، وحملت إلى أبي بكر بن المقرئ لأسمع ولي أربع سنين ، فقال بعض الحاضرين لا تسمعوا له فيما قرأ فإنه صغير ، فقال لي ابن المقرئ اقرأ سورة التكوير فقرأتها فقال لي غيره اقرأ سورة المرسلات فقرأتها ولم أغلط فيها ، فقال ابن المقرئ اسمعوا له والعهدة علي » ( ).
5-الحذر من قطاع الطرق الصادين عن سبيل الله المزهدين في العلم وفي الحفظ ، الذين يقولون إن حفظ القرآن ليس فرضا ليس واجبا، وأن الأمة تحتاج الطبيب والمهندس ونحو ذلك … ونحن نجيبهم بأن لا تعارض لأننا نريد من الطبيب أن يحفظ القرآن ومن المهندس أن يحفظ القرآن ……

تم قراءة المقال 4580 مرة