طباعة
الأحد 24 ذو الحجة 1443

دور مادة التربية الإسلامية في تحقيق الوسطية والتحصين من الأفكار الهدامة

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

دور مادة التربية الإسلامية
في تحقيق الوسطية والتحصين من الأفكار الهدامة
...........
 مداخلة ألقيت يوم الأربعاء 21 ذي الحجة 1443هـ الموافق لـ 20 جويلية 2022
بالمكتبة الوطنية بالحامة في الملتقى الوطني الثاني حول تدريس مواد الهوية في المنظومة التربوية  
..........
   الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين : أما بعد فإن مما هو معلوم أن للتربية الإسلامية دورا مهما في البناء العقدي والتنشئة الأخلاقية لأبنائنا، وما سميت هذه المادة بمادة التربية إلا لتحقيقها لهذه الأهداف ، وإنه لا شك في أن مادة التربية الإسلامية تحقق الوسطية والتوازن في شخصية الفرد كما أنها تبني التصورات العقدية وتصححها وتحميها من كل فكر هدام، فهذه حقيقة موجودة وواقعة ومشهودة ننطلق منها ولا نتساءل عن وجودها ، وإذا كان الأمر كذلك فإن السامع للعنوان المقترح علي أو الناظر فيه قد يدور في خلده هذا التساؤل : ما دام دور التربية الإسلامية في تحقيق الوسطية والتحصين من الأفكار الهدامة معلوما فلم البحث فيه ؟
   وأنا –قبل أن أشرع في المداخلة –أجيبه على النحو الآتي :
أولا : نطرق هذا الموضوع ونكرر الحديث فيه لإقناع من ما زال عنده الشك في جدوى مادة التربية الإسلامية، أو من يظن أنه يمكنه تحصيل هذه الأهداف من دونها وعن طريق غيرها.
ثانيا : نبحث في هذا الموضوع للتأكيد على وجود هذا الدور في المناهج والبرامج الحالية، وللنظر هل هذا الموجود في البرامج كاف أم أنه يحتاج إلى دعم .
ثالثا : نخوض في هذا الموضوع للكشف عن السبل التي من شأنها أن تجعل المادة فعالة ومحققة لهذه الأهداف وغيرها، على الوجه الأكمل أو على وجه أكمل ..
   ولأجل تحقيق هذه المعاني فإني ضمنت هذه المداخلة الموجزة إيجازا يتناسب مع الوقت المتاح لعرضها ما يأتي :
1-عناصر مفاهيمية نظرية لشرح معنى التربية الإسلامية وبيان أهدافها، ومفهوم الوسطية والأفكار الهدامة.
2-ضمنتها أيضا سردا لعناوين الدروس التي تخدم أهداف الوسطية والوقاية من الأفكار الهدامة في جميع مستويات التعليم: الابتدائي والمتوسط والثانوي .
3-وأكدت على دور الأستاذ المختص الذي يسمح له تكوينه باستثمار البرامج وجعلها محققة للأهداف.
وبناء على ذلك جاءت خطة هذه المداخلة على هذا النحو :
المطلب الأول : مفهوم التربية الإسلامية وأهدافها
المطلب الثاني : مفهوم الوسطية والأفكار الهدامة
المطلب الثالث " عناصر تفعيل دور مادة التربية الإسلامية .


المطلب الأول: مفهوم التربية الإسلامية وأهدافها


الفرع الأول : مفهوم التربية الإسلامية
    تعرف التَّربيةَ الإسلاميَّة باعتبارها علما: بأنها تنشئة الطفل وتنمية شخصيته من جميع الجوانب العقائدية والأخلاقية والاجتماعية، وتنظيم سلوكه على أساس من مبادئ الإسلام وتعاليمه، وقيل أيضا إنّها تحضير الإنسان للحياة في الدُنيا والآخرة.
   وأما المادة فسميت بهذا الاسم لاشتمالها على جملة العقائد والعبادات والأخلاق التي يجب أن يتربى عليها النشء المسلم ، ولعل التعريف الثاني مناسب لمعنى مادة التربية الإسلامية فهي فعلا تعد الإنسان للحياة الدنيا والآخرة معا ، فهي تسهم في تكوين شخصية الفرد وبناء تصوراته وتقويم سلوكه وتنظيم علاقته بالناس وبرب الناس وبعبارة مختصرة هي تكون الإنسان الصالح.
   وإذا نظرنا إلى محتوى المادة لا نشك طرفة عين في كون التربية الإسلامية المستمدة من القرآن موطنةً للاعتدال وحاميةً للنشء من كل فكر هدام، فالقرآن الكريم كتاب هاد إلى الطريق القويم المعتدل كما قال سبحانه (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) (الإسراء:9) ، والقرآن الكريم علاج شامل لكل الانحرافات الموجودة والمحتملة ، كما قال عز وجل (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) (الإسراء: 82)، قال الطاهر بن عاشور (15/ 189):" الْمَعْنَى: نُنَزِّلُ الشِّفَاءَ وَالرَّحْمَةَ وَهُوَ الْقُرْآنُ. وَلَيْسَتْ (مِنْ) لِلتَّبْعِيضِ وَلَا لِلِابْتِدَاءِ. وَالشِّفَاءُ حَقِيقَتُهُ زَوَالُ الدَّاءِ، وَيُسْتَعْمَلُ مَجَازًا فِي زَوَالِ مَا هُوَ نَقْصٌ وَضَلَالٌ وَعَائِقٌ عَنِ النَّفْعِ مِنَ الْعَقَائِدِ الْبَاطِلَةِ وَالْأَعْمَالِ الْفَاسِدَةِ وَالْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ تَشْبِيهًا لَهُ بِبُرْءِ السَّقَمِ".
الفرع الثاني : الأهداف العامة للتربية الإسلاميّة
     يمكن تقسيم الأهداف العامة التربية الإسلامية إلى عدة أنواع يختلف الناس في تصنيفها :
1-أهداف عَقَديّة: وهي أهم الأهداف على الإطلاق لأنها تجعل الفرد تمتسكا بالعقيدة الإسلامية وتوجه عمله ومنهاجه في الحياة على ضوئها، وأساس هذه العقيدة الايمان بالله تعالى وآداء حقوقه.
 2-أهداف عبادية: هي التي قد تسمى أهدافا روحية باعتبار مآلها لأن تربية الفرد على العبادة التي هي من حق الله تعالى تجعله يسمو بروحه كما أنها تهذب سلوكه .
3-أهداف خُلُقيّة: من خلال تكوين شخصية الفرد المتزن المتصف بصفات ذاتية وأخرى متعدية تجعله حسن التعامل مع محيطه مسهما في نشر الخير والفضيلة في المجتمع.
4-أهداف فكرية : تعتني بالحفاظ على العقل وتنميته باعتباره آلة التمييز بين الخير والشر، وطريق التفكير والابداع، ومن مكونات هذه التربية الاعتزاز بالدين واللغة العربية والتاريخ وهي الأمور التي اصطلح على تسميتها بمكونات الهوية.
    وهناك من يضيف الأهداف البدنية أو الجسمية: لأن التربية الاسلامية تعتني بالحقوق المادية للطفل كحق التغذية والكسوة والترفيه كما أنها تضبط نشاطات الجسم وفق أحكام الشرع.
   ويعدد آخرون أهدافا اجتماعيّة: تحدد علاقة الفرد بمحيطه وتبين ضوابط علاقته بغيره، وكيف يكون فاعلاً في مُجتمعه فعلا إيجابيا، وهي في نظري ناتجة عن الأهداف الأربعة الأولى.
    إذا عرضنا هذه الأهداف العامة على هدف تحقيق الوسطية وهدف التحصين من الأفكار الهدامة ، نجدها تلتقى معها وتخدمها بطريق مباشر في الغالب وربما بطريق غير مباشر ، فمما يخدم التربية على الوسطية والاعتدال ويخدمها بطريق مباشر التربية الخلقية ومما يخدم التحصين من الأفكار الهدامة التربية العقدية ، وتبقى التربية العبادية والفكرية فهي تخدم الهدفين بطريق غير مباشر .


المطلب الثاني: مفهوم الوسطية والأفكار الهدامة


الفرع الأول: مفهوم الوسطية
     مصطلح الوسطية مصطلح قرآني لا يفسر إلا بحسب مراد الله تعالى لا بحسب مراد الناس، يقول تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) [البقرة:143] قد فسر الوسط بالعدل والخيار والمعنى جعلناكم عدولا وخيارا ووصف العدالة والخيرية مناسب لأداء الشهادة، وفسر الوسط أيضا بالجزء الذي بين طرفين، والمعنى جعلناكم أمة متوسطة في أمر الدين فتشهد على كل من انحرف غلوا أو إجحافا، المعانيان متلازمان، ويمكن أن نستخلص منهما أن الوسطية هي العدل والقيام على الحق الذي هو وسط بين الإفراط والتفريط.
     ومما يدل على هذا المعنى آيات يحفظها كل المسلمون وهي قوله تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ) [الفاتحة: 6-7] فالصراط المستقيم وسط بين طريق المغضوب عليهم اليهود أهل التفريط وطريق الضالين النصارى أهل الإفراط. والصراط المستقيم هو طريق العدل والحق والإيمان وهو طريق الإسلام والنجاة وهو واحد لا يتعدد.
   لذلك نحن نقول "وسطية الإسلام" لا الوسطية في الإسلام ؛ إذ الإسلام كله بجميع شعبه وشرائعه يمثل الوسط؛ ولن نصل إلى العدل والاعتدال إلا به ونحن نجد الوسطية إلا فيه، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم هذه الوسطية بمخطط بياني واضح لما رسم خطا مستقيما يرمز إلى طريق الإسلام وهو في الوسط، ورسم عن يمين هذا الخط وشماله خطوطا أخرى كثيرة وقصيرة وهي ترمز إلى الانحراف بنوعية الإفراط والتفريط أو الغلو والانحلال، قال ابن مسعود خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا ثم قال:" هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله وقال هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ثم تلا قوله تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام:153] (رواه النسائي وابن ماجة وصححه ابن حبان).
   وهذه الوسطية تتجلى -على سبيل المثال- في الاعتقاد حيث إنه وسط بين الالحاد وتعدد الآلهة، وفي العبادات حيث إنها بين التحلل والرهبنة، وافي لأخلاق حيث إنها تجمع بين المثالية والواقعية.
الفرع الثاني: مفهوم الأفكار الهدامة
    الأفكار الهدامة ضد الأفكار البناءة والمقصود هما التي تهدم عقائد الاسلام أصالة وتهدد وحدة المجتمع تبعا ، ولم أجد من عرفها ولكن من بحث فيها مثل لها بالإلحاد والشيوعية...
وإذا تتبعنا دلالة هدم العقائد وتهديد الوحدة سنجد هذه الأفكار على طبقتين طبقة خارج الإسلام وتهدمه من الخارج وطبقة داخل الإسلام وتهدمه من داخله، فمن الأول : الإلحاد والنصرانية وعبادة الشيطان والقاديانية والسلام والنور الأحمدي، ومن الثاني : الشيعة وجماعة التكفير والتبديع والأحباش.
ويمكن أن نعرفها على ضوء هذا بأنها الأفكار التي تدعو إلى الانخلاع عن الإسلام أو تحريف معناه أو التطرف في تطبيقه .
   وأنبه هنا أن العنوان المقترح تضمن جملة (محاربة الأفكار الهدامة) وقد صوبته إلى (التحصين من الأفكار الهدامة) لأنها هي المؤدية للمعنى المراد؛ فنحن من خلال تعليم العقيدة الإسلامية نقوم أصالة بتلقين الأمور الإيجابية الثبوتية التي تقوم عليها العقيدة وتكون نجاة الفرد، وأما سلب ضد هذه العقيدة ونفيه أو التحذير منه فهو ليس مقصودا لذاته ولكن من أجل الحفاظ على الأصل ، لأن مجرد النفي والسلامة من الشرك والكفر لا تحصل به النجاة. وأيضا لأن المحاربة والمكافحة تكون للأفكار بعد انتشارها، ونحن في المدرسة مع النشء المسلم الذي هو على الفطرة، فالواجب هو تحصينه التحصين الذي هو مثابة التطعيم ضد الأمراض، وهذه الأفكار الهدامة موجودة في المجتمع خارج المدرسة ويتضرر بها الناس في الغالب في ما بعد المستوى الثانوي.


المطلب الثالث: عناصر تفعيل دور مادة التربية الإسلامية


الفرع الأول : دور الأستاذ في تفعيل المادة
   إن دور الأستاذ أو المعلم في العملية التربوية دور محوري لابد أن يعطى حقه من النظر والاهتمام عند البحث في قضية الاصلاح التربوي عامة ، أو عند بحث تفعيل مادة التربية الإسلامية خاصة ، ونحن في هذا المقام نتكلم عن دوره في تفعيل مادة التربية الإسلامية واشتراط كونه مختصا فيها مهتما بها مقنعا بأهميتها .
1-فنحن نهتم بشخص الأستاذ لأن التربية تحصل القدوة قبل برنامج كما هو معلوم، فالتربية سلوك قبل أن تكون معلومات تلقن وتحفظ ويمتحن فيها؛ وإذا أردنا تنشئة الأطفال على الاستقامة وعلى الوسطية فإن ذلك لا يتحقق إلا على يد معلم مستقيم على الصراط ومعتدل في سلوكه.
2-ونؤكد على تكوين هذا الأستاذ لأن البرنامج بنصوصه ومحتوى تدرجاته قد تكون صلته بهدف الوسطية وهدف الحماية من الأفكار الهدامة غير جلي وغير مصرح به ، أو غير منزل على الواقع، والأستاذ المختص يمكنه استنباط ما لم ينص عليه في البرنامج ، وكما أنه يستطيع تنزيل هذه النصوص على الواقع وربطها بهذه الأهداف دون كلفة.
3-وكذلك إن الأستاذ المختص يولي لهذه الدروس والمواضيع أهميتها التي تستحقها شرحا وإيضاحا، وإذا ضاق الوقت للطوارئ فإنه لا يتجاوزها لأنه أقدر على تمييز الأولويات، وإذا كان الدروس الأكثر أهمية في آخر البرنامج فإنه يقدمها، وكثير ما يضيق الوقت في التخصصات التي هضم حقها في الحجم الساعي.
4-ولا شك أن الأستاذ المختص في المادة أقدر على استحضار النصوص الشرعية وأقوال العلماء المتعلقة بالموضوع عند تحضيره للدرس، وأقدر على الإجابة على التساؤلات الصادرة من التلميذ حين الشرح ، ولا يخفى عليكم أن العجز المتكرر عن الإجابة يفقد الثقة في المعلم الثقة محور العملية التربوية والتعليمية.
5-وأخيرا نقول إن الأستاذ بسلوكه وانضباطه وطريقة عرضه قادر أن يجعل من مادة التربية الإسلامية مادة أساسية في نظر التلاميذ، ويجلب اهتمامهم إليها ويعمق أثرها في نفوسهم.
    وأنبه هنا أننا عندما نقول الاستاذ المختص هو الأقدر وهو الأكفأ فإننا نشير إلى أنه من واجبه فعل ذلك حتى تصل الرسالة كاملة ويحصل المقصود، فالفائدة لا تحصل بمجرد كون المعلم مختصا ولكن بتفعيله بمؤهلاته وقدراته .
الفرع الثاني : دور محتوى البرامج
   بعد حديثنا عن الأستاذ نأتي للحديث عن البرامج بسرد أظهر العناوين التي رأيتها تخدم هدفي الوسطية والتحصين من الأفكار الهدامة، وكما ذكرت سابقا فإن الدروس التي تحصن من الأفكار الهدامة هي دروس العقيدة ، والدروس التي تحقق الوسطية هي دروس الأخلاق، وسأقسمها حسب المستويات.
أولا : البرنامج في المستوى الابتدائي
عناوين الدروس
1-العقيدة : أركان الايمان ، أسماء الله الحسنى، وصايا لقمان، إضافة حفظ حزب سبح.
2-الوسطية : الأخوة ، الحلم والعفو، الايثار ونبذ العنف إضافة إلى درس أبونا آدم عليه السلام.
التعليق:
البرامج في هذا المستوى تحوي مفاهيم عقدية وأخلاقية بسيطة وتعليم العبادات، ولكن هذه المفاهيم بالتراكم تكون شخصية المسلم المتزن، وكذا العبادات التي هي أمور عملية تجعل النشء يشعر بالانتساب إلى هذا الدين وأنه محكوم بقوانينه.
ونؤكد هنا على وضع حفظ السور في خانة العقيدة المحصنة من الأفكار الهدامة بشرط تمكن الأستاذ الذي سيسد بالشرح الموجز لها ثغرة الإيمان باليوم الآخر التي اعدمت من البرامج .
وقد يلاحظ أني أدرجت أدم عليه السلام في محور الوسطية لأن المعلم مدعو إلى تثمير هذا الدرس ترسيخ أصل مساواة البشر وأنه لا تفاضل بالأعراق والعنصرية من الأفكار الهدامة التي ينبغي التحصين ضدها
ثانيا : البرنامج في المستوى المتوسط
عناوين الدروس
1-العقيدة: أركان الايمان، الوحدانية، القدرة، الايمان بالملائكة، الكتب السماوية، الرسل، القدر، إضافة إلى درس الخلفاء الراشدين.
2-الوسطية : علاقة المسلم بأخيه من حقوق المسلم -سوء الظن والتجسس والشقاق- احترام النظام العام، الرفق ، إضافة إلى الدعوة إلى الإسلام سرا وجهرا، الثانية: تأسيس المجتمع المسلم في المدينة.
التعليق :
يلاحظ زيادة في عدد العناوين لكنه في نظرنا فيها بعض النقص نظرا لكون هذه المرحلة من عمر التلميذ مهمة وخطيرة وهي التي تسمى مرحلة المراهقة والتي أصلها القرب من اليلوغ، فالمادة فيها نقائص وأظهرها حذف ركن الايمان باليوم الآخر الذي يغرس في النشء الخوف من الله تعالى أو ما نسميه في عصرنا بالوازع الديني ، فضلا عن كونها غير مكثفة بالقدر الكافي ويدرسها أساتذة غير مختصين ، مما يعنى أن الموجود منها قد لا يستثمر جيدا .
  فدرس القدر مثلا مهم جدا والأستاذ غير المختصر قد يتهرب منه لا لأنه لا يؤمن به ولكن خوفا من أسئلة التلاميذ المتعلقة بهذا الموضوع المهم والخطير، وكثير من الأفكار الهدامة يجعل أهلها من هذا الموضوع مدخلا للطعن في الإسلام ، ودروس الخلفاء الراشدين التي أكدت على إدراجها في محور العقيدة فهي تظهر لغير المختص متعلقة بالتاريخ والحضارة وتخفى عليه صلتها بالعقيدة والوسطية والتحصين من الأفكار الهدامة وذلك أن الطاعنين في الإسلام يبدأ طعنهم في الخلفاء باتهامهم في دينهم وأمانتهم ولا يخفى أيضا خطر التشيع الذي لم يعد بعيدا عن أمتنا، فالدروس موجودة لكنها في آخر البرنامج والغالب أنها لا تربط بهذه الأهداف ولا تنزل على الواقع، وقد ألحقت بما يخدم هدف الواسطية عناوين دروس مدرجة في محور السيرة النبوية وهي تخدم هدف الاعتدال والوسطية بطريق غير مباشر وقد لا يتنبه البعض الى ذلك .
ثالثا : البرنامج في المستوى الثانوي
عناوين الدروس
1-العقيدة :
الأولى: (الأدب مع الله ، ركائز الايمان).
الثانية : (الفطرة الانسانية في القرآن، الغزو الثقافي ، الشبهات موقف المسلم منها).
الثالثة : (العقيدة الإسلامية أثرها على الفرد والمجتمع، على الفرد: الطّمأنينة والاستقرار النّفسيّ-الاستقامة والبعد عن الانحراف والجريمة، لأخلاق وحسن المعاملة، وعلى المجتمع: الأخوّة والتّضامن، الصّلاح والإصلاح، تحقّق الأمن-، وسائل القران في تثبت العقيدة، والرسائل السماوية)
2- الوسطية
الأولى : (صفات عباد الرحمن، الحوار ودوره في علاج الغلو والتطرف، فيه حديث عن أنواعه وأسبابه -الجهل بالشريعة، والجهل المركب، وتقدّم مشاعر الغيرة على الوعي الفقهي، وضرب قيمة التسامح، ووسوسة الطائفة المنصورة-.
الثانية : (من خصائص الشريعة الاسلامية -الوسطيّة، اليسر ورفع الحرج، المثالية والواقعية، الثبات والمرونة-،  والمذاهب الفقهية -اختلاف التنوع والموقف من اختلاف التضاد - نعمة الأمن في القرآن الكريم
الثالثة: منهج الإسلام في محاربة الانحراف والجريمة، القيم في القرآن الكريم ، العلاقات الاجتماعية بين المسلمين وغيرهم.
التعليق :
هنا ملاحظتان
1-يوجد في التدرجات ميدان أو محور العقيدة والفكر لكن الدروس فيه قليلة وأغلب ما يخدم العقيدة وارد في محور القران الكريم والحديث الشريف، ولو يعاد تقسيم المواد إلى ثلاثة محاور العقيدة ، والفقه وأصوله، والأخلاق أحسن، وذلك حتى نحدث التوازن بينها، ثم إن كل هذه العلوم المقاصد لابد أن تكون مستمدة من القرآن الكريم والحديث الشريف .
2-يلاحظ ثراء المواضيع التي تخدم الهدفين بطريق مباشر وغير مباشر، ولا شك أن هذه الكثافة سيكون لها التأثير الكبير على شرائح كبيرة من أبنائنا في الحفاظ على عقيدتهم وعلى اعتدال سلوكهم ومنهج تفكيرهم، لكن السؤال المطروح هل الحجم الساعي كاف؟ وهل كاف لمن يدرس ساعة واحدة في الأسبوع ، لاشك أنه غير كاف مما يعنى أن الأستاذ سيتجاوز بعض الدروس أو سيمر عليها مرورا دون تعميق المعارف والمعاني التي فيها ومنها الأهداف التي هي موضوع مداخلتنا .


الخاتمة


   في الختام قبل أن نسجل النتائج المتوصل إليها في هذه الجولة الموجزة نجيب عن تساؤل مفاده : هل مادة التربية الإسلامية تؤدي دورها ونحن نرى ما نرى في المجتمع ؟ فنقول : نعم بكل تأكيد هي تؤدي دورها رغم النقائص ، ولولا وجود هذه المادة في المناهج التربوية لكان الوضع أسوأ بكثير ما يرى اليوم في المجتمع . وهنا قد يقول قائل : وهل أنتم راضون عن الدور ؟ فنجيبه: نحن دائما نطمح إلى الأحسن ولذلك تطرقنا إلى دور الأستاذ المكون ودور البرامج الموجودة.
   ومن هنا أتسلل إلى أهم النتائج التي توصلت إليها هاته المداخلة :
1-أهداف التربية الإسلامية عامة وشاملة هدفها تكوين النشء تنشئة متكاملة ومادة التربية الإسلامية الموجودة في البرامج تخدم تلك الأهداف عموما وهدف الوسطية والتحصين من الأفكار الهدامة خصوصا .
2-سمة الوسطية هي سمة دين الإسلام المستمد من القرآن والسنة ، ولا عدل ولا اعتدال إلا بالتمسك بالإسلام ولا لحماية للنشء من الأفكار الهدامة والتطرف والانحلال الا بالتربية الإسلامية .
3-إن البرامج الموجودة تخدم هدف التربية على الوسطية وتحصين النشء من الأفكار الهدامة، وقد تجلى ذلك في عدد كبير من عناوين الدروس المبثوثة في البرامج.
4-لكن يلاحظ نقص في البرامج في المستوى المتوسط الذي هو مستوى تحول في شخصية الطفل ونحوه لذلك لابد من دعم البرنامج في هذا المستوى وخاصة ما يتعلق بالإيمان باليوم الآخر.
5-ويلاحظ أيضا أن البرنامج الناقص في مستوى المتوسط يقدمه معلمون غير مختصين في العلوم الإسلامية ، مما يجعل الموجود في البرامج على نقصه غير مفعل في كثير من الأحيان، فالواجب أن يتولى تدريس العلوم الإسلامية في المتوسط أساتذة مختصون أسوة بالمواد الأخرى.
6-يقترح تقسيم برنامج المستوى الثانوي على ثلاثة محاور محور العقيدة والفكر، ومحور الفقه والأصول، ومحور الأخلاق حتى يراعى التوازن بين هذه الأمور التي تعتد العلوم المقاصد وهي كلها مستمدة من القرآن والحديث .
7-لابد من زيادة في الحجم الساعي الذي يسمح بتوصيل المادة العلمية وتحقيق الأهداف ، ولا نحدد ذلك هنا بحجم معين لأن ذلك قد يحتاج إلى دراسات أوسع تتعرض بالتفصيل لمحتوى المناهج والتدرجات وليس فقط النظر في عناوين دروس البرنامج.
   وفي الأخير نتمنى ونأمل أن يكون لهذا الملتقى آثاره في الواقع في المستقبل القريب، ونشكر كل أن أسهم فيه من منظمين ومشاركين وحاضرين وأصحاب الدار المستقبلين، ونسأل الله تعالى أن يتقبل من الجميع سعيهم وأن يجعله في ميزان حسناتهم ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

تم قراءة المقال 211 مرة