طباعة
الخميس 21 جمادة الثاني 1431

19-هل تترك الصلاة والوضوء خوفا من الأرق؟

كتبه 
قيم الموضوع
(1 تصويت)

السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله، وحفظكم الله ومبارك عليكم فتح الموقع، أما بعد فلدي سؤالان:

1-إن أمي تعاني من مشكل صحي منذ سنوات حيث أنها لا تنام منذ سنين إلا قليلا، وكثيرا ما يتأخر عنها الشعور بالنعاس إلى غاية الآذان الثاني من الفجر، ولو أنها قامت للصلاة لبقيت طوال ذلك اليوم من دون نوم وهذا مما يؤثر على صحتها ونفسيتها كثيرا، فماذا تفعل بارك الله فيكم؟

2-وفي السياق نفسه أم أحد أصدقائي تتناول الأدوية المهدئة لكي تنام فتفقد وعيها طول الليل وتنام عن الصلاة حتى الشروق، وإذا استيقظت للصلاة فإنها لا تستطيع العودة إلى النوم إذا ما توضأت للصلاة مع عظم حاجتها إلى النوم، فهل يجوز لها أن تتيمم ؟ جزاكم الله خيرا.

 

19-هل تترك الصلاة والوضوء خوفا من الأرق؟

 

الجواب :

  الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :

  فأما فيما يخص المرأة التي تخاف إن قامت من فراشها لتؤدي صلاة الفجر ذهب عنها النوم، وقد جربت ذلك فأثر على صحتها الجسمية والنفسية، فيجوز لها أن تتيمم وتصلي في فراشها وتأتي بالحركات التي لا تضرها، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فإن كانت صلاتها جالسة لا تؤثر عليها فلتصل كذلك وإلا فلتصل على جنب أو مستلقية ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: « صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» (رواه البخاري)، ولا بد أن تصلي صلاة الفجر في وقتها ما دامت أدركتها، وتقدر على أدائها بالصفة التي ذكرت .

   وأما إذا سمعت الأذان وكان النعاس قد غلبها بحيث لا تقدر على الصلاة ولو مستلقية، وربما لا تدري ما تقول ولعلها تنام في أثناء صلاتها، فهذه لا تجب عليها الصلاة حتى تقضي حاجتها بل لا تصح منها، ويكون حكمها حكم من نام عن الصلاة تقضيها عند الاستيقاظ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (10/438):" فمن لم يعلم ما يقول لم تحل له الصلاة، وإن كان عقله قد زال بسبب غير محرم؛ ولهذا اتفق العلماء على أنه لا تصح صلاة من زال عقله بأي سبب زال، ...وقد قال بعض المفسرين وهو يروي عن الضحاك: لا تقربوها وأنتم سكارى من النوم. وهذا إذا قيل: إن الآية دلت عليه بطريق الاعتبار أو شمول معنى اللفظ العام، وإلا فلا ريب أن سبب نزول الآية كان السكر من الخمر. واللفظ صريح في ذلك؛ والمعنى الآخر صحيح أيضًا، وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "إذا قام أحدكم يصلي بالليل فاستعجم القرآن على لسانه فليرقد، فإنه لا يدري لعله يريد أن يستغفر فيسب نفسه" وفي لفظ:" إذا قام يصلي فنعس فليرقد"اهـ.

     وننصح هذه المرأة التي ابتليت بالأرق بالعلاج، فإن الأرق مرض كسائر الأمراض له أسبابه وعلاجه ولكل داء دواء ، وعليها أن تستغل أوقات الليل والأسحار للدعاء بأن يعافيها، وذلك من أعظم أسباب الشفاء بإذن الله تعالى.

   وأما المرأة الثانية التي تتناول المهدئات ويسبب لها الوضوء ومس الماء حرجا بحيث لا يمكنها العودة إلى النوم الذي هي بحاجة إليه، فإنه يجوز لها التيمم ، المرء يجوز له أن يتيمم للمرض ولخوف حصوله ولما هو أدنى من هذا الأذى كأن يصاب بجرح يخاف من طول مدة برئه إذا مسه الماء وإن الله تعالى يقول في آية التيمم (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)  [المائدة/6].

وإذا سببت لها الأدوية النوم حتى خرج وقت الصلاة فإنها لا تخلو من حالين إما أن يكون نومها نوما عاديا بحيث يمكنها أن تستيقظ بمنبه أو غيره فهنا يجب عليها أن تقضي الصلاة ، وإما أن يكون ما يسببه لها الدواء هو إزالة عقلها كليا ففي هذه الحال لا يجب عليها القضاء، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن من فقد عقله بدواء مخدر أو أغمي عليه لعلة فقد ارتفع عنه التكليف، فلا يجب عليه قضاء الصلاة التي فاتته بعد استيقاظه، لما روى مالك عن ابن عمر:« أنه أغمي عليه ثم أفاق فلم يقض الصلاة ». والعلم عند الله تعالى، ونسأل الله تعالى أن يعافي والدة السائل ووالدة صديقه وجميع المؤمنين والمؤمنات.

تم قراءة المقال 7086 مرة