الجواب:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين والعاقبة للمتقين، أما بعد فمهما يكن من تفريط الوالد أو الوالدين في حق الولد؛ فإنه يجب عليه إحسان المعاملة معهم ولا يجوز للمسلم أن يدفع الظلم بالظلم، كما أن ظلم الظالم لا يسقط حقه، وقد تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (فصلت:34-35)، وقال صلى الله عليه وسلم :« صِلْ مَنْ قَطَعَكَ وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ وَاعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ » رواه أحمد وصححه الألباني.
والوالدان مهما كان مفرطين فإن لهما حسنات أخرى قد لا تحس بها وأعظمها وجودك في هذه الدنيا، إذ بهذا الوجود أنت تعبد الله تعالى فتدخل الجنة بإذن الله تعالى، ولا شك أن الشيطان يحجب عنك الحسنات ولا يدعك ترى إلا السيئات فيزداد حقدك فيوقعك في مظاهر العقوق.
والبر بالوالدين وإحسان معاملتهما لا يعني الطاعة في كل شيء، بل الطاعة تكون في المعروف الذي لا يخالف الشرع، وفيما فيه منفعة لهما ويقدر عليه الولد بلا ضرر عليه.
وتأمل قول المولى عز وجل: ( وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِير (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) (لقمان:14-15) تجد أن الله تعالى أمرنا بالمصاحبة الحسنة حتى في حالة الكفر التي تفرض علينا البراءة منها.
والذي لا بد أن يعيه المؤمن أن هذه الدنيا دار بلاء وامتحان، وكل واحد منا يبتلى في ناحية من نواحي الحياة، فما علينا إلا الصبر والصبر مفتاح الفلاح وطريق رضوان الله تعالى. نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا لبر الوالدين وإلى طاعة رب العالمين.