الأحد 14 ربيع الثاني 1432

58-الموقف الصحيح من اختلاف العلماء

كتبه 
قيم الموضوع
(1 تصويت)

 

السؤال :

السلام عليكم، أريد من فضلكم توضيح وبيان في مسألة اختلاف العلماء وأدب الخلاف، خاصة في هذا الزمن فإنا نرى فتاوى تتضارب وتختلف بين مجوز وبين مانع، فما موقفنا  نحن من كلام المشايخ إذا اختلفوا وجزاك الله خيرا.

 

58-الموقف الصحيح من اختلاف العلماء

 

الجواب:

   الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد : فإن اختلاف العلماء أمر قديم منذ عصر الصحابة رضي الله عنهم وليس أمرا حادثا في هذا الزمن كما ورد في السؤال، وأما موقف المسلم من هذا الاختلاف بمعنى من يتبع من أقوال المختلفين فهذا يختلف بحسب المستوى العلمي للمسلم ودرجة فهمه للأدلة، فأما من كان له إدراك للأدلة الشرعية وله قدرة على تمييز الاستدلال الصحيح من غيره وفهم مناقشة الاستدلالات فهذا يجب عليه أن يتبع الأرجح من الأقوال بغض النظر عن مكانة القائل أو كثرة القائلين،  لأن الله تعالى يقول : (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)  [النساء/59] وإنما هذا لمن له قدرة على هذا الرد إلى الكتاب والسنة، وهذا الذي يسمى في الاصطلاح متبعا وهو من يأخذ القول بدليله.

   وأما من لم تكن له آلة التمييز بين الأدلة والأقوال وهو العامي المحض، فهذا يجب عليه أن يقلد الأعلم والأوثق في نظره من العلماء المختلفين، ويدل على هذا قوله سبحانه : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [النحل/43] والتقليد أخذ الحكم من غير نظر في دليله منزلة ضرورة، يأخذ بها العوام لعجزهم ؛ لكن من غير إلزامهم بعالم معين من الأموات أو الأحياء، بل الأمر مرتبط بمن يثقون في علمه وعدالته أكثر من غيره.

  وكذلك أهل الاتباع -بل والمجتهدون أيضا- يجوز لهم الرجوع إلى تقليد الأعلم والأوثق، وذلك عندما يتعذر عليهم معرفة الراجح من الأقوال لتكافؤ الأدلة عندهم أو عند ضيق الوقت مع تعين العمل بأحد القولين.

   ومن ترجح لديه قول عالم من العلماء أو قلد أحدهم في مسألة من مسائل الخلاف؛ فلا ينبغي عليه أن يسقط العالم الذي اعتقد أن رأيه مرجوحا ولا أن ينتقص من مكانته، وليقس ذلك باختلاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قضايا فقهية كثيرة، وقد اختلف العلماء بعدهم بسبب اختلافهم، ولكن بقيت الأمة علماؤها وعوامها جميعا يدينون بالولاء والتعظيم والمحبة لجميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دون تفريق.

والله تعالى أعلم .

تم قراءة المقال 3662 مرة