الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: فأنصح الأخ السائل وغيره من المسلمين أن يتقوا الله تعالى وأن يمسكوا ألسنتهم عن التلفظ بالطلاق، ولهم إذا أرادوا تأديب أزواجهم الطرق المشروعة التي ذكرها الله عز وجل في القرآن الكريم (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) (النساء/34).
وما وقع لهذا السائل ما هو إلا مظهر من مظاهر التساهل في هذا الأمر العظيم، الذي قد تكون عاقبته الندامة، وبالنسبة للطلاق الأول والثاني فهما طلاقان صحيحان واقعان، وهو آثم لأنه طلقها فيهما لغير السنة، إذ السنة أن يطلق في طهر لم يجامع فيه.
وأما ما تلفظ به في المرة الثالثة :« أنت محرمة علي كظهر أمي» مع قصده الطلاق فهذه العبارة فيها اختلاف بين العلماء:
-فمنهم من اعتبرها ظهارا بكل حال وإن نوى الطلاق، لأن أهل الجاهلية كانوا يعبرون الظهار طلقة بائنة فأبطل ذلك الإسلام، وجعل له حكما خاصا.
-ومنهم من عدها طلاقا اعتبارا لنيته، لأنه استعمل التشبيه الذي هو ظهار إضافة إلى التحريم الذي تعتبر فيه نية المتلفظ به.
والأظهر في هذه المسألة أن يعتبر ظهارا لاقتران التحريم بالتشبيه بظهر الأم، لأن اختلاف العلماء في لفظ "التحريم" محله إذا كان مجردا عن التشبيه بالأم أو إحدى المحارم، فمنهم اعتبره طلاقا ومنهم من اعتبره يمينا، ومنهم اعتبره ظهارا ومنهم من فصل فيه.
وقوله بعدها:« افعلي ما شئت فإننا مطلقيْن» فهو إخبار منه عما نواه من قبل وظنَّه، وهو مخطئ في ذلك، وليس تأسيسا لطلاق جديد.
وحكم الظهار كما قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (المجادلة/3-4).