الاثنين 12 ربيع الأول 1435

87-حكم سكنات وكالة عدل (الإيجار المنتهي بالتمليك)

كتبه 
قيم الموضوع
(6 أصوات)

السؤال:

السلام عليكم، لقد أقدمت على التسجيل في وكالة عدل (AADL) من أجل الحصول على سكن، فهل هناك من حرج في فيما صنعت، مع العلم أنه لا سكن شخصي لدي وأنا أسكن عند أخي؟

 

87-حكم سكنات وكالة عدل (الإيجار المنتهي بالتمليك)

الجواب:

   الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: فإن هذه الوكالة اعتمدت في عقدها صيغة الإيجار المنتهي بالتمليك، الذي يعني أن المتعامل يعتبر مؤجرا ما لم يكمل كل أقساط الثمن التي تجزأ على مدى عشرين سنة، فإذا أكمل تلك الأقساط صار المسكن ملكا له بمقتضى العقد الأول لا بعقد جديد، ويتم إبرام هذا العقد قبل إنجاز السكن مع تقديم نسبة معينة من المبلغ الإجمالي.

   وهذه المعاملة الموصوفة معاملة غير شرعية وذلك من وجوه:

الأول : جمعها بين عقدين متنافيين من حيث الحقيقة والآثار على عين واحدة، هما الإجارة والبيع، وذلك أن البيع يقتضي انتقال الملك والإجارة على خلاف ذلك، والمشترى هو من يضمن العين في حالة الشراء دون حالة الإجارة، وقد جعل للمشترى في هذه الصيغة الغرم دون الغنم، إذ مع عدم ملكه للعين فهو يضمنها، ولا يؤثر على الحكم إلزامه بدفع بعض المال لشركات التأمين للتحمل الغرم لأن ما يدفعه مقابل التأمين هو غرم في حد ذاته لا يلزمه في حالة الإجارة العادية.

الثاني : أن هذه الصيغة تتضمن نوعا من المقامرة، لأن المشترى يدفع الأقساط على أنها إجارة للسكن، فإذا عجز عن دفع القسط الأخير لسبب من الأسباب؛ أخذ منه لأنه لم يكن سوى مستأجرا بمقتضى العقد، والغالب أن القسط الشهري المدفوع يكون أكثر من الإيجار الشهري العادي الذي تتعامل به الدولة مع المستأجرين، وفي هذا ظلم وتغرير بالمشتري الذي قد يطرأ عليه ما يجعله عاجزا عن إكمال الأقساط، ولا يؤثر على الحكم رضا المشترى لأن الشرع جعل الأصل في المعاملات الحل إلا ما تضمن ظلما أو غررا ولا يؤثر على رضا المتعامل بالظلم كرضاه الربا.

الثالث: أن العين المتعاقد عليها غير حاضرة يوم إبرام العقد، ومنه فإن المعاملة تكيف ابتداء على أنها عقد استصناع وخاصة أن المشترى -المستأجر- يدفع نسبة من المبلغ الإجمالي للسكن قبل الشروع في بنائه ، ومعلوم أن الاستصناع له شرط مهم وهو الوصف الدقيق المزيل للجهالة ، فتذكر كل الصفات التي يختلف بسببها الثمن كمكان السكن والطابق في العمارة ونحو ذلك ويجب أيضا تحديد أجل التسليم، وفي عقود وكالة عدل جهالة تامة بكل ذلك فالعقد عقد استصناع غير مستوف الشروط.

   ومنه فإن هذا العقد يبدأ عقد استصناع قبل تسليم السكن –من غير تحقق شروطه- وعقد الاستصناع يقتضى الملك يوم العقد مع تضمين الصانع وكلا الأمرين منصوص على خلافهما في عقد وكالة عدل، ثم يتحول العقد إلى إجارة يوم تسليم السكن مع تضمين المتسأجر-وهو خلاف مقتضى الإجارة-، وكيف يستأجر المرء شيئا بني من أجله بشيء من ماله بمقتضى عقد الاستصناع ، ثم ينتهي العقد بالبيع يوم تستكمل الأقساط إن أتمت .

   وقد وجد من العلماء أجاز إجارة العين الحاضرة المنتهي بالتمليك باعتباره عقدا جديدا مسكوتا عنه في الشرع، وقد بينا مخالفته للشرع من وجهين، فإذا انضاف إلى ذلك عدم حضور العين ازدادت مخالفة العقد للشرع.

حكم المضطر

   وبالنسبة للمضطر فإنه يباح له من باب الضرورات تبيح المحظورات، وأن ما لم يحرم لذاته أبيح للحاجة الماسة ، والمضطر هو الذي لا سكن شخصي له، ولا يقدر على الشراء بالطريقة العادية ولا على الإيجار الذي لا يرهقه، فإن كان المرء مالكا لسكن أو قادرا على الشراء أو قادرا على الإجارة لم يجز له الإقدام على هذه المعاملة والعلم عند الله تعالى.

   ومما ينبه عليه هنا أن التعامل بالصيغ التي الراجح فيها التحريم بالنسبة للمضطر أولى من التعامل بالصيغ الربوية التي لا خلاف فيها والتي هي كبيرة من الكبائر، والله تعالى أعلم.

تم قراءة المقال 21700 مرة