الأحد 22 رجب 1431

التجنس والتوبة منه

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

   هذه فتوى من فتاوى العلامة ابن باديس تحدث فيها عن أمرين خطيرين لا زلنا بحاجة إلى تجديد بيان حكمهما لشدة غفلة الناس عنهما وهما حكم أخذ جنسية البلاد الكافرة، وحكم الزواج بالكافرات ذوات الجنسية غير إسلامية، ننشرها بيانا للحق ونصيحة للخلق، وكذلك تذكيرا ببعض معاني الوطنية التي يتغنى بها كثير من أدعياءها ومحتكريها في هذه الأيام.

 

 

التجنس والتوبة منه

 

 

   بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله.

 

التجنس بجنسية غير إسلامية يقضي رفض أحكام الشريعة، ومن رفض حكما واحدا من أحكام الإسلام عد مرتدا عن الإسلام بالإجماع، فالمتجنس مرتد بالإجماع.

 

   والمتجنس-بحكم القانون الفرنسي- يجري تجنسه على نسله، فيكون قد جنى عليهم بإخراجهم من حضيرة الإسلام، وتلك الجناية منم شر الظلم وأقبحه، وإثمها متجدد عليه ما بقي له نسل في الدنيا خارجا عن شريعة الإسلام بسبب جنايته.
فإذا أراد المتجنس أن يتوب فلابد لتوبته من إقلاع، كما هو الشرط اللازم بالإجماع في كل توبة، وإقلاعه لا يكون إلا برجوعه للشريعة الإسلامية ورفضه لغيرها.
ولما كان القانون الفرنسي يبقى جاريا عليه رغم ما يقول هو من رجوعه، فإقلاعه لا يتحقق عندنا في ظاهر حاله، وهو الذي تجري عليه الأحكام بحسبه، إلا إذا فارق البلاد التي يأخذ فيها ذلك القانون إلى بلاد تجري عليه فيها الشريعة الإسلامية.
    قد يكون صادقا في ندمه فيما بينه وبين الله، ولكننا نحن في الظاهر الذي أُمِرنا باعتباره في إجراء الأحكام، لا يمكننا أن نصدّقه وهو ما يزال ملابسا لما ارتد من أجله من أحكام تلك الجنسية، ولهذا لا تقبل توبته ولا تجري عليه أحكام المسلمين.
والذي يقع عليه القضاء بحكم يتحقق أنّه حكم الشريعة الإسلامية فيسعى في نقضه بحكم من غيرها، هو برفضه لذلك الحكم وطلبه لغيره مرتدّ عن الإسلام، وتوبة هذا بإقلاعه عن طلب الحكم الآخر أو بتنفيذه لحكم الإسلام إن كان غيره قد وقع.
ومن جعل التيسطاما -وهي قسمة ماله بين من يشاء بعد موته على غير القسم الإسلامي- رافضا للحكم الإسلامي... فهو مرتد عن الإسلام وتوبته بإبطال تلك (التيسطاما) ورجوعه إلى حكم الإسلام.

 

    ومن تزوج بامرأة من جنسية غير إسلامية فقد ورط نسله في الخروج من حظيرة الشريعة الإسلامية، فإن كان راضيا لهم ذلك ومختارا له على بقائهم في حظيرة الشريعة الإسلامية فهو مرتد عن الإسلام، جان عليهم ظالم لهم، وإن كان غير راض لهم بذلك ولا مختارا لهم ذلك على شريعة الإسلام، وإنّما غلبته شهوته على ذلك الزواج، فهو آثم بجنايته عليهم وظلمه لهم، لا يخلصه من إثمه العظيم إلا إنقاذهم مما أوقعهم فيه بهجرته بهم.
(توضيح)
    ما أكثر ما سئلنا عن هذه المسألة العظيمة وطلب منا الجواب عنها على صفحات جريدة البصائر، ومنهم حضرة رئيس المتجنسين بتونس الأستاذ التركي، وكاتبنا مرتين بكتابين مطولين، فأدينا الواجب الديني بهذه الكتابة، ونحن مع ذلك نحترم كل ذي رأي في رأيه وكل ذي جنس في جنسه، ونقدّر لكل ذي قيمة قيمته، ونعلم أنّ في أبناء الجزائر مما رفضوا جنسيتها ولم يقصروا في خدمتها نادمين على ما فرّطوا، وما كنا لهم ناسين.
والعلم عند الله.
قاله وكتبه خادم العلم وأهله عبد الحميد بن باديس.
البصائر : العدد 95، السنة 3، يناير 1938م.

 

 

تم قراءة المقال 5030 مرة