لثلاثاء 23 رجب 1433

براءة الإسلام من القادياني أحمد الغلام

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

 

    القاديانية دين جديد مزيَّف ومزور، يُعرف أتباعه كذلك بالأحمديين، وبالجماعة الإسلامية الأحمدية، وقد أسَّسه شخص يُدعى: "الغلام ميرزا أحمد القادياني"؛ نِسبة إلى بلدته "قاديان"، وقد هلَك بمرض "الكوليرا" في عام 1908، وهو شخصية غامضة، قلِقة، يحوم حولها كثير من التساؤلات والحَيرة، وقد ظهَرت دعوة هذا الدَّعي - الذي كان مغمورًا - في زمن الاستدمار الإنجليزي في بلاد الهند، فأحاطَته "بريطانيا العظمى" بعنايتها ورعايتها، ثم كلَّفته بالعمل لحسابها كبوقٍ يُطلِق الفتاوى السَّمجة الكاذبة الخاطئة، التي تُحرِّم جهاد المستعمرين الكفرة، وتَفرض موالاتهم، وتقديم فروض الطاعة لهم، حتى وإن أدَّى ذلك إلى قتال المسلمين من أجْلهم، ومقابل تلك الأعمال الخطيرة والخبيثة التي قدَّمها لأسياده، سهَّلت له سُبل الدعوة إلى أفكاره الكفرية، وتجاوز ذلك في بعض الأحيان إلى الدعم المادي والمعنوي، حتى انتشرت تلك الدعوة بين العوام، في الوقت الذي كانت فيه "بريطانيا" تمنع دعوة أهل السنة، وتَسلخ جلود علمائها وهم أحياء.

 

براءة الإسلام من القادياني أحمد الغلام

 

وقد تناوَلتُ في مقال سابق بعنوان: "القاديانية بين الكفر والخيانة"، خيانات هذه الديانة المنحرفة، والمعادية للإسلام والمسلمين، وبتوفيق من الله أذكُر في هذا المقال مختصرًا عن بعض أصول مُعتقَد هذا الدين الباطل، وفساد مسْلك الغلام، وبراءة الإسلام منه.

إن أُسَّ العقيدة الباطلة للديانة القاديانية الأحمدية، ادِّعاؤها أن زعيمها"الغلام ميرزا أحمد" نبي مُرسل ومسيح مُنتظر، وكان قبل ذلك يقول عن نفسه: إنه مُجدِّد، ثم ادَّعى في مرحلة ثانية أنه مُلهَمٌ، ثم في مرحلة ثالثة أنه المهدي المنتظر، وفي مرحلة رابعة أنه المسيح الموعود، وأخيرًا ادَّعى النبوة، وإن هذا التقلُّب والتذبذب والحَيرة في نفسه، لدليلٌ على كذبه وافترائه.

وقد استمرَّت حيرته في تحديد من يكون بالضبط، ويلاحَظ ذلك من ادعاءاته الكثيرة التي نجدها هنا أو هناك بين دفَّتي كُتبه وخُطبه، فقد زعَم مرة أنه من الأقطاب، وأن له مكاشفات مع الله، وأنه أفضل من الذين سبَقوه من الأولياء والأبدال والأقطاب؛ لأنه هو الوحيد الذي خصَّه الله بالنبوة!

وفي سنة 1904م ادعى "الميرزا الغلام" بأنه النزول الثاني "لكريشنا" الإله المقدس عند الهندوس، ويصف إله الهندوس بقوله: "إنه كان نبيًّا حقيقيًّا في عصره، وكان مليئًا بحب الله، وكان يصادق أعمال الخير، ويعادي أعمال الشر، وأن الله وعده بأنه سيُظهره في الأيام الأخيرة، وأن الله حقَّق وعده في شخصيتي أنا".

وفي سنة 1907م ادعى - أيضًا - أن الله قد ذكَره في القرآن في الكثير من الآيات، وزعم بأنه هو "ذو القرنين" المذكور في سورة الكهف، وأنه صورة آدمَ ونوح وإبراهيم، وإسحاق وعيسى ومحمد!

وأما ادِّعاؤه النبوة، فهو لم يأت بجديد، فقد سبَقه "بولس" مُحرِّف النصرانية، والأسود العنسي، ومُسيلِمة الكذاب وغيرهم، والصفة التي تجمع أولئك جميعًا: هو الادعاء الكاذب والجنون الصارخ، والنهاية المُذلة المُفجعة، وإن ظهور الغلام القادياني الأحمدي وادِّعاءه النبوة، لمن دَلالات إعجاز رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي قال: (إن بين يدي الساعة كذَّابين)، وقال كذلك: (يُبعث دجَّالون كذابون قريبٌ من ثلاثين، كلُّهم يزعم أنه رسول الله).

وقد أجمَع المسلمون من أهل السنة والجماعة على أنَّ النبوة خُتِمت بمحمد - صلى الله عليه وسلم - والنصوص القرآنية والحديثية متواترة في ذلك؛ فقد قال - تعالى-: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ الأحزاب: 40، وقال - جل جلاله :- ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ المائدة: 3.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: (كانت بنو إسرائيل تَسوسهم الأنبياء، كلما هلَك نبي، خلَفه نبي، وإنه لا نبيَّ بعدي).

وقال - صلى الله عليه وسلم - لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: (ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه ليس نبيٌّ بعدي).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: (ذهبَت النبوة وبَقِيت المُبشرات، قيل: وما المُبشرات يا رسول الله؟ قال: الرؤية الصالحة).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إن لي أسماءً؛ أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي، يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب، والعاقب الذي ليس بعده نبي).

وهذا نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - قد بُعِث إلى الناس كافة، وللبشر جميعًا، وشَمِلت دعوته الجن والإنس؛ قال - تعالى -: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ الفرقان:1، وقال - جل جلاله: - ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ﴾ الأعراف: 158، وقال - عز وجل:- ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ سبأ: 28.

وإذا كان الله تعالى بحِكمته أرسل محمدًا - صلى الله عليه وسلم - مُصححًا لما حرَّفه مَن تنكَّب سبيل الرسل من قبله، ومُجدِّدًا لما درَس من التوحيد والشرع بفعْل أعداء الدين من الكافرين، ورافعًا الجهالة عن قرون السالفين، فما مُسوغ مجيء نبي بعده، والقرآن بين أيدينا محفوظٌ سليم من التحريف والتبديل، ومعه السنة النبوية الصحيحة المحمية من عدوان كلِّ معتدٍ أثيم، وهي مشروحة مبينة لا تحتاج إلى مَن يزيد عليها؟!

قال - تعالى:- ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ النحل: 89.

فهل أُرسِل هذا المدعي للنبوة إلى جهة من الأرض، أو إلى قوم من الناس، لَم تَشملهم دعوة محمد - صلى الله عليه وسلم - العالمية والخاتمة؟! وبأيِّ جديد جاء هذا الغلام؟! وأي إضافة زادها على مَن سبَقه من الأنبياء؟!

اللهم إلا الإبداع الذي لم يُفكر فيه الرسل من قبله، وهو العمالة للمستعمرين، وموالاة الكافرين، وخِذلان أهل الحق والدين، فهذا هو جديده وإبداعه؟!

يصف "الغلام أحمد" البلد التي بُعِث فيها بقوله: "كانت قريتي أبعد من قصد السيارة، وأحقرَ من عيون النظارة، درَست طُلولها، وكُرِه حلولها، وقلَّت بركاتها، وكَثُرت مضراتها ومَعرَّاتها، والذين يسكنون فيها كانوا كبهائم، وبذِلَّتهم الظاهرة يدعون اللائم، لا يعلمون ما الإسلام، وما القرآن، وما الأحكام، فهذا من عجائب قضاء الله، وغرائب القدرة أنه بعَثني من مثل هذه الخربة".

إن القادياني في سيرته الذاتية هذه، يقدم لنا معلومات مثيرة ومفيدة عن خَرِبته التي بُعِث فيها، فهو - كما نرى - لم يرسل بين الجن والإنس، وإنما بين البهائم، وقد علِمنا أن البهائم من العجماوات غير المكلفة، ولو كان أولئك - الذين يدعي أنه أُرسِل فيهم - يَملكون أبجديات علم الكتاب والسنة الصحيحة على فهْم سلف الأمة، لرجَموه عند أول كلمة يتلفَّظ بها، لكن هذه هي المصيبة قديمًا وحديثًا، لا يجد الضُّلاََّّل وأصحاب الأهواء وأرباب الأفكار المريضة مَرتعهم، إلا في مجتمعات مريضة بالجهل والأُميَّة الدينية، والغيبوبة الشعورية واللاشعورية، ولا تزال الأوضاع على حالها، فهذه اليوم دول يتوافر فيها العلماء وطلبة العلم، وسكانها يعانون أمية القراءة والكتابة، وغياب أدنى مراتب الوعي الديني؛ مما يجعلنا دائمًا عُرضةً لاجتياحات الفكر المعادي للثوابت، فهل كُتِب على الصحوة الإسلامية أن تبقى غافلةً عن هذا الموضوع إلى أن تقوم الساعة؟

ومن معتقدات "الغلام" وأتْباعه الأحمديين، أن المسيح - عليه السلام - صُلِب على الصليب، ولكنه لم يمت عليه، بل أُغمي عليه وأُنزِل حيًّا، وهو معتقد كفري باطل، مخالف للنص القرآني القطعي الدلالة؛ قال - تعالى :- ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ النساء: 157 - 158.

كما أنهم يعتقدون أن المسيح بعد حادثة الصلب الفاشلة، رحَل إلى "كشمير" وعاش فيها تسعين سنةً، ثم تُوفي عن عُمرٍ يناهز 120 سنةً، خلافًا لاعتقاد أهل السنة، ويجزمون بأن المسيح الموعود في آخر الزمان، ليس المسيح ابن مريم نفسه، وإنما شبيه له، وهو "الميرزا أحمد الغلام"، ولإثبات تلك المعتقدات الباطلة حول المسيح، فإن القاديانيين يخصصون جزءًا كبيرًا من دعوتهم لمجادلة النصارى في هذه الأبواب، وكثيرًا ما يفحمونهم، بسبب ضَعْف حُجج النصارى، وهذا ما زاد من أسهم القاديانية الأحمدية بين عوام المسلمين المُنبهرين بردودهم على دين الكنيسة، وفي الواقع ليس الأمر كما يُظَنُّ؛ فإن حجج القاديانيين واهية كحجج النصارى، وهم في هذا الباب عميان يجادلون عميانًا أمثالهم، وينطبق عليهم ما يُنسب للمسيح أنه قاله في الإنجيل المحرَّف: "أعمى يقود أعمى، فكلاهما يسقطان في حفرة".

وعلى المسلمين أن ينتبهوا إلى أن القاديانية الأحمدية كغيرها من المذاهب الباطنية لها أسرارها، ولها معتقداتها الخفية التي لا يَبوحون بها للجميع، إلا بعد أن يقعوا في شِراكهم وحبالهم، وهم يُظهرون عكس ذلك في إعلامهم؛ عملاً بالتقية التي يلوذ بها جميع المبتدعة والفِرَق الضالة على غرار الرافضة وغيرهم.

وقد فضَح تلك الأسرار بعض أتباعها الذين تابوا وعادوا إلى مذهب أهل السنة والجماعة، ومنها أنهم يزعمون أن "الغلام ميرزا" كان يعتقد أن إلهه إنجليزي؛ لأنه ينزل عليه الوحي باللغة الإنجليزية! كما نقَلت الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة - من إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي - عن بعضهم قوله: "إن القاديانيين يؤمنون أن الله يصوم ويصلي، وينام ويصحو، ويكتب ويُخطئ"؛ تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا!

ويتبيَّن من وصْف الغلام القادياني لإلهه، أنه من غلاة المجسمة والمُشبهة، وقد وصف إحدى المرات الله بأنه مثل الأخطبوط، صاحب الأذرع العديدة، التي يُدير بها شؤون العالم الكثيرة، فكأن الله عنده عاجز عن أن يدير هذا الكون بقوله: "كن فيكون"؛ مما ألْجَأه إلى هذا التشبيه الأخطبوطي السخيف، وزعم الغلام أيضًا أنه كان في كشوفه يُرسل إلى الله بعض قصاصات الورق فيها طلبات، وكان الله بذاته يوقِّع عليها بالحبر الأحمر، وفي إحدى المرات نفَض الإله قلمه الذي يُوقِّع به، فلطَّخ ثوب الغلام، وكذلك ثوبُ أحد مُريديه بالمداد!

ومن أصول مذهبه: إيمانه بتناسخ الأرواح وحلولها في بعض الأجساد، ومنها: تناسُخ روح إبراهيم في جسد محمد - صلى الله عليه وسلم - وتناسُخ روح محمد - صلى الله عليه وسلم - وظهورها في جسد الغلام القادياني، ولا شكَّ أن تناسُخ الأرواح إحدى السخافات التي أخذها من دين الهندوس، وهي أبعد ما تكون عن النقل الصحيح والعقل السليم.

ومما تُقرِّره الديانة الأحمدية: أنَّ الله أوحى إلى غلامهم بكتاب يسمونه الكتاب المبين، وهو مثل القرآن في المرتبة، وفيه أكثر من عشرة آلاف آية، يقول الغلام: "أُقسم بالله تعالى، إنني أؤمن بهذا الوحي النازل علي، كما أُؤمن بالقرآن الشريف، وبكُتب الله الأخرى، وإني أعتبره قطعيًّا ويقينيًّا، كما أعتبر القرآن قطعيًّا ويقينيًّا"، وقد جمَع ذلك الوحي المُشتت في عهد خلفائه في كتاب يُسمى "التذكرة".

وكان الغلام قد سوَّد في حياته الحافلة بالدجل والكذب على الله - أزيد من ثمانين كتابًا ومجلدًا بالعربية والأردية، والفارسية والإنجليزية، فيها الكثير من آياته المقدسة، وزعم أن مَن لم يقرأ جميع تلك الكتب المليئة بالطلاسم ثلاث مرات، فإن في إيمانه شكًّا؛ مما أصاب أتباعه بالحرَج الشديد؛ إذ إن أشدَّهم تعصُّبًا لدينه - ومنهم خلفاؤه من بعده - لم يقرؤوا كلَّ كُتبه، فضلاً على أن يقرؤوها ثلاث مرات.

ويحاول الأحمديون عبثًا اليوم أن يخفوا أكثر ذلك الوحي خوفًا من الفضيحة؛ لأن قراءته كافية لإثبات أن صاحبه كتبه بين أروقة إحدى المصحات العقلية، وتلك الآيات الموحاة هي في الحقيقة؛ إما تجميع لبعض آيات القرآن، وفصْلها ببعض الكلمات الركيكة الهزيلة من عنده، وهي أشبه ما تكون بالهذيان، وإمَّا كلمات مصفوفة من سجعٍ متكلَّف بعيد عن قواعد اللغة الصحيحة، ومنها هذه الآيات المفجعات: "يا أحمد، بارك الله فيك، ما رميت إذ رَميت، ولكنَّ الله رمى، الرحمن علَّم القرآن، لتُنذر قومًا ما أُنذر آباؤهم، ولتستبين سبيل المجرمين، قل: إني أُمرت وأنا أول المؤمنين، قل: جاء الحق وزهَق الباطل إن الباطل كان زهوقًا، كل بركة من محمد - صلى الله عليه وسلم - فتبارك مَن علَّم وتعلَّم".

وفي أخرى: "يقولون: أنى لك هذا، أنى لك هذا، إن هذا إلا قول البشر، وأعانه عليه قوم آخرون"، وثالثة: "إني رافعك إلي، وأَلقيتُ عليك محبةً مني، لا إله إلا الله، فاكتب وليطبع (كذا)، وليرسل في الأرض، خذوا التوحيد، التوحيدَ يا أبناء الفارس (كذا)، أصحاب الصفة، وما أدراك ما أصحاب الصفة".

ويبدو أن هذا الإبداع الفكري وهذه الروائع الأدبية، لَم تنل في زمانه حظًّا لدى أصحاب المطابع ودور النشر، فكان ذلك أحد أسباب نزول وحي يتوعَّد فيه أصحاب المطابع الذين رفضوا طباعة كتبه، بقوله في آية سخيفة: "قيل: ارجعوا إلى الله، فلا ترجعون، وقيل استحوذوا، فلا تستحوذون، ولا يخفى على الله خافية، ولا يصلح شيء قبل إصلاحه، ومن ردَّ من مطبعه (كذا)، فلا مردَّ له".

وكان الغلام كثيرًا ما يلجأ إلى مثل هذا الصنيع في ادِّعاء نزول الوحي بحسب الطلب؛ ليحل به مشاكله اليومية والحياتية، ففي إحدى المرات أعجَبته شابة، فأراد أن يتزوَّجها، فلما طلبها من والدها، رفَض، وزوَّجها لغيره، فغضب الغلام وألف وحيًا يُهدِّد المرأة وأهلها، وزعم أنها نبوءة، ستتحقق في أقرب الآجال، فيقول في وحيه: "وهنَّأني ربي وقال: إنا مُهلكو بعْلها كما أهلكنا أباها، ورادُّوها إليك، الحق من ربك فلا تكونن من الممترين، وما نؤخره إلا لأجل معدود، قل تربَّصوا الأجل، وإني معكم من المتربصين، وإذا جاء وعد الحق هذا الذي كذبتم به، أم كنتم عمين".

ولم تتحقق النبوءة؛ إذ إنه مات بينما بَقِيت تلك المرأة مع زوجها إلى أن تُوفِّيا بعد ثلاثين سنة، وكل مَن يقرأ نبوءاته التي تجاوزت المئات، يدرك أنه لم يتحقَّق منها شيء، إلى حد أنه كلما أطلَق نبوءةً يحدد وقت حدوثها بالساعة واليوم، ويعتكف أتباعه في معابدهم؛ يصلون، ويدعون الله أن يُحقِّقها لهم قبل أن يَحين الموعد؛ حتى لا يَفتضح نبيهم، لكن ككل مرة لا يتحقق منها شيء، فيخرج هو ورجاله المقربون على الناس؛ ليقولوا: إن النبوءة تحقَّقت، لكن بطريقة سرية وإلهاميَّة وشطحاتية لا يَفهمها العوام، وككل مرة يُصدِّق الدَّهْماء كذبهم، فما أقبح الجهل! وما أبشع الأُميَّة!

ولَمَّا اتَّهمه خصومه بأنه يسرق الكلمات والنصوص من هنا وهناك؛ ليؤلف بها وحْيه المقدَّس، أوحى إليه شيطانه في الحال بهذا النص المضحك: "والله إنه ظل القرآن؛ ليكون آيةً لقوم يتدبرون، أتقولون سارق، فأتوا بصفحات مسروقة كمثلها في التزام الحق والحكمة، إن كنتم تصدقون"، وبقوله: "ألا لعنة الله على مَن افترى على الله، أو كذَّب الصادقين، وكل مَن كذَّب الصادق أو افترى، جمَعهم الله في نار أُعِدَّت لهم، وليسوا منها بخارجين، قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين".

وللغلام جولات وصولات مع وحيه المقدس، فقد قال حضرة المسيح الموعود - كما يسميه أتباعه -: "إن جميع مؤلفاتي بالعربية هي من نوع الإلهام؛ لأنني كتَبتها بتأييد خاص من الله، فإنني أحيانًا لا أعرف معنى بعض الكلمات والفقرات التي أكتبها حتى أنظر إلى القاموس، ثم أفهم المعنى"!

وأُوحِي إليه مرةً بهذه الآية: "هوشعنا نعسا"، وعلَّق عليها الغلام أحمد بقوله: "لا أدري بأية لغة نزل هذا الإلهام"، ومرة أخرى أوحي إليه بهذه الكلمات الطلاسيمية: "بريشن عمر براطوس يا بلاطوس"، وعلق عليها بقوله: "لا أدري هو بلاطوس صحيح، أم براطوس؛ لأن الإلهام نزَل علي بسرعة"!

وورَدت عليه يومًا كلمة:  "يلاش" في الوحي، بقي مدةً حائرًا في معناها، ثم جاءه الإلهام بالشرح والبيان، فقال في تفسيرها: "يلاش" هو اسم الإله، وكلمة إلهامية جديدة، ما وجَدت على شاكلتها في القرآن، ولا في الحديث، ولا في كتاب من المعاجم، وقد كشف لي عن معناها؛ أي: "يا لا شريك"؛ مما يعني أن اسم إله القاديانية الأحمدية الذي يعبدونه هو: "يلاش"، وليس الله!

ويقول في بعض كتبه: "من الوحي الذي أتلقاه ما يكون بلغات لا أعرفها إطلاقًا؛ مثل: الإنجليزي والسنسكريتي، والعبري، وغيرها"، ثم يعود ليُسَفه نفسه في كتاب آخر قائلاً: "من غير المعقول أبدًا ومن السفاهة حقًّا أن يتلقى الإنسان وحيًا ليس بلغته أو لا يفهمه".

ومن فواجعه هو وأتباعه في الكذب على الدين تبنِّيهم التفسير الباطني لكتاب الله تعالى، وإن مَن يقرأ بعض تلك التفسيرات الباطنية والكشفية والإلهامية - كما يزعمون - يكتشف مقدار جهل أولئك القوم، وإني أضع بين يدي القارئ بضعة أمثلة من الإبداعات التفسيرية التي تُشبه في سخافتها وهزالها الأفلام الهزلية.

يقول أحدهم في تفسيره عن يوم القيامة والساعة: "ومن علاماتها - يقصدون الساعة - إنشاء حدائق للحيوانات في بلاد شتَّى من أنحاء العالم؛ مصداقًا لقوله - تعالى - في سورة التكوير: ﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾ التكوير: 5؛ أي: جُمِعت في حدائق خاصة بها، وقالوا عن قوله - تعالى :- ﴿وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ﴾التكوير: 10.

إشارة إلى انتشار الصحف والمجلات الإعلامية في سائر البلدان في هذا العصر، وفسَّروا قوله - تعالى :- ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾ التكوير: 8 - 9، بأنها دلالة على الدعوات والنداءات التي يُطلقها دعاة تحرير المرأة من قيود الظلاميين الذين منعوها من ممارسة حريَّتها، واستدلوا بأن القتل المذكور في الآية ليس قتلاً حقيقيًّا وإنما معنوي؛ لأنه لو كان القتل حقيقيًّا، لكان الله قد سأل القاتل لا الموؤدة المقتولة؛ مما يعني أن الآية إخبارٌ بما سيقع في المستقبل من تطوُّر إيجابي في مجال الحريات النسوية!

ومن تفسيراتهم السمجة لنصوص القرآن والسنة التي يستدلون بها على صحة دعوة الغلام القادياني، زعْمهم أن قول الله - تعالى :- ﴿ وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ﴾ المؤمنون: 50، المقصود من كلمة "ربوة" مكان يُدعى "الربوة"، وهو معروف في "باكستان"، وقد أصبَح اليوم مزارًا مقدَّسًا لديهم.

وفي حديثه عن معاني الخشوع التي ورَدت في كتاب الله تعالى، يُقارنها الغلام بشيء لم يخطر إلا على باله المريض، فيقول: "إن هاتين الحالتين - حالة الخشوع في الصلاة، ولحظة إنزال المني عند هياج الجماع الجنسي - مذكورتان في كتاب الله، وستتوفران أيضًا في اليوم الآخر، وهذه اللذات لن تكون متوفرةً فقط، بل لا يمكن وصفها، فالرجل في العالم الآخر عندما يمارس الجنس مع زوجته، لن يستطيع أن يميز إن كان مشغولاً بالجماع مع زوجته، أم أنه مشغول بالصلاة الخاشعة لربه، أما بالنسبة للأشخاص الربانيين، فإنهم يجربون نفس هذا الشعور في هذه الحياة الدنيا"، ونَحمدك اللهم على صحة العقل ونعمة الإيمان.

أمَّا عن شرحهم الباطني للسنة النبوية، فقد فسروا حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن نزول المسيح في آخر الزمان: (ثم ينزل عيسى ابن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق)، فقالوا: إن هذا الحديث نبوءة صادقة على نزول حضرة المسيح الموعود؛ لأنه جاء من قرية قاديان، وهي تقع جغرافيًّا شرقي دمشق!

ومن الصفات التي عرف بها حضرة المسيح الموعود الميرزا الغلام، كثرة الذم والسب بأقذع الأوصاف، واللعن، واتهام الأعراض، وكيل الشتائم السوقية لمخالفيه، حتى إنه رُفِعت ضده دعوات قضائية خَسِرها، واضطرَّ حضرته مرات عدة للاعتذار أمام القضاء، لكن هيهات؛ فمَن شبَّ على شيء شاب عليه، فكان سَرعان ما يعود إلى طبيعته في السب، وسجيته في الطعن الهابط والسافل، ولا شكَّ أنَّ مَن هذا خلقه، لا يمكن أن يصنف بين عوام المسلمين، فضلاً عن أن يكون من أفاضلهم، أو أن يكون مَهديًّا، أو نبيًّا، أو مسيحًا موعودًا.

يصف الغلام الموعود أحد مخالفيه بقوله: "ومن اللئام أرى رجيلاً فاسقًا غولاً لعينًا، نُطفة السُّفهاء، شكسًا خبيثًا، مفسدًا ومُزورًا، نحسًا يسمى السعد في الجهلاء، آذيتني خبثًا، فلست بصادقٍ إن لم تمت بالخزي يا ابن بغاء".

وفي مرة من المرات نظَم قصيدةً شعريةً تُضحك الثَّكلى، وتَصلح أن تكون سيناريو لفيلم كوميدي، فانتقد أحد خصومه تلك القصيدة التي يُرثى لها، فغَضِب المسيح الموعود والنبي المرسل لشخصه وشعره، فردَّ على منتقده في كتابه الموسوم "مواهب الرحمن" بقوله: "ثم بعد ذلك نكتب جواب ما أشعَت، وظلمت نفسك، والوقت أضَعت، أمَّا ما أنكَرت في كتابك بلاغة قصيدتي، وما أكَلت عصيدتي، فلا أعلم سببه إلا جهْلك وغباوتك، وتعصُّبك ودناءتك، أيها الجهول، قم وتصفَّح دواوين الشعراء؛ ليظهر لك منهاج الأدب والأدباء، أَتُغلط صحيحًا، وتظن الحسن قبيحًا، وتأكل النجاسة، وتعاف النفاسة، ليس في جَعْبتك منزعٌ، فظهر لك في التزري مطمع، وكذلك جرَت عادة السفهاء أنهم يخفون جهلهم بالازدراء، ويْلَك ما نظَرت إلى غزارة المعاني العالية، واستقريت القذر كالأذبة، ما فكَّرت في حسن الكلام، ولا في المنطق ونظامه التام، أيها الغبي عَلِمت من هذا أنك ما ذقت شيئًا من اللسان، ولا تعلم ما حسن البيان، ونزوت كالسرحان قبل الفَهْم والعِرفان، أبهذا تبارَينا في الميدان، وتبارَزنا كالفتيان، أتتَّكئ على الأصغر الذي كتب معه الجعفر إليك، وكنت قد فررت من هذه القرية مع لعنٍ نزَل عليك، فاعلم أنهم يكذبون، وليسوا رجال المصارعة، ولا قِبَل لأحد في هذه المناضلة، دع تصلُّفك؛ فإنك لستَ من الرجال، ولو كنت شيئًا، لما فررتَ من الاحتيال، ثم اعلم أني ما رضَعت صعاب الأدب بالمشقة والتعب، بل هذه موهبة من ربي".

ومن أبياته الشعرية في هذا المضمار المنتن قوله:

إِنَّ الْعِدَا صَارُوا خَنَازِيرَ الْفَلاَ ....َنِسَاؤُهُمْ مِنْ دُونِهِنَّ الأَكْلُبُ

ولم يكتف الغلام بسبِّ أفراد من الناس، بل إنه أطلَق أقذع النعوت المتهمة لأعراض المسلمين جميعًا، فانظر إليه كيف يقذف جميع المسلمين بالزنا، وأمهاتهم بالبغايا في قوله: "وتلك كتب - التي ألفها ميرزا غلام - ينظر إليها كلُّ مسلم بعين المحبة والمودة، ويقبلني ويصدق دعوتي، إلا ذرية البغايا الذين ختَم الله على قلوبهم، فهم لا يقبلون"!

والعجب العجاب أن كلامه المسلسل بالسبِّ والشتم وقلة الأدب، ورَد في كُتبٍ عناوينها: "مواهب الرحمن"، وكتاب: "روحاني خزائن"، وما أوسعَ الشُّقة بين ذلك الكلام الهابط، وبين معاني المواهب الرحمانية، والخزائن الروحانية، ويصح أن يقال: إنها المواهب الوضيعة والخزائن الحقيرة، ويكفي في الرد عليها أن نُورِد ما قاله هو نفسه في بعض كُتبه، حيث تبجَّح زُورًا بقوله: "إنني مفطور على ألا تخرج من فمي أقوال جارحة ومُؤذية لأحد".

وقال مرةً أخرى كلمةً، وهي أصدق كلمة قالها الغلام في حياته: "إن السب والشتم ليس من سيرة الشرفاء".

ومما عُرِف به الغلام هو وخلفاؤه، أكْل أموال الناس بالباطل، باستغلال ضَعْف عقولهم، ودعوتهم للإنفاق في سبيل دعوتهم، وكان الغلام يستغفل أتباعه؛ ليَنهب خيراتهم، والأمثلة على ذلك كثيرة، ففي إحدى المرات وعَد "ميرزا غلام أحمد" بكتابة خمسين جزءًا من كتابه "براهين أحمدية"، وطالَب الناس بدعمه ماليًّا لطباعة هذه المجلدات الخمسين، يقول الميرزا: "لقد تَمَّ تعييني من قِبَل الله تعالى؛ لكي أُثبت صحة وصدق دين الإسلام، وسأنشر خمسين جزءًا من البراهين الأحمدية؛ لأُبرهن ذلك"، ويقول متسوِّلاً: "إنني رجل فقير بحاجة إلى عون مقدَّم؛ حتى أتمكَّن من نشْر براهين أحمدية"، لكنه في النهاية - وبعد أن جمَع المال - نشَر خمسة أجزاء فقط، فأخلَف وعْده وخان الأمانة، لكنه قال: "عزَمت في البداية أن أؤلِّف خمسين مجلدًا، ولكنني اكْتَفيت بكتابة خمسة مجلدات، وبما أن الفرق بين الخمسين والخمسة هو صفر، إذًا فقد نفَّذت وعدي".

وفي موقف آخر أنشَأ الغلام سنة 1905 مقبرةً خاصةً، يُدفن فيها القاديانيون الأحمديون فقط، ويَحرُم دفنُ مَن لا يؤمن بدعوته من المسلمين وغير المسلمين، وسُمِّيت تلك المقبرة بـ "مقبرة الجنة"، وكانوا يعدون دفينها من أهل الجنة لا محالة، إلا أن الغلام وضع شروطًا أخرى لمن يحقُّ له أن يُدفن فيها، ومنها أن يتقدَّم الراغب بمكان له في الجنة بإقرارٍ خطي إلى هيئة المقبرة، موقعًا عليه من شاهدَين، يُصرِّح فيه بأنه أوصى بوقف عُشر أملاكه "على الأقل" المنقولة وغير المنقولة، لصالح المسؤولين عن تلك المقبرة المقدسة"!

وإذا انتقَلنا إلى أمر مهمٍّ آخرَ من أصول دينهم، فإن مما يعتقده القاديانيون الأحمديون ويتواصون به، كفر جميع المسلمين، ممن لا يؤمنون بنبوَّة الغلام، ولا يتَّبعون دينه، ولا يُصدقون بأنه المسيح الموعود، ولا يُبايعون خلفاءه من بعده.

وصرَّح الغلام أحمد بأن: "الذي لا يؤمن بي، لا يؤمن بالله ورسوله"، وأعلَنها خليفته "الميرزا بشير الدين": "أن جميع المسلمين الذين لَم يشتركوا في مبايعة المسيح الموعود، كافرون خارجون عن دائرة الإسلام".

ولا يُكفر الأحمديون المسلمين لمجرد أنهم لا يؤمنون بنبوة الميرزا الغلام، بل لأسباب أخطر وأعمقَ؛ فقد نُشِرت لخليفة القاديانية في جريدة الفضل في 21/ 8/ 1927 مقالة بعنوان "نصائح للطلاب"، جاء فيها: "قد قال المسيح الموعود: إن إسلامهم - أي: المسلمين - غير إسلامنا، وإلههم غير إلهنا، وحجهم غير حجنا، وهكذا نُخالفهم في كل شيء"، وجاء في نفس الجريدة في 30/ 7/ 1931: "من الخطأ الظن بأننا لا نخالف المسلمين إلا في مسألة وفاة المسيح، أو غيرها من المسائل الأخرى، بل إننا نُخالفهم في ذات الله، وفي الرسول والقرآن، والصلاة والحج والزكاة"، ومن أجل ذلك فقد أفتَوا أتباعهم بعدم جواز الصلاة خلف المسلمين، ولا الصلاة على موتاهم، ويحرمون الزواج من المسلمين، ولهم فتاوى شديدة في ذلك، والغلام أحمد ميرزا نفسه لم يصل على أحد أبنائه الذي مات دون الإيمان بترُّهات أبيه.

أما أهل السنة والجماعة، فقد أجمعوا على كفر ورِدَّة أتباع الديانة القاديانية الأحمدية، وذلك منذ ظهورها، وفي شهر ربيع الأول عام 1394هـ الموافق إبريل 1974م، انعقَد مؤتمر برابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، وحضَره ممثلون للمنظمات الإسلامية العالمية من جميع أنحاء العالم، تقرَّر فيه أن القاديانية الأحمدية فرقة كافرة، وجاء كذلك في قرار المجمع الفقهي بمكة المكرمة عن القاديانية الأحمدية ما يلي: "قرَّر المجلس بالإجماع اعتبار العقيدة القاديانية - المسماة أيضًا بالأحمدية - عقيدةً خارجةً عن الإسلام خروجًا كاملاً، وأن مُعتنقيها كفار مُرتدون عن الإسلام، وإن تظاهر أهلها بالإسلام، وإنما هو للتضليل والخداع، ويعلن المجلس الفقهي أنه يجب على المسلمين - حكومات وعلماءَ، وكُتَّابًا ومفكرين، ودعاةً وغيرهم - مكافحة هذه النِّحلة الضالة وأهلها في كل مكان من العالم".

وفي عام 1984 أصدَرت المحكمة الشرعية الفيدرالية بجمهورية باكستان الإسلامية بإسلام آباد، حكمًا جاء فيه: "مرسوم حظر ومعاقبة النشاطات المناهضة للإسلام للفرقة القاديانية والفرقة اللاهورية والأحمديين، وتقرَّر أن القاديانية فئة كافرة"، وقد كفَّرهم كذلك جميع علماء أهل السنة والجماعة، والعديد من اللجان العلمية التابعة لهيئات ووزارات الأوقاف في الدول الإسلامية في المشرق والمغرب، ومنها كذلك هيئة كبار العلماء بالسعودية والأزهر الشريف، وعلماء الجزائر ومشايخها.

وبالرغم من كل أخطار هذه الديانة المنحرفة ووعي الأمة نظريًّا بخبثها، فإن نشاطها تضاعَف في السنين الأخيرة بشكل مثير وقوي جدًّا، فكأنهم في سباق ضد الزمن يهدف في نهاية المطاف إلى "قدينة" أهل السنة جميعًا، بل العالم كله، فإضافةً إلى نشرهم دعوتهم في المنطقة السنية، يجتهدون ليل نهار بين غير المسلمين شرقًا وغربًا، واستطاعوا - بفضل تنظيم هيكلي مُحكم - توسيعَ بِنيتهم التحتية من المرافق والأموال، والأئمة والطاقات البشرية المختلفة، ولهم كُتب مترجمة بلغات البلدان الأوربية كلها تقريبًا، وهم يبنون مراكز لطائفتهم في كل بلدٍ يدخلونه، ولهم نشاط إعلامي وتعليمي، واقتصادي وسياسي؛ حتى صار لهم أتباع في بلاد سنية، لم يكونوا ليَحلموا بدخولها، وهؤلاء الأتباع يتلقون الدعم المعنوي والمادي والتدريب؛ لتكوين النواة التي تبدأ بتسميم جسد الأمة من الداخل.

وللأسف، فإن فاعلية نشاطهم قد فاقَت فعالية نشاط أهل السنة والجماعة في بعض الأحيان والمناطق، بسبب سوء التخطيط والتنظيم والتنفيذ، وغياب التعاون الميداني بين العمل الفردي والجماعي والمؤسسي، هذا من جانب، ومن جانب آخر - وهو الأخطر - ضَعْف هِمة السنيين الدعوية، التي تحوَّلت في كثيرٍ من الأوقات إلى هِمَّة جنونية في التنابز والتقاذف، والقطيعة والتحزب للأشياخ، هؤلاء ضد هؤلاء؛ حتى باتت بعض المساجد والمراكز الإسلامية مراكزَ موبوءةً بالفرقة والتجريح، والنيْل من أعراض العاملين في حقْل الدعوة إلى الله، فإلى الله المشتكى، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

تم قراءة المقال 3985 مرة