طباعة
الأربعاء 26 ذو الحجة 1442

معركة "الطُعم" والحرب المصيرية !

كتبه 
قيم الموضوع
(1 تصويت)

معركة "الطُعم" والحرب المصيرية !

رسومات هنا، وجداريات هناك، وبرنامج تلفزيوني استفزازي أول وثان وثالث...، تصريح مفتعل وتصريح مناوئ له، هراء وقح لأحد الحداثيين، وهذيان سمج لبعض الليبراليين، ومنشور مصور لمسترجلة، ومقال مؤنث لنصف رجل مخنث، طمس تمثال، توقيف صحفي، منع برنامج، وباء كورونا...معركة قضائية ثم أخرى، ثم كوكتيل مواقف "معا وضد" في نفس الوقت...هكذا المشهد كما يُخطط له بحرفية وإتقان.
انتصارات وهمية في معارك مفتعلة، يوهمونك فيها أنك أنت الرابح، وعدوك هو الخاسر، ويفهمونك أنهم إلى جانبك وينتصرون لقضاياك، ويُضخمون انجازاتك التي حققتها، وما هي في الحقيقة إلا "طعوم" بنكهات الفتافت المتنوعة.
إنهم يُحسنون التمثيل، وتصوير الدراما التي تنتهي بسعادة الأشقياء الحالمة، وانتشاء البطل بالنهايات الوردية.
وما دور التمثيل سوى الإلهاء!
نعم!، الإلهاء عن المعارك الكبرى، والملاحم المصيرية...إنه يشبه ما يسميه إخواننا المصريون بلهجتم: "بُص العصفورة"!
هي "مُعُريكات" تصغير معارك تنتهي بـ "اُنتُصيرات" تصغير انتصارات تكتيكية، الهدف منها لفت نظرك، بل غمض عينك عن الحرب الإستراتيجية الهوجاء والجائحة المصيرية النكراء...هو ذر للرماد في العيون حتى تعمى عن الأهم والأخطر والأفيد والموت والحياة...
الغاية في الأخير هو إقرار دستور علماني لاديني، يكبل الإسلام وأهله لـ 132 سنة أخرى قادمة.
نحن - بلا مبالغة - أمام مشروع إنزال جديد للعدو الصليبي الغربي على شاطئ سيدي فرج سنة 1830، تتقدمه هذه المرة قوى التغريب والاندماج الناعمة والأسلحة المعنوية بدل البارود والمدفع.
ومن الأخطاء التي ارتكبها أجدادنا حينها هو اعتمادهم على مقاومة المحتل في حرب برية في معركة سطوالي، وما كان لأحداث تلك المعركة أن تقع، وأن تطول فصولها إلى غاية 1962، لو كانت وقعت في أعالي البحار، حيث كان الأسطول البحري الجزائري سيد المتوسط يُغرق سفن العدو كاللعب الالكترونية، وكانت أمريكا العظمى لا تمر بواخرها فيه إلا بتصريح ودفع عمولة...لكن تم تدمير قواتنا البحرية بسلسلة مؤامرات وخيانات وأخطاء مؤسفة.
ليس هذا وقت العويل على الأطلال، والبكاء على اللبن المسكوب، لكنه وقت استخلاص الدروس لحروب المستقبل التي فرضوها علينا، وهي برأيي المتواضع الآن هي:
- المعركة ما زالت حضارية ثقافية إيديولوجية بين الحق والباطل، أي بين الإسلام وأعدائه.
- لا تترك العدو ينظم صفوفه، وينزل بأرضك، واهزمه حيث موطن بأسك وشدتك، ولا تفرط في نقاط قوتك.
- لا تُخون أحدا، ما لم تثبت خيانته للدين والوطن، واعمل مع جميع الأخيار والشرفاء، واجتنب الفرقة والشقاق واعلم أن الجبهات الساهرة والمرابطة على الحدود لا تسقط إلا بتضعضع الجبهة الداخلية.
- لا تفرح كثيرا بانتصارات "الطعم في السنارة"، ولا تنشغل بالمناوشات الجانبية المنهكة، وعلاج أعراض المرض دون استئصال الورم.
- القوى الناعمة أشد فتكا من القوى المادية التقليدية، فليكن امتلاكها واجبا وطنيا يقوده علماء الدين والدنيا والمفكرون المخلصون لربهم وأرض أجدادهم.
إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم.

تم قراءة المقال 371 مرة