قيم الموضوع
(0 أصوات)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد : فإنه سبق أن كتبت مقالة عن حكم التدخين في شرع الله تعالى بعنوان:" أيها المدخن قف"، وبعض الناس مع علمهم بالحكم الشرعي وبالأضرار التي يسببها التدخين قد يترددون في الإقلاع الفوري عنه ، ويقولون : إن الإقلاع عنه صعب وقد استحكم في منذ سنين، فكيف أقلع عن التدخين ؟ وهذا ما سأحاول الجواب عنه في هذه المقالة بحول الله تعالى.

 

37-كيف تقلع عن التدخين

1-الدعاء واللجوء إلى الله تعالى

    عليك أيها العبد أن تعلم أنك فقير إلى الله تعالى محتاج إليه، فتضرع إليه وابك بين يديه واسأله أن يرفع عنك هذا البلاء، واعلم أنه لا حول ولا قوة إلا بالله ، أي لا حيلة للعبد ولا تحول له من حال إلى حال إلا بإذن الرب المتعال ، قال تعالى : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) (غافر:60)

2-الإكثار من الصلاة

    وأنت ولا شك تعلم أن التدخين ناشئ عن ضعف الإيمان ، إذن عليك أن تقوي إيمانك، ومن أعظم ما تقوي به الإيمان المحافظة على صلاتك في وقتها، واخشع فيها وأكثر من النوافل ، فإن ذلك يجعلك بإذن الله تقهر نفسك وتقلع عن الدخان، كيف وقد قال تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) (العنكبوت:45) والتدخين من أعظم المنكرات.

3-قراءة حكم التدخين

   عليك أن تقرأ ما كتب في حكم التدخين وبيان مفاسده الدينية، لتتيقن تحريمه ولتعلم أن إقلاعك عنه قربة لله تعالى تؤجر عليها ، وأن تماديك وإصرارك عليه معصية تبعدك عن الله تعالى وتوجب لك العذاب الأليم، واسأل نفسك أيهما أحب إليك آلله تعالى أم هذه السيجارة الملعونة؟ لا شك أن الله تعالى أحب إليك منها ومن كل متاع الدنيا بل هو أحب إليك من والدك وولدك والناس أجمعين، وإذا كان الله تعالى أحب إليك فأطعه وخالف النفس والهوى، فما النجاة إلا في مخالفتهما.

4-الاطلاع على أخطار التدخين الصحية

    ومما يقوي عزم العبد العاقل على أن يقلع عن تناول هذا السم القاتل أن ينظر فيما عدده الأطباء من أمراض يسببها التدخين والإدمان عليه (أمراض القلب والصدر والدم والحنجرة والمناعة …الخ)، وما يذكرونه من إحصاءات عن عدد الذين يموتون سنويا بسبب التدخين، والمؤمن يكفيه تحريم الله تعالى له، ولكن الاطلاع على مثل هذا يزيده يقينا واطمئنانا إلى حكم الله تعالى، ويزيده عزما على الإقلاع الفوري عن التدخين .

5-العزيمة القوية والهمة العالية

    وهذه نقطة مهمة وإن قضية الإدمان متعقلة بها ، إذ كثير من الناس مع سلامة عقولهم وقوة أجسامهم وسعة ثقافتهم تجدهم يضعفون أما ذلك الأنبوب الحقير ، ويجعلونه سيدهم المطاع ومعبودهم الذين يرجعون إليه ويستغيثون به عند حدوث المصائب والهموم والأحزان ، سبحان الله ما الذين يصير الإنسان الذي كرمه الله تعالى عبدا لهذه الحشيشة، إنه ضعف الإرادة وقلة العزيمة، أخي في الله اعلم أنك تستطيع ، وعندما تريد تستطيع، وكل ما أوجبه الله عليك فأنت قادر عليه وكل ما حرمه عليه فأنت قادر على تركه، ذلك أن الله تعالى قال: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ).

6-الصبر على نشوة التدخين

   أخي تحل بالصبر، واعلم أن النصر مع الصبر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فأنت إذ قررت التوبة والإقلاع عن التدخين ستدخل معركة كبيرة مع الشيطان ومع الهوى والنفس، فعليك بالاستعداد النفسي لرد وساوس إبليس ولتتحمل بعض أعراض الإقلاع عن التدخين (إن كانت) واعلم أن الاشتهاء وتلك النشوة التي تدعوك إلى السيجارة لا تدوم أكثر من دقيقة فقاوم ولا تنهزم .

    وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم :« إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا أَعْطَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ » رواه أحمد وصححه الألباني. وذلك في الدنيا والآخرة. وكل شيء في سبيل الله تعالى يهون، قال ابن القيم رحمه الله: « إنما يجد المشقة في ترك المألوفات والعوائد من تركها لغير الله ، أما من تركها مخلصا من قلبه لله، فإنه لا يجد في تركها مشقة إلا في أول وهلة، ليمتحن أصادق هو في تركها أم كاذب، فإن صبر على ترك المشقة قليلا استحالت لذة».

7-إياك والفراغ

   أخي حتى لا تفكر في التدخين، واملأ أوقات كلها بالعمل الصالح والنافع في الدنيا والآخرة، ولا تترك نفسك فارغة من غير شغل ، فإن الشيطان إنما يستولي على قلبك في حين الغفلة وحين الفراغ ، إذن فاشغل نفسك بالأعمال النافعة لك في دنياك وآخرتك، ولا يزال لسانك رطبا من ذكر الله.

8-الإكثار من الصوم

   وإن مما يقوي العبد على نفسه وعلى وساوس الشيطان ، ويقوي في قلبه الإيمان، أن ينخرط في مدرسة التوبة والصبر والتقوى : الصوم ، فعليك أن تكثر منه، خاصة أيام الاثنين والخميس، فهي أيام ترفع فيها الأعمال وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصومها. وفي الصيام تجد ما يساعدك بإذن الله تعالى على الإقلاع عن هذا الشر، وإنك ربما رأيت من نفسك ومن غيرك كيف يترك الناس التدخين في نهار رمضان ويصبرون عليه، وكيف يقللون منه وربما ينسونه في ليله، ولا نقول لك انتظر رمضان ولكن نقول لك صم النوافل يعصمك الله تعالى من شر هذا الدخان.

9-اجتنب أهل التدخين وأماكنه

    ومما يدل على عزمك الأكيد أن تفارق رفقاء السوء وخاصة المدخنين منهم، وقد جاء في الحديث :« المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل » (رواه أهل السنن) ، فاجتنب الذين يدعونك إلى التدخين ويهونون من أمره، واجتنب ما استطعت الجلوس في المقاهي وكل مكان يذكرك ويدعوك إلى التدخين.

10-أقلع فورا لا تدريجيا

   أخي بعد أن اقنتعت بالتحريم إياك أن يتلاعب بك الشيطان، وأن يدخل في قلبك فكرة الإقلاع التدريجي، فإن التوبة لا تتحقق إلا الاقلاع الفوري. والمدخن سواء دخن كثيرا أو قليلا فهو عاص لله تعالى. ولو مات وهو لم يتب منه مات عاصيا لله تعالى. وإن القضية قضية شرعية قبل أن تكون طبية ، نعم لو كان الأمر متعلقا بالمخدرات لنصحناك بالاتصال بالمصحات والمستشفيات التي تساعد المدمنين على الإقلاع تدريجيا ، لكن في أمر الدخان لا يصل الحد إلى تلك الصورة، ولقد رأينا أناسا وسمعنا عن آخرين أمضوا شبابهم وكهولتهم في التدخين، فلما سمعوا بتحريمه في آخر كهولتهم أو شيخوختهم تركوه فورا ونهائيا، وما ذاك إلا لقوة عزيمتهم وشدة خوفهم من لقاء ربهم، إذ المسن غالبا يرى الموت أمامه وقريبا منه ، والواجب على الشاب أيضا أن يرى الموت يجري خلفه ويترصد له، لأن الموت لا يفرق بين كبير وصغير وصحيح ومريض .

   وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما حرم عليهم الخمر (وأين منه الدخان) لم يقولوا هذه المقولة، ولكن المنقول عنهم هو الترك الفوري ورمي ما كان في أيديهم وطرح ما كان في أفواههم .

11-أخرج مادة النيكوتين من دمك

    أيها المدخن إن جسمك متسمم ولذلك أنت تجد هذه النشوة التي تدعوك إلى تناول السيجارة، ولكي تتخلص منه وتطهر جسمك من هذا السم عليك:

-أن تكثر من شرب الماء فإنه يساعدك على إخراج هذه مادة النيكوتين من الجسم.

-أن تخصص بعض الأوقات لممارسة الرياضة ، من أجل إخراج مادة النيكوتين.

-أن تتناول الفيتامين c فإنه أيضا يساعد على النشاط ويدفع الكسل، فتقوى به وبعصير البرتقال.

12-تصدق بأموال السيجارة

    كلما راودتك فكرة التدخين ونشوته قم وتصدق بثمن السجارة على فقير ، أو اشتر مطويات نافعة ووزعها، أو حلوى للأطفال أو هدية للوالدين، أو غير ذلك من النفقات الصالحة. وفي هذا موعظة للنفس الشحيحة وتأديب لها وتعليم لها أن تنفق المال فيما ينفع لا فيما يضر.

13-استعمل السواك

    أكثر من استعمال السواك فإنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مطهرة للفم مرضاة للرب» (رواه النسائي)، وهو مزيل لنشوة التدخين وشاغل للعبد بحمله عن حمل السيجارة. فاستبدل أخي رائحة الدخان الكريهة برائحة السواك الزكية، قوى أسنانك وأحفظ صحتك وأطع ربك.

14-اذكر الله ذكرا كثيرا

    أخي أكثر من ذكر الله تعالى يطمئن قلبك ، قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد:28) فإنه بالذكر يقوى قلبك وتقوى عزيتك إن شاء الله تعالى، وبذكر الله تهدأ أعصابك وتقل انفعالاتك.

15-اجتنب الغضب

   اجتنب الغضب وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن طلب منه الوصية :«لا تغضب » (رواه البخاري) لأن الغضب أصل من أصول الشر، وإذا غضب العبد استولى عليه الشيطان، وأملى عليه ما يريد، لذلك نقول لك لا تغضب لا تتعرض إلى أسباب الغضب واكظم الغيظ ما استطعت ، وإن غضبت فإياك أن تنتكس فتشعل السيجارة، فإن الغضب نار والنار لا تطفأ بالنار، وإنما بالاستغفار وذكر الواحد القهار، والدوام على الوضوء في الليل والنهار.

16-احذر من اليأس

   أخي قد تقول قد حاولت ترك التدخين أكثر من مرة فلم أفلح ، تركته أياما ثم عدت إليه مرة أخرى، فنقول حاول مرة أخرى ولا تيأس جدد العزم وعاود التوبة واستعن بالله ولا تعجز، واتخذ الأسباب المعينة لك على تركه، فإنه ربما كان سبب إخفاقك عدم علمك بهذه الأسباب أو تهاونك ببعضها.

    نسأل الله تعالى أن يهدينا وأن يهدي بنا وأن يجعلنا هداة مهتدين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

تم قراءة المقال 4477 مرة