طباعة
الجمعة 6 ربيع الأول 1431

مرحبا بالداعية الكبير : رمضان

كتبه 
قيم الموضوع
(1 تصويت)

 
    إنه كلما حلّ علينا شهر رمضان، استقبله الناس بفرحة ربما أسكبت الدموع والعبرات وقال فيه الوعاظ أجمل العبارات، ووقفوا معه عدة وقفات، فمنهم المقل ومنهم المستكثر، وإني أحببت أن أسجل شيئا من الكلمات، وأن أقف عند مشهد من مشاهد الشهر الظاهرة لنسطر بعض العبر التي يحسن بكل مؤمن أن يعتبرها، أما المشهد فهو مشهد التوبة العامة والرجوع الجماعي إلى الله تعالى، مشهد المساجد المكتظة بالمصلين فوق العادة في الفريضة وفي قيام الليل، مشهد تلك الجماهير التي تقلع عن المعاصي وتزيد من الطاعات وتتنافس في الخيرات في هذا الشهر المبارك حقا، إنه مشهد ينطوي على جملة من العبر.
 
 

مرحبا بالداعية الكبير : رمضان

 
 
  فهو يدل على أن الخير ما زال موجودا في أكثر الأمة، وأن الإيمان لم يرفع بعد، ولا تزال طائفة من الأمة على الإيمان والطاعة إلى أن تقوم الساعة، ويدل أيضا على أنه لا محل لليأس والقنوط الذي يريد أن يبثّه بعض القاعدين الفاشلين، الذين يقولون مثبطين غيرهم لِمَ تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا، ففي هذا المشهد تكذيب لدعواهم. 
 

     وإذا علمنا أن هذا الرجوع الجماعي إلى الله تعالى كان تلقائيا من غير دفع من أي جهة، ولا جهد يبذله طرف من الأطراف كان في ذلك بيانا واضحا لتقصيرنا في مجال الدعوة إلى الله وإلى الخير، وأنّ الجهد المبذول من الطائفة العاملة على الساحة الدعوية لا يعدل عشر معشار الجهد المطلوب والواجب لإصلاح الأمة، والاستجابة لاحتياجها في هذا المجال مجال الدعوة والنصيحة والتذكير.

   وفي هذا المشهد أيضا درس آخر لأعداء الدين من الكفار والمرتدين الذين يسعون جاهدين أن يبعدوا الأمة عن دينها وأن يمحوا كل معالم انتمائها إلى الإسلام، فإنهم إذا رأوا ذلك المشهد علموا أنهم مهزومون لا محالة، وأنهم مهما أنفقوا من جهد ومال ومهما أغروا الشباب المسلم وشغلوه عند دينه، فإنه بين لحظة وأخرى معرض ليقظة القلب التي تقلبه رأسا على عقب وتصيره جنديا من جنود الرحمن بعدما كان مرتميا في أحضان أولياء الشيطان، وهذا المذكور كله مما يبعث الأمل في النفوس الخيرة التي تعمل لعزّ الأمة وتمكينها واستعادة أمجادها، ويساعدها على الاستمرار على العمل للإسلام وعلى الصبر والمصابرة وتحمل المشاق في سبيل إيصال الكلمة الطيبة التي تنير الطريق لأبناء الأمة وتحيي قلوبهم وتربطهم بربهم وتذكرهم بواجباتهم نحو ربهم ونحو دينهم ونحو إخوانهم المؤمنين، وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين.
 
تم قراءة المقال 3413 مرة