قيم الموضوع
(0 أصوات)

*/ // -->

إن الناظر في حال الدعوة الإسلامية في الجزائر يلحظ أنها تعرف حالة ركود وجمود، ولا يكاد يرى في الساحة سوى بعض الجهود المتفرقة من أفراد قليلين هنا وهناك، وليس الغرض هنا استقصاء مظاهر التقصير ولا تتبع معالم الانحراف الذي يسري في هذا البلد على مرأى ومسمع الجميع دون أن يصدر من أكثر الأمة أدنى حركة!! ولكن الذي أردت الحديث عنه هو واحد من أسباب هذا الركود: وهو القعود والإحجام الذي أصبح صفة مميزة لأكثر المنتسبين إلى طلب العلم، ولقد كان النشاط الدعوي في زمن مضى أحسن حالا مع قلة المتأهلين من الناحية الشرعية، والآن لما أصبح خريجو الجامعات الإسلامية في الجزائر وغيرها يعدون بالآلاف انقلب الحال إلى ما سبق ذكره !!

مسؤولية طلاب العلم

 

المصيبة ضعف الطالب وقلة نشاطه

 فأخاطب المنتسبين إلى طلب العلم بكلمات للشيخ ابن باز رحمه الله وجهها لطلبة جامعة الإمام بالرياض سنة 1410 لعلها تضيء لهم الطريق فتحرك هممهم، وتغرس فيهم روح الإقدام وتقتلع جذور مرض التردد والإحجام، قال رحمه الله وهو يتحدث عن طلبة العلم : » فواجبهم عظيم والخطر عليهم جسيم ، والأمة في ذمتهم لأنها بأشد الحاجة إلى البلاغ والبيان بالطرق الممكنة . والطرق اليوم كثيرة منها وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ..فلها آثارها العظيمة في إضلال الناس وفي هدايتهم ..وهكذا الخطب في الجمع والمناسبات والندوات والاحتفالات لأي سبب لها أثرها أيضا ، والنشرات المستقلة والمؤلفات والرسائل لها أثرها العظيم. فالطرق بحمد الله اليوم ميسرة وكثيرة ، وإنما المصيبة ضعف الطالب وقلة نشاطه وإعراضه وغفلته، وهذه هي المصيبة العظمى ..والله عز وجل يقول : ]وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ(  ا.هـ.

 

 

أنا لها أنا لها

 

قد يقرأ هذا الكلام كثير من الناس فيقول هذا حق ولكن لست معنيا به..هناك من هو أولى مني..لست أهلا...إلى غير ذلك من الأعذار المعروفة والمألوفة، فنـزيده كلاما آخر ورد في هذه المحاضرة يرد على هذه الشبه قال رحمه الله:» ثم طالب العلم بعد ذلك حريص جدا أن لا يكتم شيئا مما علم ,حريص على بيان الحق والرد على الخصوم لدين الإسلام، لا يتساهل ولا ينـزوي، فهو بارز في الميدان دائما حسب طاقته، فإن ظهر خصوم الإسلام يشبهون ويطعنون برز للرد عليهم كتابة ومشافهة وغير ذلك، ولا يتساهل ولا يقول هذه لها غيري بل يقول أنا لها..أنا لها …فهو بارز دائما لا ينزوي، بل يبرز في الوقت المناسب لنصر الحق والرد على خصوم الإسلام بالكتابة وغيرها من طريق الإذاعة أو من طريق الصحافة أو من طريق التلفاز أو من أي طريق يمكنه. وهو أيضا لا يكتم ما عنده من العلم بل يكتب ويخطب ويتكلم ويرد على أهل البدع وعلى غيرهم من خصوم الإسلام بما أعطاه الله من قوة«. ولابد أن يتذكر القارئ أن هذا الخطاب موجه لطلبة الجزيرة، ثم ليعقد موازنة خفيفة بين الجزائر والجزيرة من جهة: ( وجود العلماء، نشاط الدعاة، التعليم النظامي، الاستقامة على الشرع، وضع اللغة العربية، نشاط التغريبيين، قوة العلمانيين، انتشار التنصير، فشو الجهل والأمية، وجهة وسائل الإعلام، حال الجامعات، نشر الكتب والأشرطة الدينية، القوانين المحكمة ).

 

قال رحمه الله بعد ذلك: » وكل ذي بصيرة يعلم ما ينشر في هذا العصر من الشرور العظيمة في الإذاعات والصحافة والتلفاز وفي النشرات الأخرى وفي المؤلفات الداعية إلى النار، وهذا الجيش المتنوع الذي يدعو إلى طرق النار يحتاج إلى جيش مثله وقوة مثله بل وأكثر منه …فلا يليق بطالب العلم أن ينزوي ويقول حسبي نفسي..لا..فإن عليه واجبات..حسبه نفسه من جهة عمله أن يعمل..وعليه واجبات من جهة البلاغ والبيان والدعوة فربنا يقول سبحانه:] ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [ ويقول سبحـانه : ]وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ[ .

فاللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا هداة مهتدين والحمد لله رب العالمين.

تم قراءة المقال 4008 مرة