الاثنين 19 شوال 1431

بين تعليمنا والتعليم النبوي

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

(نشر في جريدة الجزيرة العدد 8 بتاريخ 31 أوت 2002)

   من الأمور التي غابت عن أذهان الناس في هذه الأيام أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معلما ومربيا، وقد كلف بهذه المهمة فأداها على أكمل وجه بتوفيق من الله تعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا ولكن بعثني معلما ميسرا" (رواه مسلم). وقال معاوية بن الحكم السلمي:"فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه والله ما ضربني ولا كهرني ولا سبني ولكن قال كذا وكذا" (صححه ابن حبان)، إننا نرى الناس يتكلمون عن المدرسة المرجع التي نقيس عليها أو نقلدها ، فهذا يقول بلجيكا آخر يقول ألمانيا …

 

بين تعليمنا والتعليم النبوي

 

   ونحن نقول بل مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم أولى بنا.. ولا مجال للمشاغبة بذكر برامج العلوم التي لم تكن في ذلك العصر، لأننا نقصد أساسا المنهج التربوي والقالب الذي تقدم فيه المعلومات وليس هو عين المعلومات التي تقدم في العلوم الدقيقة، ثم إن ميدان التعليم في الإسلام لم يخل منه زمان في دولة الإسلام بل له نماذج كثيرة منها ما يقترب من المنهج النبوي، ومنها ما يبتعد نوعا ما لتأثره بمناهج الحضارات القديمة، ومن أقرب المناهج التي نرشد إليها منهج جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، لأنه قريب إلينا من حيث العصر والزمان، ولأن واضعيه راعوا واقع مجتمعنا ومكونات هويته، واجتهدوا قدر الاستطاعة أن يوافقوا الهدي النبوي ومنهجه التعليمي، ولأن الكتابات والدراسات حول هذا المنهج متوفرة.

   ومما قاله العلامة ابن باديس وهو يتكلم عن التعليم الديني:"...ولن يصلح هذا التعليم إلا إذا رجعنا به للتعليم النبوي في شكله وموضوعه، في مادته وصورته فيما كان يعلم صلى الله عليه وسلم وفي صورة تعليمه"، وإذا كان المضمون مقصورا على العلوم الشرعية فإن الشكل والصورة أمور تربوية ومنهجية لا تختص بعلم دون آخر فيجب علينا استخراجها وترتيبها وتعميمها، والقلم الإسلامي في عصر النهضة لم يهمل هذا الموضوع، ففي هذا الباب دراسات مختلفة الأحجام متعددة الجوانب، تعمقت في تتبع جزئياته حتى قتلته بحثا، وجهل أكثر الناس بوجودها لا يلغيها ولا يعدمها.

   وحتى لا نترك القارئ يسبح في التقدير للمسائل التي نريد من الناس أن يراجعوا فيها إلى الشرع نضرب له أمثلة حية يجد لها التأثير البالغ في التعليم وهي صفة المعلم وأخلاق المعلم، فهل معلمو المدرسة الجزائرية خاضعون لمقاييس تربوية صحيحة، نقول لمن يريد الإصلاح تعالوا نقف على صفات المعلم القدوة في الشريعة الإسلامية، لنسعى لتطهير القطاع من غير المؤهلين وسيرون حجم الكارثة وسيتحدد لهم موضع الخلل، ولا تعجبوا إن زعمت أن أول الراسبين المخلوعين هم أعضاء لجنة "من زاغو" عن القيم الإسلامية، ومن الأمور التي ننبه عليها أيضا لتقريب الأمر إلى ذهن القارئ كيف يتعامل المعلم مع خطأ التلميذ في التصرف أو الجواب؟ في الواقع نجد منهم من يضرب التلميذ! ومنهم من يسبه! ومنهم من يسخر منه ومنهم من يخرجه من القسم! إلى غير ذلك من الفنون التي يعرفها سجانو المدرسة الجزائرية، وهذه الأمور كلها مخالفة للمنهج التربوي النبوي والدليل خبر معاوية بن الحكم المذكور أعلاه هذا تمثيل وتقريب وإلا فمسائل التربية أصبحت تشكل علما متكاملا بل علوما والسلام على من اتبع الهدى .

تم قراءة المقال 3405 مرة