طباعة
الاثنين 9 ربيع الأول 1431

التنصير في مدرستنا

كتبه 
قيم الموضوع
(3 أصوات)

 

   قال الناقد : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد : فإننا نتناول في هذه المقالة وسيلة من وسائل التنصير التي لا تزال تؤرقنا وتسهر ليالينا، نراها أمامنا ماثلة للعيان ولا نقدر على دفعها إلا بما يقوله اللسان ويخطه البنان، إننا لا نملك أن نعمل في مواجهتها عملا ذا بال، لأن وسائلنا محدودة فإننا لسنا من ذوي الجاه أو المال.

 

التنصير في مدرستنا

 

     نتناول قضية استغلال المنصرين لمدرستنا لنشر ملة غير ملتنا، تلك المدرسة التي كان يؤمل المسلمون أن تكون حامية لدينهم، حافظة لفلذات أكبادهم من مظاهر الانحراف العقدي والسلوكي، المدرسة التي يعتبرها النبهاء مرآة المستقبل، وثكنة تكوين الأجيال الذين يواصلون مسيرة أجدادهم، ويقتحمون الحصون التي وقف عندها آباؤهم، إن المنصرين في الخارج قد علموا ما لدور التعليم في تكوين ثقافات الأمم وعقائدها وأخلاقها، لذلك هم يحاولون ضرب الأمة الإسلامية من خلال هز القواعد الخلفية التي تحمي كيانها بل يسعون إلى تحطيمها إن أمكنهم ذلك، ولهم في ذلك طرق معروفة وأساليب أضحت مكشوفة وليست هي المقصودة في كلمتنا هذه ، ولكن المقصود هو تخطيطهم لاستغلال المدرسة التي غابت عنها المناهج التعليمية، والرقابة الجادة والصارمة لصالح مشاريعهم التنصرية، لأنهم بحثوا عن وسائل ذات تكاليف يسيرة وتحقق في الوقت نفسه نتائج كبيرة، فكان منها احتلال المدارس عن طريق تركيز دعوتهم في أوساط المعلمين والجامعيين المؤهلين لأن يكونوا معلمين، وإنها لطريقة ذكية تسمح بانتشار سريع للتنصير في بلادنا وتنشر الفساد على طريقة القنابل العنقودية، إنها وسيلة تمكن المتنصرين المرتدين من مخاطبة عدد أكبر من شرائح المسلمين، وتمكنهم من مخاطبة شرائح غير مستقلة في فكرها، وليست لها الحصانة الكافية ضد العقائد الباطلة ، كل ذلك في إطار رسمي "التعليم"، وفي اجتماعات رسمية يومية مع أبناء المسلمين وبناتهم، هؤلاء الأولاد الذين أرسلهم أولياؤهم إلى المدرسة ليتعلموا ، ولعلهم كانوا يريدون من المدرسة في زمن مضى أن تلقنهم التربية الإسلامية وتحفظهم القرآن الكريم!! لكن قد خابت اليوم آمالهم، وحسبهم الآن أن يخرج أولادهم من المدرسة كما دخلوا لا لهم ولا عليهم لا غانمين ولا غارمين.

    لقد كانت أخبار تداول أبناء مدارسنا الرسائل والكتيبات والأشرطة التنصيرية على أنها كتب دينية تتعبنا وتؤرقنا وتحرق قلوبنا ، فلم نلبث أن صرنا نسمع بالمعلمين الذين نأمنهم على تربية أولادنا وتعليمهم قد ارتدوا عن الإسلام وتنصروا ، وصاروا يبثون سمومهم ويغرسون في الناشئة خرافاتهم، لقد كان أقدم خبر قرع آذاني في هذا المضمار عن طريق أحد أقاربي في( ذراع الميزان ) وذلك في أوائل التسعينيات، لقد صدمني حين قال لي اليهود والنصارى والمسلمون كلهم يدخلون الجنة إذا كانوا مخلصين، ثم علمت منه أنه تلقى هذه العقيدة الفاسدة من معلمه في المتوسطة آنذاك !! وبعدها بمدة حدثني أحد الأئمة عن مدرس مادة اللغة العربية في إحدى القرى التابعة لدائرة " واضية " كلف بتدريس مادة التربية الإسلامية، فجعلها مادة الطعن في عقائد الإسلام وأخلاق المسلمين، واعجب أيها القارئ كيف يكلف مرتد بتعليم أبنائنا في مرحلة الابتدائي، ثم كيف يكلف بتدريس النصرانية والرد على الإسلام والمسلمين، وفي متوسطة قرية "آيت عبد المومن" ينال التلاميذ أعلى المعدلات في مادة التربية الإسلامية بلا دراسة ولا امتحان، لأن الأستاذ المرتد لا يريد تدريس المادة ويعلن للطلبة أنها مادة غير مهمة، وغير بعيد عن هذه القرية في قرية "آث عمر" في بلدية "آيت بو عدو" التابعة لـدائرة "واضية" أيضا حدثت تلك الفضيحة التي اشتهرت في وسائل الإعلام وكان بطلها معلم الفرنسية ومدير مدرسة حيث حولا المدرسة إلى كنيسة واستغلوا أولاد المسلمين من أجل تصوير أشرطة دعائية وأناشيد تنصيرية بلغة أهل المنطقة.

   وهذا لا يستغرب من المدير الذي يشغل في الوقت نفسه منصب مدير كنيسة بروتستانتية في العاصمة، ولا من المعلم العريق في الردة والدعوة التنصيرية حيث كان سببا في تنصير أسر بأكملها في "آيت عبد المومن" قبل أن ينتقل إلى "آيت بو عدو".

   وفي منطقة بوغني لم يعد نشاط أستاذ الهندسة المدنية في الثانوية خافيا لأنه أصبح يدعو العمال وزملاءه إلى الدين الجديد ، وغير بعيد من بوغني في"أسي يوسف" حُدِّثت عن معلم في الابتدائية كان مرتدا يدعو إلى النصرانية ثم إنه رجع إلى الإسلام وترك التعليم ، وكان الواجب عليه ألا يترك هذا الميدان ليُكَفِّر على الأقل عما بدر منه في مدة ردته ، وهذا ما وعد به معلم كان مرتدا أيضا في بجاية ورجع إلى الإسلام بعد أن رأى أثر القرآن فيمن به مس من الجان ، وعد بأن يدعو إلى الإسلام بعد أن كان داعية في النصرانية في محل عمله وفي مدرسة تنصيرية خاصة في حي "إحدادن" .

   وفي بلدية " إليلتن " التابعة لدائرة "إفرحونن" التي تعيش في حالة كارثية، وعاث التنصيريون فيها فسادا كبيرا، بلغني أن معلما مرتدا من المجاهرين بالردة والدعوة إلى التنصير، يحضر اجتماع الأساتذة معلقا الصليب على صدره ، وفي متوسطة " واغزال " في مدينة عين الحمام يصرح أستاذ التربية الإسلامية أن ما يمليه على التلاميذ غير صحيح لكن مفروض عليه أن يدرس هذه المادة .

   وفي قرية "أسمليكش" التابعة لـ"تازمالت" ببجابة حدثت فتنة كبيرة بين المرتدين وعموم أهل القرية، وذلك حينما توفيت عجوز ادعى المرتدون أنها تنصرت، ولا بد من أن تدفن على الطريقة النصرانية في غير مقبرة المسلمين، الذي حدثنا بالخبر من أقارب هذه العجوز قال زعماء المرتدين الذين كانوا يطالبون بتسليمها لهم ليدفنوها، وهم معلمو المدرسة الابتدائية في هذه القرية المعزولة.

 

    وكتب إلي أحد الشباب الغيورين على دينهم رسالة هذا ملخصها " إن مدينة واسيف واقعة تحت لعنة التنصير بشكل مخيف ومقلق، إذ أن يد العون من "المجهول" لا تنقطع عنهم ، كتب وأشرطة وأقراص منسوخة، وكل ما يخطر بالبال من أساليب تنصيرية. ولعل الظاهرة التي تدعو إلى اتخاذ الإجراءات الصارمة من الدولة وقيام الدعاة بقوة ، هي ظاهرة التنصير عبر المدارس ، إذ يقوم بعض المرتدين من المعلمين بدعوة الشباب في المتوسطات، ففي إحدى المتوسطات يقوم بهذه المهمة أستاذ اللغة العربية والعلوم الإسلامية، وذلك بطريقة فنية يصطاد بها من بيده من الشباب"القصر" ، تصور ما يقوم به معلم التربية الإسلامية من سب وثلب لدين الإسلام وأثر ذلك في التلاميذ، هذا المعلم يقتصر على النشاط السري والذكي في وسط هؤلاء القصر، أما أستاذ الإنجليزية في متوسطة المدينة فيدعو إلى النصرانية علانية جهارا نهارا في القسم وخارجه، ولا يتحرج من سب النبي صلّى الله عليه وسلّم وزوجاته علنا، ولا يجد أحدا يرد عليه إلا بعض التلاميذ النبهاء ثبتهم الله تعالى . وهناك أيضا ناظر متوسطة نال رتبة قسيس في كنيسة واسيف البروتستانتية ولا يثبت عندي عنه أي نشاط تنصيري داخل المتوسطة وإن كان ذلك غير مستبعد ".

   وحتى المناطق التي لم يتمكنوا من كسب بعض المعلمين فيها فهم لا يغفلون عن توزيع الأشرطة والكتيبات والأناجيل على التلاميذ، ويسعون جاهدين لضم المعلمين في صفوفهم، وفي انتظار ذلك هم لا يتركون طريقة يتسللون بها إلى مدرستنا إلا استغلوها، وحكي لي أن بعض المرتدين تقدموا بكل وقاحة إلى مدير مدرسة في قرية "آيت سيدي يحيى" بأزفون ليطلبوا منه عرض أفلامهم على التلاميذ، لكن المدير الذي لم يخف عليه حال هؤلاء المرتدين رفض ذلك والحمد لله رب العالمين.

 

    هذا ما تمكن الناقد من جمعه من المنطقة التي ينتمي إليها، عن طريق معارفه فيها في مدة وجيزة ، وقد اقتصر على ما جزم به الناقلون دون ما ترددوا فيه ونقلوه بصيغة التمريض، كما أنه استعجل إخراج المقال ولم يأته بعد جواب من جهات أخرى من المنطقة، ولا يقدر فرد واحد استقصاء جميع أخبار المنطقة، فضلا عن أخبار البلاد كلها شرقا وغربا شمالا وجنوبا . وهدفه من هذا الاستطلاع أن يكشف للأمة عن وسيلة من أخطر وسائل المنصرين في هذه البلاد ، وسلية ساندها ضعف الرقابة والتسيب الذي يسود قطاع التعليم، بل الهدم والإفساد المتعمد لمنظومة بنيت في عقود من الزمن ، وتطوير مادة التربية الإسلامية إلى التربية المدنية بعد كانت بدوية، والتقليل من أهميتها ومن الحجم الساعي لها، واستغناء القطاع -قدر الاستطاعة- عن المتخصصين في علوم الشريعة .

    والناقد يعلق الأمل على المولى عز وجل ثم على المخلصين من أبناء هذه الأمة في صد هذا الزحف، من معلمين ومديرين ومسؤولين في قطاع التربية، وقبل هؤلاء أولياء التلاميذ ، وليعلم هؤلاء أن مهمة تربية الأجيال مسؤولية وأمانة معلقة في أعناقهم وسيسألون عنها يوم القيامة .

 

    وحتى لا نقتصر فقط على تشخيص العلة والداء دون وصف الحل والدواء، نقترح بعض المقترحات التي نسأل الله تعالى أن تجد آذانا صاغية وقلوبا واعية، وأن لا تكون صيحة في واد ونفخة في رماد .

- إعادة النظر في برامج التربية الإسلامية في مختلف المراحل وإناطة أمر تعديلها إلى علماء متخصصين في الشريعة، وتحريرهم من كل الضغوط التي مورست على غيرهم .

 

- تأطير كل المدارس والمتوسطات والثانويات بأساتذة متخصصين في الشريعة، لضمان تدريس مادة التربية الإسلامية كما هي مقررة وعدم تحريفها أو إهمالها .

- رد الاعتبار لهذه المادة التي همشت في المنظومة الجديدة وتعزيزها في جميع مستويات الدراسة.

 

- ممارسة الرقابة الجادة على المعلمين المشبوهين واتخاذ الإجراءات الصارمة، وسن العقوبات الزاجرة ضد من يتعدى على الإسلام في الحرم المدرسي ويخون أمانة التعليم ، وإن الاقتصار على فصل من يستغل المدرسة لأغراض تنصيرية استعمارية انفصالية تساهل كبير، سندفع ثمنه غاليا أو تدفعه أجيال المستقبل.

 

- تفعيل دور جمعيات أولياء التلاميذ في الرقابة على المعلمين العملاء، وممارسة حقها في المتابعة القضائية ضد كل من تثبت خيانته للدين والوطن وأمانة التعليم .

- تجنيد المعلمين الأوفياء في حملات مضادة للتنصير في مدرستنا للحفاظ على ديننا وعلى أولادنا وعلى وحدة وطننا، بتقديم دروس مكثفة تعلم فيها العقيدة الإسلامية وتغرس فيها الغيرة على الدين ووحدة الوطن ويحذر فيها من مكائد المنصرين وتكشف نواياهم الخبيثة وأهدافهم الاستعمارية .

وفي غياب الاستجابة لهذه الأمور وفي حال تعذر الوفاء بها في إطارها الرسمي المنظم والعام، فإن الواجب الشرعي لا يسقط عن كل مسلم في الدفاع عن دينه ووطنه ضد الغزاة الصليبيين سواء كان أبا أو معلما أو مديرا أو مراقبا أو شرطيا أو قاضيا قال تعالى (هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) (محمد:38) وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .

 

 

 

تم قراءة المقال 8550 مرة