قيم الموضوع
(1 تصويت)

   إن حلول فصل الصيف يعتبر نعمة عظيمة من النعم التي امتن بها الله علينا، فهو فصل طويل نهاره ومباركة ساعاته، كثيرة خيراته، وفيه ينال أكثرنا حظه من الراحة من الدراسة أو العمل وما كان يشغله طوال السنة، في عطلة أو إجازة قد تدوم شهرا وقد تدوم ثلاثة أشهر بالنسبة للطلاب، ومما ينبغي أن يُعلم أن هذه العطلة ما إلا جزء من عمر المرء وحياته التي سيحاسب عليها ويسأل عنها، والناس ينقسم فيها إلى صنفين لا ثالث لهما، إما غانم مفلح أو غارم خاسر، فالغانم من عرف كيف يستغلها ويستثمرها من غير إخلال بواجب من الواجبات بل يعمرها بمزيد من الطاعات ويجنى ما عجز عنه في غير هذه الأوقات من الحسنات، والغارم من حوَّل هذه النعمة إلى نقمة فيضع فيها الأوقات وربما اشتغل بالمعاصي والمحرمات وضيع الفرائض والواجبات؛ ولكي يكون الواحد منا من الغانمين المفلحين لا بد له من أمور أن يعتني بها قبل حلول إجازته أو فصل الصيف عامة ، وهي تصحيح مفهوم العطلة ثم تحديد أهدافه فيها ثم وضع برنامج يتناسب مع المفهوم الصحيح للعطلة والأهداف العامة التي يصبوا إليها.

 

استثمار العطلة الصيفية

 

أولا : تصحيح مفهوم العطلة

   أول شيء يجب على المسلم فعله هو تحديد مفهوم العطلة أو تصحيحه، لأن أكثر الناس يظنون أن في العطلة تعطيل لكل عمل صالح مفيد ولكل عمل جاد ، وأنها أيام يجب أن تخلص للهو واللعب والترفيه ونحو ذلك ، وهذا خطأ كبير ؛ إذ كيف يظن العبد أن هذه العطلة التي قد تقدر بربع عمر الشباب والطلاب كلها تهدر في اللهو غير النافع وبلا فائدة تبقى.

   فالعطلة أو الإجازة إنما هي راحة عن عمل الدنيا المحضة؛ أتعب الإنسان وأرهقه لا لأنه لا يطيقه ، ولكن لتكرره اليومي وللإحساس بالملل الذي تسببه الرتابة (الروتين)، وإذا كان هذا هو المقصود بالعطلة فإن موضوعها التعطل عن بعض أعمال الدنيا المحضة ولا يصح أبدا أن تكون في حق الله تعالى لأن حق دائم وبعضه مؤقت بمواقيت لا ينبغي تعديها، ولا عطلة عن العبادة حتى الموت وقد قال الله تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) (الحجر:99) وقال سبحانه :( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) (الشرح:7-8) فالعبد في هذه الدنيا لا بد له من انشغال بما يصلح دنياه مع قيامه بما أمر الله به، فإذا فرغ العبد من أعماله التي يصلح بها دنياه وجب عليه أن يبادر إلى عمل صالح ترفع به درجته وتقال به عثرته ويثقل به ميزانه.

ثانيا : تحديد أهداف العطلة

   مما هو معلوم أن الله تعالى إنما خلقنا لغاية واحدة وهدف معين لا ثاني له وهو عبادته وحده لا شريك له: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56) ومنه فلا ينبغي أن نخلي أيام العطل والإجازات عن هذا الهدف، نعم إن أخذ الإنسان لقسط من الراحة وطلبه للإجازة أمر طبيعي وضروري، ومطالبته بأن تكون حياته كلها جدٌ أمر لا يقدر عليه، ولذلك فإن شريعة الله تعالى قد راعت فطرة الإنسان وحاجته، ووازنت بين حقوق العبد وواجبته وربطت بين حاجيات الروح والجسد، فمن من يسر الشريعة ورحمة رب العالمين أن جعل الأعمال معتبرة بالنيات ولكل امرئ ما نوى، فالعبد يقدر أن يجعل من حياته كلها عبادة لله بتصحيح نيته واحتساب كل عمل يقوم به ولو كان ذلك من الأمور الجبلية والعادية التي يقوم بها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :« وَلَسْتَ تُنْفِقُ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى اللُّقْمَةُ تَجْعَلُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ » (متفق عليه) وقال صلى الله عليه وسلم:« وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا» مسلم، قَالَ أبو موسى لمعاذ فَكَيْفَ تَقْرَأُ أَنْتَ يَا مُعَاذُ فقَالَ أَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ فَأَقُومُ وَقَدْ قَضَيْتُ جُزْئِي مِنْ النَّوْمِ فَأَقْرَأُ مَا كَتَبَ اللَّهُ لِي فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي (متفق عليه).

   وخلاصة الأهداف التي يوصى المسلم بالسعي إليها في أيام عطلته وإجازته.

1-طاعة الله تعالى بل التوسع في الطاعة إلى الحفاظ على السنن والمستحبات التي لم يقدر على المحافظة عليها في أيام شغله، وكذا الابتعاد عن معصية الله تعالى لأن الإجازة نعمة وحق النعمة أن تشكر لا أن تكفر.

2-تحصيل الراحة والاستجمام والترفيه على النفس مع التزام الأحكام الشرعية التي تضبط اللعب واللهو مع الحرص على ممارسة النشاطات الأكثر فائدة من غيرها كالرياضات المقوية للذكاء والبدن ، لا ينسى أن يحتسب كل عمل أو سفر أو نشاط يقوم به في هذا المضمار.

3-السعي إلى اكتساب مهارات لها أهميتها في حياته العملية، فهذه قد تكون فيها تسلية له وفي الوقت نفسه يستفيد منها في حياته وطوال عمره إن شاء الله تعالى.

وأيام العطل وفصل الصيف أكثر من تهدر كلها في طلب الراحة ومن فعل فسيصيبه الملل حتى في راحته هذه، لذلك وجب عليه تنويع النشاطات والأعمال، والجمع بين الأهداف المذكورة عسى أن  يصل إلى ما يرجوه.

ثالثا : ضرورة التخطيط للعطلة

   ومن صحح مفهوم العطلة وحدد أهدافه فيها، وحرص على اغتنامها واحتسابها في ميزان حسناته، كان لزاما عليه أن يخطط لهذه الإجازة ويضع لنفسه برنامجا مفصلا حتى يحسن استثمارها في الأعمال الصالحة ولا يضيع منها شيء ، وأكثر الناس إنما تضيع عليه هذه الفرصة من فرص الحياة لإعراضه عن التخطيط واللامبالاة.

   وليكن شعار هذا التخطيط ووضع البرنامج قول النبي صلى الله عليه وسلم :"احرص على ما ينفعك"، أي على ما ينفعك النفع الخالص في الدنيا والآخرة من غير ضرر يلحقك أو غبن يصيبك، وقد قال النبي e :"نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ "(رواه البخاري)، وهذه العطلة من الفراغ الذي يغبن فيه كثير من الناس للأسف الشديد.

   ولذلك لابد للمسلم أن يفكر جيدا قبل حلول الإجازة الصيفية حيث يعمل لنفسه جدولا زمنيا الأعمال يتناسب مع طموحاته وإمكانياته وقدراته.

فيم استثمر العطلة الصيفية

    وفيما يأتي ذكر لأعمال يمكن لكل واحد منا أن ينتخب ما يسطر به برنامجا كاملا، على أن بعض ما يأتي ذكره ضروري والبعض الآخر اختياري.

أولا : تلاوة القران الكريم والذكر

   إن فضل تلاوة القرآن وحفظه غير خاف على كل مسلم ، وأجره الكبير معلوم، لذلك ينبغي تخصيص وقت معين للتلاوة والحفظ والمراجعة، حتى لا يكتب المرء من الغافلين عن ذكر الله تعالى ولا من الهاجرين لكتابه، وليكن ذلك أول النهار بعد صلاة الفجر، أو قــبل كل صلاة، ويكفي أن نذكر في هذا المقام بقول النبي صلى الله عليه وسلم :«اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه» (رواه مسلم). وقوله:«إنَّ الله يرفَعُ بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخَرِين» (رواه مسلم) وقوله :«يُقال لصاحب القرآن: اقرَأ وارتَقِ ورتِّل كما كنتَ تُرَتِّل في الدنيا؛ فإنَّ منزِلَتك عند آخِر آيَة تقرَأ بها» (رواه الترمذي وصححه) .

وإن أحدنا ربما كان مفرطا في هذا الفضل العظيم بسبب كثرة مشاغل الدنيا؛ وهو في العطلة لا عذر له وفي فصل الصيف الطويل يومُه لا حجة له.

ليكن من مشاريعنا في العطلة أيضا حفظ الأذكار النبوية، وهي لا تحتاج لحفظها إلى جهد كبير ووقت طويل، لكن تحتاج إلى شيء من التركيز والمداومة.

ثانيا : إحياء بعض السنن والمستحبات

  هناك عدة سنن لا يستطيع المرء فعلها أو المداومة إلا إذا كان في أيام الإجازة والعطلة، فهذه فرصته لإحيائها فلا يضيعها، ومن ذلك الجلوس في مسجد إلى طلوع الشمس، وصلاة الضحـى والسنن الرواتـب وقيام الليل وغيرها مـما يقرب إلى الله سبحانه، فليست العطلة عطلة عن العبادة ولكنها فرصة للزيادة في العبادة المشروعة، وقد قال تعالى في الحديث القدسي :« وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها» الحديث.

ثالثا : العمرة وزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم

   ومن تلك السنن التي لا يقدر على فعلها إلا في العطلة وينصح المسلم بالحرص عليها في الإجازة أداء العمرة، وزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، قَالَ صلى الله عليه وسلم :« الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ» (متفق عليه) ولنحرص خاصة العمرة في رمضان التي يعدل أجرها أجر حجة مع النبي e، وشهر رمضان في هذه السنة سيصادف فصل الصيف وشهر العطل.

رابعا : مطالعة الكتب

   إذ في الكتاب فوائد كثيرة يغنمها القارئ ، منها ما يرجع إلى دنياه ومنها ما يرجع إلى آخرته، وليختر كل واحد منا الأوقات المناسبة له وليحرص على الإكثار منها وأن لا يهجرها فإن الإنسان ما كرم إلا بالعلم الذي القراءة طريقه.

وما يقال في الكتاب يقال عن المجلات العلمية والتربوية فإنها تحوي من الفوائد الأدبية والعلمية والترفيهية ما ينفع القارئ ويبعده عن تضييع الأوقات وعن معصية الله عز وجل.

ولا يشترط أن تكون الكتب المقروءة شرعية محضة ككتب الفقه أو العقيدة أو التفسير أو اليسرة، بل لا بأس أن تكون في الموضوعات المختلفة كسير الصحابة وأخبار الصالحين والتاريخ الإسلامي والمعاصر وكذا كتب الأدب والشعر والقصص ونحو ذلك.

خامسا: سماع الأشرطة النافعة

  وسماع الأشرطة من وسائل التثقيف والتسلية بحسب ما تضمنته من مادة، ويستطيع الواحد أن يستفيد منها وهو مشتغل بأمر آخر، فيستفيد من الشريط مهما كان محتواه وهو يقود السيارة مسافرا أو متنقلا من مكان إلى آخر، ويستفيد منه وهو مستلق يتهيأ للنوم أو يبتغي أخذ قسط من الراحة بعد عمل مجهد، المهم أن يكون شريطا نافعا ليس فيه شيء من اللهو والغناء المحرم .

سادسا : صلة الأرحام

   وصلة الرحم من أعظم الواجبات ، قَالَ صلى الله عليه وسلم :« الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ » (رواه مسلم) وهذه الصلة التي بها تتحقق الألفة والمودة بين الأقارب، قد لا يمكن لبعضنا أن يحافظ عليها إلا في أيام العطل وخاصة إذا كانت الصلة تستدعي سفرا طويلا.

سابعا : والدعوة إلى الله

   ولنجمع إلى هذه الطاعة -صلة الأرحام- طاعة أخرى هي الدعوة على الله تعالى فإن كثيرا من أقاربنا ربما يقطنون في أماكن نائية في أعالي الجبال أو أعماق الصحراء، حيث لا يصل إليهم الداعية العامل أو الناصح الأمين، ولا يجدون الكتاب النافع والشريط المفيد، بل منهم من لا يجد حتى المصحف الشريف أو كتيبات الأذكار، ونحن في هذه العطلة يمكننا أن نوصل إليهم هذه الأشياء التي تنقصهم كما يمكننا أن نكون دعاة ناصحين بما فتح الله علينا من علم وفقه في الدين على قلته .

ثامنا : حضور المحاضرات والدروس

ولا يغفل المسلم أيضا عن حضور مجالس الذكر في المساجد سواء الدروس أو المحاضرات، وليعلم أن قلبه في حاجة إلى قوت كما أن جسده بحاجة إلى قوت ولا يجد قوت قلبه في مجالس الذكر، التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم:« وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ » (رواه مسلم).

وإنك ترى كثيرا من الناس قد أهملوا هذا الجانب تمامًا؛ حتى تجد فيهم تجاوز العشرين من عمره وربما بلغ سن الشيخوخة وهو لا يعلم شيئًا عن أُمُورِ دينه. والله تعالى يقول:(يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) (المجادلة:11)، ويقول :(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) (الزمر:9). والنبي صلى الله عليه وسلم يقول :«مَن يُرِد الله به خيرًا يُفَقِّهه في الدِّين» (متفق عليه).

تاسعا : تنمية المواهب والهوايات

ومن كان لديه هواية معينة فعليه أن يحاول تنميتها بالذهاب إلى المكان المناسب سواء المعاهد أو النوادي أو غيرها، وقد انتشرت المراكز التي تقوم بتدريب الشباب في المجالات المختلفة، كتعليم الحاسب الآلي أو اللغة الإنجليزية أو السياقة ، أو تعليم الطبخ والخياطة بالنسبة للفتيات، وننبه هنا على ضرورة اختيار المركز المناسب من حيث كفاءة المعلمين والمدربين ومن حيث الالتزام بالآداب الشرعية.

عاشرا: السفر المباح

من الأمور المشروعة في الإجازة السفر المباح، سفرا بعيدا كل البعد عن معصية الله تعالى وأسبابها، وكما هو معلوم فإن للسفر فوائد كثيرة منها تغير الجو وكسر الرتابة (الروتين) والترويح عن النفس بمشاهدة المناظر الجميلة والمناطق الممتعة وغير ذلك (وهو أمر يمكننا أن نجمع فيه بين المتعة والعبادة بأن نتذكر عظمة الخالق الذي أبدع في صنع تلك المناظر التي نتمتع بمشاهدتها في الصحراء والجبال والسواحل البحرية ).

وليحذر المسلم من السفر إلى بلاد الكفر أو أماكن الفسق والمجاهرة بالمعاصي، فإن ذلك من أسباب ضعف الإيمان وسلبه والتعرض لأنواع الفتن التي لا يقدر على ردها، والكيس من يغتنم إجازته في أداء العمرة فيجمع بين السياحة والطاعة والترفيه والقربة.

الحادي عشر : زيارة المعارض والمكتبات التجارية

ولتجنب الملل في الإجازة يقترح زيارة المعارض ، كمعارض الكمبيوتر أو السيارات أو الصناعات التقليدية، وغيرها من المعارض المفيدة ، وهذا يعد ضربا من الترفيه والتثقيف في آن واحد.

ويقترب من هذا المعنى الحرص على زيارة المكاتب التجارية والتسجيلات، للاطلاع على الجديد في عالم المطبوعات الأشرطة والأقراص في الفنون المختلفة.

الثاني عشر : زيارة المرضى والمستشفيات

من الأعمال المقترحة في أيام العطل تخصيص أوقات لعيادة المرضى من الأقارب أو غيرهم سواء كانوا في منازلهم أو في المستشفيات، وفي ذلك فوائد كثيرة يجنيها العبد منها الأجر العظيم من الله سبحانه، من ذلك ما ورد عن علي مرفوعا وموقوفا :« مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ , وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ » (رواه الترمذي) ومنها ما يناله من دعائهم له، ومنها ما يناله من رقة في القلب وخوف من الله، ومعرفةٍ لقدر نعمة الصحة والعافية، ومنها دعاؤه لإخوانه ومواساتهم، وحثهم على الصبر والاحتساب.

خاتمة

وفي الأخير على العبد أن يتذكر أن هذه العطلة وما سيكتسبه فيها، وما سيسخره لنفسه وأسرته ما هو إلا من مظاهر نعمة الله عز وجل عليه، وليعلم بعد هذا أنه مسؤول عن هذه النعم؛ سيسأل عن الهداية للإسلام، والصحة في الأبدان، والأمن في الأوطان، والطمأنينة في النفس، والوفرة في الأرزاق، والرفاهية في الملبس والمأكل والمشرب، والراحة في المسكن والمركب، فلا ينس أن هذه النعم متى شكرت زادت، ومتى كفرت نقصت وبادت كما قال تعالى : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)، ويقول جل وعلا: (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ) وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

تم قراءة المقال 11513 مرة