لثلاثاء 27 ربيع الثاني 1441

خواطر حول المنظومة التربوية: حول إضافة اللغة الانجليزية في الابتدائي (المجموعة الخامسة) مميز

كتبه 
قيم الموضوع
(1 تصويت)

كلمات حول إضافة اللغة الانجليزية في الابتدائي
لا بمعنى إلغاء الفرنسية أو جعل الاختيار بينها وبين الفرنسية ولكن بمعنى اثقال محفظة التلاميذ بكتاب جديد إضافة إلى كتاب الفرنسية، وهو مشروع أثاره خليفة الوزيرة المخلوعة في أيامه الأخيرة ليترك قنبلة تنفجر بعد ذهابه ... لما أذيع خبر عرض المشروع على البرلمان في الصحافة ؛ كتبت في ذلك خمس خواطر في 7 و8 نوفمبر 2019 هي الآتية :
حول إضافة اللغة الانجليزية في الابتدائي 1
الحرب على اللغة العربية مستمرة والاستغباء مستمر التلميذ في السنة الثالثة لم يتعلم من العربية إلا حروفها ففرضت عليه الفرنسية -ومعها القبائلية- وذلك حتى لا يتمكن من العربية ولا الفرنسية وفي إطار محاربة أذناب فرنسا -زعموا- نضيف له اللغة الانجليزية إذا قبلنا بهذا اللعب فحق لنا أن نباع في سوق النخاسة بن غبريط زالت ومشاريعها ما زالت
حول إضافة اللغة الانجليزية في الابتدائي 2
الهدف من التعليم الابتدائي باختصار هو تكوين "الإنسان" وليس تأهيل التلميذ للجامعة قبل أن نبحث عن أثر فشل المدرسة الابتدائية في الجامعة علينا أن نبحث عن أثر الفشل في أعتاب أبواب الإدارات والمحلات؛ حيث تصدمك الصورة المهينة لبشر في سن الشباب يلجأون للكاتب العمومي لملء استمارة أو صك بريدي.
فشل المدرسة تراه في من يطلب منك قراءة لافتة مكتوبة باللغة العربية أو الفرنسية.
فشلها تحصيه في من يطلب آلة حاسبة من أجل اجراء عملية جمع أو طرح أعدادها بسيطة لم تتجاوز المئات.
إن الذين يخربون البرامج الفاسدة باسم الإصلاح وإصلاح الاصلاح، والإصلاح3 (المكعب) لا ينظرون إلا لدور المدرسة الابتدائية في المنظومة التربوية بعين عوراء وقراءة عرجاء.
ويتغافلون عن دورها في المجتمع أو يغلبون ذاك على هذا؛ فيضيعون الهدفين والدورين معا. (هذا إن لم يكن ثمة تعمد)
حول إضافة الانجليزية في الابتدائي 3
لديك يدان.. ولكنك لا تملك إلا عقلا واحدا في قلب واحد.
ولذلك إذا ألقيت إليك بكرتين في وقت واحد؛ ربما لم تمسك أيا منهما.. فكيف لو ألقيت إليك ثلاثا أو أربعا.
وقديما قال علماؤنا ، علماء الشريعة الإسلامية فلاسفة التربية:" من طلب العلم جملة فاته جملة"، ومنهم الزهري أول مدون للسنة النبوية (رواه عنه الخطيب).
وقالوا في وصية المعلمين: " وَلَا تُخْرِجَنَّهُمْ مِنْ عِلْمٍ إِلَى غَيْرِهِ حَتَّى يُحْكِمُوهُ، فَإِنَّ ازْدِحَامَ الْكَلَامِ فِي السَّمْعِ مَضِلَّةٌ لِلْفَهْمِ". رواه أبو نعيم في الحلية عن الشافعي واضع أصول المنطق الإسلامي.
وتلقي العقل للمعارف يكون بالتدريب والرياضة وللتدريب والرياضة قواعد لا يجوز تجازوها.
حول إضافة اللغة الانجليزية في الابتدائي 4
يقال إن هذا الاجراء وهو اقتسام الحجم الساعي للغة الأجنبية بين الفرنسية والإنجليزية؛ مجرد مرحلة انتقالية للقضاء على الفرنسية لغة المستعمر، واستبدالها بالإنجليزية بحجة أنها لغة العلم (أو مستعمر جديد، الله أعلم ).
وهذا في نظري مجرد كلام فارغ متهافت لا قيمة له :
1-لأن الخبر تضمن أن المشروع تم إعداده قبل ثلاث سنوات، وأظن أن الخبراء الفرنسيين والسفير الفرنسي والواجهة الجزائرية التابعهم لهم يومها ؛ لا يخططون للقضاء على لغتهم في الجزائر، وإنما يخططون لضرب اللغة العربية بأي وجه لا غير.
2-أن التنفيذ لهذا المشروع لابد أن يأخذ بالحسبان وجود كفاية من المعلمين المتخصصين حتى لا يضطر إلى لتكليف أساتذة التربية البدنية كل من هب ودب بتدريسها، كما حدث مع تدريس اللهجة القبائلية. 
3-أن تغيير اللغة الأجنبية الأولى في التعليم بجميع أطواره يستدعي إعداد جيش من المعلمين والكفاءات من خريجي الجامعات، بتغليب التكوين في اللغة الإنجليزية على الفرنسية، وربما يستدعي الاستعانة بكفاءات أجنبية للتكوين، والشروع في هذا التكوين –غير العادي -يكون أربع سنوات على الأقل قبل الشروع في التنفيذ.
4-كما أنه يجب التفكير في معلم الانجليزية لابد من التفكير في مصير معلمي اللغة الفرنسية الموظفين حاليا ..لأن خفض الحجم الساعي بساعة واحدة سيحيل ثلثهم أو ربما نصفهم على البطالة ..والذي أراه قريبا إلى ذهن من اعتاد على العبث و"التكرفيص والتغنجيق" في أمور مصيرية؛ هو تكليف أساتذة اللغة الفرنسية بتدريس اللغة الإنجليزية بحجة أن البرامج المعدة على عجل تحوي مبادئ بسيطة ..وعندما يكبر التلاميذ تكبر معهم الفكرة ونجد حلولا مناسبة.
5-لو كانت النية صالحة فعلا وتريد تعميم اللغة العالمية الأولى (ولا أقول لغة العلم) لأقتُرِح جعْلها اختيارية حسب القدرات المتاحة، أعني الشروع في جعلها اختيارية في الابتدائيات التي يتم توظيف فيها معلمين أكفاء للإنجليزية، والعمل بالتوازي مع وزارة التعليم العالي لتوجيه الطلبة للتخصص الذي يضمنون به شغلا دون الذي هو آيل للزوال –إن كان هذا هو قصدهم فعلا-
 وإن جعل اللغة الأجنبية اختيارية لا يزيد الضرر على اللغة الأم -التي هي متضررة جدا حاليا -كما أنه لا يضر بمعلمي اللغة الفرنسية ولا يلجئنا إلى العبث.
6-وإذا كان بعضنا يريد فرض الانجليزية والبعض الآخر عز عليه فراق الفرنسية؛ فليس الحل هو جمعهما على كاهل التلميذ وزيادة كتاب جديد لمحفظته التي قوست ظهره لتكسره، ولكن لنؤجل اتخاذ القرار إلى حين إيجاد حل علمي تربوي واقعي مفيد للتلميذ في مستقبله ولا يضر بلغته الأم، ولا نجعل من أولادنا فئران تجارب ضحايا قرارات ارتجالية أكثرها نتيجة إملاءات من خارج القطاع أو من خارج الوطن.
حول إضافة اللغة الانجليزية في الابتدائي 5
الإعلام واستغفال الرأي العام والتأثير على القرارات المصيرية
كتبت جريدة بالبنط العريض :"الجزائر في ذيل الترتيب العالمي لمكانة الإنجليزية"
وبدل أن يحدثا الكاتب عن المقاييس المعتمدة في هذا المؤشر العالمي الذي أحال إليه وما الغاية من وضعه، ومعنى "الكفاءة" التي تم قياسها -وهو قد غيرها إلى مصطلح "المكانة" غفلة أو عمدا- راح يوجه القارئ إلى تبرير قرارات يراد تمريرها في المرحلة الانتقالية بغض النظر عن صوابها وخطئها .. وربما يستغلها البعض لمزيد من التحطيم للمدرسة الابتدائية وللغة الوطنية الرسمية.
إن هذا المؤشر الذي اعتمد على 400 عينية من الجزائر لقياس مستوى كفاءتهم في لغة أجنبية لا يمكن أن يعتبر معيارا لمكانة هذه اللغة في بلدنا مقارنة بغيرها ولا يجوز جعله معلما لتوجيه سياستنا الداخلية ولا أن يربط به مصير أولادنا ومستقبل شعبنا ..إذ ثمة كفاءات عالية في هذه اللغة لم تشارك في هذا الاختبار ولم تسمع به أصلا وهو لا يهمها بل يهم سياسة واضعه ، ولو فرضنا مشاركة هذه الكفاءات السنة المقبلة فإن رتبة الجزائر ستكون أعلى ، ولا أدري هل سيتغير تحليل الكاتب حينها وهل سيكون ذلك تعبيرا عن تغير مكانة اللغة في الجزائر أو تحسن مستوى مستخدميها وكفاءتهم.
تسليما جدليا أقول:
إن تصنيف الجزائر ليس بتلك البشاعة والإشعاع السلبي الذي يريد به الكاتب حجب البصر والبصيرة .
1-فالجزائر تقع في الرتبة العاشرة إفريقيا لكن بعد دول لغتها الرسمية هي الانجليزية أو هي إحدى لغاتها الرسمية كجنوب افريقيا ونيجريا وكينيا وإثيوبيا والسودان...وبعد مصر التي كانت تحت الوصاية البريطانية وكان وزير المعارف فيها يوما بريطانيا.
2-وتقع في الرتبة الحادية عشر عربيا بعد البحرين والإمارات والكويت والأردن وقطر التي لا وجود للفرنسية عندهم . ولعل المؤشر الذي قدم الجزائر على سلطنة عمان والعراق والسعودية يعتبره غير الكاتب إيجابيا..
ولو انصف لكفاه أن يقول إن جارتينا تونس والمغرب تفوقت علينا ببعض النقط وفي الترتيب .
والرتبة التسعون من مائة عالميا يسجل عليها أنه توجد 196 دولة في العالم وليس فقط 100 فالذيل ما زال طويلا .
وأخيرا
إن هذا المؤثر وهذه الأرقام والمعدلات وضعها أصحابها وفق معايير تخصهم ولرسم سياستهم، ونحن لنا سياستنا ومعاييرنا.
وأنا أسأل عن مؤشر مكانة اللغة العربية وكفاءة استعمال اللغة العربية في الجزائر؛ مقارنة باللغة الفرنسية وعن المقارنات بين الفرنسية والانجليزية في الجزائر.
عندما نريد رسم سياسة لوطننا فعلينا أن نعتمد على قاعدة بيانات وأرقام تحترم فيها خصوصية دولتنا وموقعنا وأن لا نتطفل على ما ينتجه الغرب لنفسه.
أنا لست أدافع عن لغة المستعمر الفرنسية التي احتلت مكانة لغتي الرسمية في حياتي اليومية
أنا لا أعارض ترقية استعمال الانجليزية وغيرها من اللغات في الجامعة بجميع أطوارها.
أنا أدافع عن اللغة العربية ضد أي لغة استعمارية تريد أن تزاحمها وتحل محلها سواء كانت فرنسية أو انجليزية
أنا ضد اضعاف اللغة العربية بتعليم اللغات الأجنبية مبكرا في الابتدائي وضد قرار تعددها لأنه غير تربوي وغير عقلاني.
أنا أقول إن الغاية إذا كانت شريفة فهي لا تحتاج لتحقيقها إلى الوسائل الدنيئة.

تم قراءة المقال 1087 مرة