لثلاثاء 6 جمادة الأول 1444

بعد الجدل لابد من عمل مميز

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

بعد الجدل لابد من عمل.
إنه بمجرد أن تنامت إلى بعضنا أخبار استغلال حدث كأس العالم للدعوة إلى الله تعالى من طرف دعاة أذكياء عاملين ، حتى انطلقوا في حملة دعائية مجانية للدولة المنظمة وتأييد تنظيم مثل هذه البطولات، التي هي من حيث واقعها وأهدافها محادة لله ولرسوله ، بل هي حرب على الأديان كلها والبشرية جمعاء.
وقد كتبت من قبل منشورا مقتضبا أشرت فيه إلى المنطق المعكوس الذي يفكر به هؤلاء الناس ، فذكرت قصة ابن تيمية مع تلميذه الذي أراد أن ينهى التتار عن شرب الخمور؛ فنهاه عن ذلك لأن سكرهم يشغلهم عن القتل والنهب ، وإن فقه من خطط لاستغلال الحدث من المخلصين الأذكياء الأخفياء ؛ من جنس فقه ابن تيمية ولا شك، ولكن صنيع الذين صاروا يشرعنون الباطل ويدعون إليه يشبه صنيع من يقول كان ينبغي أن يكثر المسلمون من صنع الخمور وتوريدها للتتار ...ولعل سبب كتابة ذلك المنشور كان خفيا على كثيرين، وقد عدت لايضاحه .
وذكرت هذا الموضوع مجددا فعدت إليه بعد قراءتي لكلمة منقوله عن الأستاذ مالك بن بني رحمه الله، يصف فيها واقع أكثر المسلمين؛ الذين يفكرون لا ليعملوا بل ليقولوا كلاما مجردا ، فبمجرد قراءتي لهذا الكلام استحضرت هؤلاء الذين دخلوا في جبلة موضوع استغلال الحدث للدعوة ومن ثم الشرعنة للباطل وأدخلوا معهم غيرهم في جدل لعله لم يتوقف بعد، ولن يتوقف إلى أن تنتهي المنافسة، ذكرتهم تساءلت هل طرح بعضهم أمرا عمليا يمكن أن يستغله في محيطه المليء بمثل هذه المنافسات، أقول هل طرح بعضهم متسائلا لا منكرا ، لأني لم أر ولم أعلم، وعدم الرؤية ليس دليلا على عدم الوجود، وعدم العلم ليس علما بالعدم.
هل فكر الجزائريون مثلا في استغلال مباريات البطولة والكأس للدعوة إلى الأخلاق والفضيلة والنهي عن المنكرات الملازمة لها ، وهذه بعض تلك المنكرات .
-إن متابعة المباريات في الملاعب مدعاة لتأخير الصلاة عن وقتها ، كما أن كثيرا من المشجعين من تاركي الصلاة، فهل اقترحت برامج للدعوة إلى المحافظة على الصلاة وعدم التهاون بأمرها ، هل اقترحت أشياء لإلزام المسؤولين حتى تراعى أوقات الصلاة في برمجة المباريات.
-إن المباريات في الملاعب تقترن بهاتفات كثيرة فيها منكرات من سب وكلام فاحش وتعيير ، وشعارات جاهلية وعنصرية ، فهل تم اقتراح أمور تواجه به هذه المنكرات في ملاعبنا .
-كثيرا ما تنتهي المباريات بأحداث شغب يعقبها افساد للممتلكات واعتداء على الأجسادوالأرواح ، فهل تم اقتراح أمور عملية تبقي اللهو لهوا ، تسيطر عليه الروح الرياضية -كما يقال-.
ولا شك أن من يدخل الملاعب ويختلط برواد الملاعب هو أعلم بتفاصيل المفاسد الموجودة قديمها وحديثها ، ومن هم في ميدان الرياضة أو قريبين منه أدرى بالوسائل التي يمكن استغلالها أو توظيفها لصالح الدعوة.
طبعا أذكر مجددا أننا لسنا في حاجة إلى مزيد من نشر وسائل اللهو ولسنا بحاجة لشرعة الباطل...ولسنا بحاجة للجدل من أجل الجدل .
وإنه ليس من العقل أن يبقى المرء يناظر ويماري في أمور ليست في يده وهي بعيدة عنه في دولة أخرى ويترك التفكير فيما هو يده وفي بلده ..
وحتى لا نضل عن العمل بالجدل؛ علينا أن نفكر تفكيرا يجعلنا عاملين ولا تفكيرا يشبهنا بالمشجعين الذين يهتفون ثم لا يبقى لهتافهم أي أثر.
ولنتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الترمذي وصححه «ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل» والذي معناه -كما قال الشراح- أن الضلال بعد الهدى سببه الجدال الباطل، فما ضل أناس عن الصراط إلا كانوا قد خاضوا في الجدل الباطل ، والجدل الباطل ألوان كثيرة ومنها الجدل في الحق بعدما يتبين ومنها الجدال الذي ليس له من دافع سواء مماراة والظهور على الخصوم ، ومنها الجدال فيما لا يعني المرء وفيما يشغله عن الواجبات وعن العمل.
وسبحانك اللهم وبحمدك وأشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

تم قراءة المقال 137 مرة