أولا : صفة العلم
والإيمان بعلم الله تعالى يورث حال المراقبة التي ينبغي أن يتربى عليها المؤمن، حيث يشعر بأن الله تعالى يراه ويراقبه حيثما حل وارتحل، وهذا الأمر له بالغ الأثر في سلوك الطفل وأخلاقه.
وفيما يأتي مجمل الاعتقاد المتعلق بهذه الصفة الذي ينبغي توصيله إلى فؤاد النشء:
1-حال المراقبة
إن الله تعالى محيط بكل الأشياء علما، ولو كانت صغيرة أو متناهية في الصغر، لا يخفى عليه شيء من خلقه ولا شيء من أعمال البشر وأقوالهم، قال تعالى : ]وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ[ (يونس:61) وأن الله تعالى يستوي عنده إظهار الأقوال وإخفاؤها، والظهور بالنهار والاستخفاء بالليل، قال تعالى :] سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ[ (الرعد:10) .
فيقال للولد: إياك أن تعصي الله تعالى؛ فإن الله تعالى لا تحجبه السماوات السبع عنك، بل هو يراك حيثما كنت، ويقال له: يا بني اصدقني ولا تكذب فإن الله تعالى عليم بحالك رقيب عليك. ويقال له: يا بني إياك والغش لأنك مهما اختفيت عن الناس؛ فالله تعالى مطلع على عملك قادر على فضحك متى أراد.
2-الإخلاص وطهارة الباطن
وكذلك يُلقَّن الولد أن الله تعالى يعلم ما في النفوس من أفكار ونوايا، قال تعالى:] قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[ (آل عمران:29) وقال سبحانه:]وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ[ (قّ:16). فتقول لولدك: إن الله يعلم ما يدور بخلدك وفي ذهنك وإن لم تتلفظ به، فإياك والحسد وإياك واحتقار المسلمين وإياك ومحبة الكفار، وتقول له: إن الله يعلم نيتك وقصدك في الأعمال، فلا ينفعك عند الله تعالى أن تزعم بلسانك غير ما في نفسك، تقول له يا بني الإخلاص لا يعلمه إلا الله تعالى فاحذر منه.
3-القدر وعلم الغيب
ويُعلم الولد أيضا أن الله تعالى هو علام الغيوب وليس ذلك لأحد غيره، قال تعالى :] عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً[ (الجـن:26-27). فيقال له : يا بني إذا عزمت على أمر فتوكل على الله تعالى، وإياك والتطير بالناس أو الحيوان (فتنصرف عما عزمت عليه)، يا بني إياك وأن تصدق الكهان والعرافين، وأن تطلع ما يكتبه أصحاب الأبراج.
4-الحساب
ويعلم الولد أيضا أن الله تعالى حفيظ على كل شيء عليم بأعمال العباد لا ينساها أبدا، قال تعالى : ] يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ[ (المجادلة:6) ، وقال :] يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ[ (آل عمران:30) .
فيقال له : يا بني مهما تعمل من عمل يعمله الله سبحانه وهو يحاسبك به يوم تلقاه، يا بني إذا فعلت اليوم شيئا فأعد له الجواب غدا .
ثانيا : القدرة
وكما يعلم الولد صفة العلم مع آثاره كذلك يعلم صفة القدرة التي اتصف بها ربنا عز وجل مع لوازمها وآثارها في السلوك والتصورات، وفيما يأتي تفصيل لذلك:
1-الخوف من الله تعالى
إن الإيمان بقدرة الله عز وجل يورث في نفس المؤمن الخوف من الله تعالى ومن يوم الحساب، ويدعو إلى توحيد الله تعالى، لذلك يجب ربط هذه الصفة بآثارها مباشرة، كما قال عز وجل في مقام التخويف لعباده :] إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيراً{ (النساء133).
2-الإيمان بالبعث والحساب
ومن آثار قدرة الله تعالى أنه يجمع الناس جميعا ليوم الحساب، كما قال تعالى:]أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [ (البقرة148) فنعلم أولادنا أنه لا مفر من الله إلا إليه وأنه لا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه.
3-الدلالة على توحيد العبادة
ومن آثار قدرة الله تعالى الدلالة على توحيد الله تعالى في الدعاء والعبادة، لأن من له القدرة على النفع والضر هو الذي يستحق أن يعبد ويدعى خوفا وطمعا، كما قال جل جلاله :] وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ { (الأنعام 17).