طباعة
الجمعة 23 ذو الحجة 1443

3-مضامين الإيمان بالله تعالى إجمالا

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)
مضامين الإيمان بالله إجمالا
 
الإيمان بالله تعالى يتضمّن معانٍ لابد من تحصيلها جميعا، لا يجزئ واحد منها عن الآخر، وقد دلّ على جميعها كتاب الله تعالى وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه المعاني هي كالآتي:
أولا: الإيمان بوجود الله تعالى ووحدانية الخالق سبحانه، قال الله عز وجل : (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ ) (الطور:35-36). من غير شيء معناه من غير خالق، وقال سبحانه: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) ).
ثانيا: الإيمان بأسماء الله الحسنى وصفاته المقدسة، قال الله تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (الأعراف 180).
ثالثا: الإيمان بأفعال الله تعالى في ملكه وتوحيده في ربوبيته، قال تبارك وتعالى: ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) (الروم:40).
رابعا: الإيمان باستحقاق الله تعالى للعبادة وحده، ثم إفراده بها، وهو معنى توحيد الألوهية، قال الله تعالى : (قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ) وقال سبحانه: ( فاعلم أنه لا إله إلا الله ) (محمد:19).
وقد جمع العلماء هذه المعاني في قسمين: القسم الأول توحيد علمي أو توحيد معرفة وإثبات يتضمن الأنواع الثلاثةَ الأولى، والقسم الثاني توحيد عملي أو توحيد العبادة وتوحيد الألوهية، وقالوا إن القسم الأول يستلزم الثاني، وأن القسم الثاني يتضمن الأول.
ما معنى كلمة التوحيد "لا إله إلا الله"؟
كلمة التوحيد نفيٌ لاستحقاق العبادة عن كلّ موجود وإثابتها لله وحده، ومنه فمعنى هذه الكلمة لا معبود بحق إلا الله، وذلك أن معنى الإله هو المعبود.
وهذه الكلمة هي أوّل واجب على الناس الإتيان به، قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما أرسله إلى اليمن: « فليكن أوّل ما تدعوهم إليه أن يوحّدوا الله»، وفي رواية :« أن يقولوا لا إله إلا الله » متفق عليه، وبقولها يصير العبد مسلما كما قال صلى الله عليه وسلم:« أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله » متفق عليه.
وهذا لا يعني أنّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم لم يُبعث إلا بتوحيد العبادة، لأنّ توحيد العبادة يتضمّن غيره من معاني الإيمان بالله كما سبق، ولأنّ أكثر الكفار يقرّون إجمالا بالتوحيد العلمي، وإن أخلوا ببعض تفاصيله، ولأنّ هذا القسم هو الذي يقع عليه الجزاء، ولابد من تحقيقه والموت عليه، قال النبي صلى الله عليه وسلم:« مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ » رواه أبو داود، وقال : «فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ» متفق عليه.
وليس هذا الأمر خاصا بنبينا صلى الله عليه وسلم، بل قد كانت الدعوة إلى توحيد العبادة عنوان جميع الرسالات، قال الله تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) (الأنبياء:25)، وقال سبحانه: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) (النحل:36). والطاغوت هو كل ما عبد من دون الله، بل غاية خلق الإنس والجن هي تحقيق هذا التوحيد، قال الله تعالى : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) (الذاريات:56)، وهو حق الله تعالى على العباد كما جاء في الحديث.

 

تم قراءة المقال 248 مرة