الدرس العاشر : الاستواء والعلو والمباينة
أولا : صفة الاستواء
من الصفات التي يجب إثباتها لله تعالى صفة الاستواء على العرش، قال تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) (طه:5)، وقال : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) (الأعراف:54)، والعرش أكبر مخلوق يقع فوق السماوات، ومعنى استوى علا وارتفع واستقر.
ثانيا : صفة العلو
من الصفات أيضا صفة العلو بمعنى علو المكان فضلا عن علو القهر والشأن، ويدل على هذه الصفة أدلة منها:
1-أدلة استواء الله تعالى على العرش الذي فوق السماوات.
2-التصريح بأن الله تعالى على السماء، قال تعالى : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ) (الملك:16)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :« ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء » أخرجه الترمذي وصححه.
3-التصريح بلفظ الفوقية، قال تعالى: (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِه ) (الأنعام:18)، وقال سبحانه : (يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) (النحل:50).
4-التصريح برفع الأشياء وصعودها إليه، قال تعالى: ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) (فاطر:10).
5-التصريح بنزوله جل وعلا، قال النبي صلى الله عليه وسلم:« يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟» متفق عليه.
6-التصريح بنزول الملائكة من عنده، قال تعالى : (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ) (النحل:2).
ثالثا : المباينة
ومما ينبغي اعتقاده في الله تعالى مباينته للخلق، أي أنّ الخلق غير الخالق سبحانه، غير ممتزج به، ويدلّ على ذلك:
1-الأدلة السابقة على علو الله تعالى.
2-أدلة رؤية المولى عز وجل يوم القيامة كقوله تعالى: ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ. إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) (القيامة:22-23).
3-تجليه سبحانه للجبل، كما في قوله تعالى: ( فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً ) (الأعراف:143).
4-التصريح باختصاص بعض الأشياء أنها عنده، وقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ) [ الأعراف 206].
ثمرات الإيمان بهذه الصفات
1-الإيمان بالمباينة ركن عظيمٌ من أركان الإيمان؛ إذ فيه الفصل بين الخالق والمخلوق، ومن أنكر العلو والمباينة فقد فتح بابا لأعظم كفر على الأرض وهو الحلول والاتحاد.
2-في الإيمان بعلو الله تعالى زيادة تعظيم له، لأنّ علوّ المكان داع إلى علوّ المكانة في النفوس، ولأنّ في علوه سبحانه تنزيه له عن مخالطة الحوادث والأنجاس، ولأنه مع علوه ومباينته لخلقه هو قريب منهم، قال تعالى: ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (الحديد:4).
3- رفع اليدين إليه في الدعاء، وترقّب الثلث الآخير من الليل.
4- تمجيد الله تعالى والثناء عليه باستوائه على العرش، وأنه هو العلي والأعلى والمتعالي.
5- تبيين خطأ من قال أن الله في كل مكان، وأن الذي يصح أنه في كل مكان هو علمه لا ذاته ، وتبيين خطأ من أطلق أن الله في قلوب المؤمنين وكل من جعله كالعدم .\َ