طباعة
الخميس 12 ذو الحجة 1431

(8) أساليب التربية : التربية بالترغيب والترهيب

كتبه 
قيم الموضوع
(10 أصوات)

المبحث الخامس : الترغيب والترهيب

    إن الترغيب والترهيب منهج تربوي قرآني، يجب على المربين اعتماده وأن لا يغفلوا عنه، خاصة إذا كان الأمر المراد بيانه أمرا شرعيا دينيا، وردت فيه نصوص شرعية صريحة ترغب فيه أو ترهب منه، ذلك أن النفس البشرية بطبعها تميل إلى الثمرات الطيبة للأعمال وتطمع في الثواب، وتكره النتائج السيئة وتخاف من العقاب.

    وبمثل هذا الأسلوب يُنشَّأ الطفل على محبة الله تعالى والحرص على طاعته، ويُغرس في قلبه الخوف منه والرجاء فيه سبحانه وتعالى، ولا أجدى من هذا الأسلوب في بعث الفضائل ووأد الرذائل، إذ من شأنه أن يسهل على مربيه ضبط سلوكه ونصحه وتوجيهه، وأما من نشأ بعيدا عن هذه المعاني فإنه من العسير جدا التحكم في أخلاقه وتقويم سلوكه إذا ما وقع في بعض الانحراف.

   وللترغيب والترهيب عدة أنماط في الكتاب والسنة ينبغي اعتمادها والتركيز عليها في تربية النشء، سنشير إلى بعضها في المطالب الآتية:

 

(8) أساليب التربية : التربية بالترغيب والترهيب

 

المطلب الأول : الترغيب والترهيب بجزاء الآخرة

   من أظهر طرق الكتاب والسنة في الترغيب بالإخبار عن العمل بأنه موجب لدخول الجنة ولمغفرة الله سبحانه، كقوله عز وجل: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (النور:22) أو مضافة الأجر لفاعله، كقوله : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة:261)

   ومن طرق الترهيب الإخبار عن العمل بأنه موجب لدخول النار أو لعذاب القبر. أو أنه محبط للأعمال، كقوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة:39).

   وإن من واجب كل مرب أن يرغب الأولاد في الطاعات وأعمال الخير، وأن يرهبهم من المعاصي وأعمال الشر. وأن يكون الأصل في ترغيبه فيما عند الله تعالى وفي رضاه، والأصل في ترهيبه بعقاب الله وبغضبه عليه، وذلك حتى يرتبط الطفل بالله تعالى، ويشعر وهو يقوم بهذا الفعل أو ذاك وحين يترك الفعل الآخر أنه يتقرب إلى الله تعالى.

   وإذا تقرر هذا فإنه إذا وجد النص القرآني أو الحديث النبوي المرغِّب أو المرهِّب فينبغي اعتماده وعدم تجاوزه إلى غيره، وإن كان جائزا الزيادة عليه تأييدا وتأكيدا؛ فمن أراد مثلا أن يرغب في بر الوالدين ذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم :« رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدِ وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ»([1]) وقول النبي صلى الله عليه وسلم لمن أراد الخروج للجهاد:« الْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا»([2])، وقوله صلى الله عليه وسلم :« رَغِمَ أَنْفُهُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ قِيلَ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا ثُمَّ لَمْ يَدْخُلْ الْجَنَّةَ »([3]).

المطلب الثاني : الترغيب والترهيب بمحبة الله وبغضه

   ومن طرق الترغيب الإخبار عن الخُلُق بأن الله تعالى يحبه أو يحب فاعله أو فضله، كقوله تعالى: (وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) (آل عمران:146) ومن الترهيب الإخبار ببغض الله تعالى للعمل وبغضه لفاعله، أو بأن الله قد لعنه وضاعف عقابه.

   ومنه فإنه لا يلزم في هذا الباب أن نجد لكل عمل نريد أن نرغب فيه أو نرهب منه نصا خاصا في القرآن والسنة يبين أن فاعله في الجنة أو في النار وأن ثوابه كذا وكذا أو عقوبته كذا وكذا، بل يكفي في أعمال الخير أن نقول للولد إن الله تعالى يحبها ويحب فاعلها، وفي أعمال الشر أن نقول له إن الله تعالى يبغضها ويبغض فاعلها.

   وبهذا نحصل الفوائد المرجوة من الترغيب ونجتنب بعض الأخطاء التي يقع فيها كثير من المربين في هذا الباب، ومن أهمها الكذب على الله عز وجل بذكر أجر معين أو عقوبة معينة لا أثر لها في النصوص الشرعية، كقول كثير من العامة إنه من يكذب يُقطع لسانه في الآخرة وأن السارق تُقطع يده يوم القيامة.

   والواجب على المربي أن يتحرى الصدق وأن لا يقول شيئا إلا بعلم خاصة فيما ينقله عن الله تعالى، والقاعدة عندنا أن الغاية إذا كانت نبيلة فالوسيلة لا بد أن تكون شريفة.

المطلب الثالث : الترغيب والترهيب ببيان المصالح والمفاسد

   من طرق الترغيب والترهيب بيان المصالح والمفاسد، ومعناه الترغيب في العمل ببيان محاسنه ومصالحه العاجلة في الدنيا، والترهيب من الشيء ببيان مفاسده وعاقبته السيئة في الدنيا، وهو طريق ينبغي أن يكون تابعا للطريق الأول، لأن الارتباط الكلي بمصالح الدنيا قد يُضعِف جهة العبودية لله تعالى، فمن أراد أن يرغب ولده في الصلاة مثلا، يجوز أن يعدد مصالحها العاجلة من أنها تعلم الإنسان الانضباط لأنها تؤدى في مواقيت محددة، وأنها تعلمه التركيز لأن الواجب فيها الخشوع الطارد لكل هموم الدنيا، وأنها تقوي الرابطة الاجتماعية لأنها تؤدى في جماعة، وأنها تبعث على النشاط لما فيها من حركات ضرورية للجسم…الخ، لكن لا ينبغي الاقتصار عليها لأنه إن فعل ربما أفسد من حيث هو يرجو الإصلاح، لأن الولد إذا سمع هذا الكلام مبتورا عن الجانب الروحي والأخروي قد ينقص قدر الصلاة في عينه، وربما جال بخاطره أنه يمكنه الاستغناء عنها، لأن الانضباط والتركيز وتقوية الروابط الاجتماعية والنشاط أمور يمكن تحصيلها بطرق أخرى غير الصلاة، في حين أنه إذا سمع هذا الكلام مقرونا بالجانب الروحي الأخروي، فإنه يزداد إيمانا وحسن ظنٍ بالله تعالى، ويوقن أن الله تعالى لم يكلفنا إلا بما فيه مصلحة لنا في العاجل والآجل.

   وكذلك من أراد أن يرغب الولد في الصيام فإذا ذكر أجر الصائمين في الآخرة وأنهم يدخلون من باب يسمى الريان ، وأجر الصابرين قال تعالى : (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (الزمر:10)، وأجر من صام رمضان إيمانا واحتسابا، المبين في حديث النبي صلى الله عليه وسلم وهو مغفرة الذنوب وغيرها، جاز له بعد ذلك أن يذكر للطفل المصالح الأخرى الدنيوية كالمصالح الطبية الصحية، ومصلحة الإحساس بجوع الفقراء، ولا يقتصر على هذه الأخيرة، بل ينبغي أن يعلمه أن ذلك حاصل تبعا، وأن هذا من رحمة الله بعباده إذ تعبدهم بما فيه مصلحتهم في دنياهم قبل آخرتهم.

   وإذا أراد المربي ترهيب الولد من الخمر، حدثه بأن من شربها في الدنيا لم يشربها في الآخرة كما جاء في الحديث المتفق عليه، وأن النبي مثَّل مدمن الخمر بعابد الوثن([4])، ونفى الإيمان عن شاربها([5])، ويرهبه بذكر العقوبات الدنيوية كالمسخ والخسف كما قال صلى الله عليه وسلم :« لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا يُعْزَفُ عَلَى رُءُوسِهِمْ بِالْمَعَازِفِ وَالْمُغَنِّيَاتِ يَخْسِفُ اللَّهُ بِهِمْ الْأَرْضَ وَيَجْعَلُ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ » ([6])، ويرهبه بالعذاب الأخروي كقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى»([7]) ، وأنه يسقى من نهر الخبال في جهنم([8]) وهو نهر من صديد من دم وقيح.

   ثم بعدها يذكر المفاسد الأخلاقية والاجتماعية، ثم يذكر ما روى النسائي عن عثمان في قصة ذلك الرجل الذي خير بين شرب الخمر والفاحشة وقتل النفس فاختار شرب الخمر فوقع في الفاحشة وقتل النفس([9])، وبعد المفاسد الأخلاقية والاجتماعية تأتي المفاسد الصحية ويعدد الأمراض التي يسببها الخمر كالتسمم الكحولي والنوبات الدماغية والتليف الكبدي، وضعف البصر والقرحة المعدية والمعوية والسل وضعف المناعة وغيرها ، والمفاسد الإجتماعية من إثارة العداوة والبغضاء والطلاق وتضييع الأولاد والتقصير في حقهم، والمفاسد الاقتصادية من تضييع الأموال وإفساد الممتلكات وغير ذلك.

   وكذلك الأمر بالنسبة لمن أراد الترهيب من التدخين دائما يبدأ بالجانب الأخروي ثم يأتي الجانب الدنيوي للتعضيد والتأييد.

   وبالنسبة للأمور العادية والدنيوية المحضة فلا حرج في استعمال الترغيب والترهيب بالمصالح والمفاسد مباشرة، فمن أراد أن يرغب التلاميذ مثلا في كتابة الدروس وترتيبها في الكراس، وعدم التهاون بها وتحسين الخط ونحو ذلك، فإنه لا يحتاج إلى الأدلة الشرعية، بل يبين مصالحه العاجلة من تسهيل المراجعة وتحصيل النتائج الجيدة في الامتحان، وأن من لم يكتب في الوقت تتراكم عليه الدروس، وإذا جاء الامتحان لم يجد من يعيره الكراس إلى ما هنالك من مصالح ومفاسد.

خطأ جسيم

   ومن الأخطاء المندرجة في هذا الباب ما يقوله كثير من الآباء وهم يرغبون أولادهم في العلم، من أن العلم يجلب لهم الشهرة أو المناصب أو المال، ظانين أن ذلك أنجع من ترغيبه بما ورد في النصوص الخاصة بالعلم الشرعي أو النصوص العامة، وأنجع مِن أن يُفهمه أن العلوم الدنيوية تنقلب طاعات يؤجر عليها العبد في آخرته إذا كانت النية خدمة الإسلام والمسلمين، ولهذا العدول عن المنهج السوي آثار سيئة أوضحها إفساد نية الولد في طلبه العلم وسيره نحو ما رُغب به إن هو حصل مراده، وربما ترك العلم إذا ما أدرك أن تلك الأشياء قد تنال بطرق أقصر من طريق التعلم .

المطلب الرابع : الترغيب والترهيب بالمكافأة والعقوبة

   ومن الطرق المشروعة في الترغيب الوعد بالجزاء والمكافأة بما يحب الولد ويرغب فيه، والترهيب بالوعيد بالعقوبة وبما يبغض ويرغب عنه، سواء كان الأمر المطلوب دينيا أو دنيويا، وهذا الطريق من طرق القرآن أيضا في الترغيب والترهيب؛ فالله تعالى في سورة الغاشية مثلا رغَّب في الجنة فقال تعالى: (فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10) لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (11) فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (12) فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13) وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (14) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ) (الغاشية:10-16) فذكر أشياء تميل إليها النفس البشرية من الأسرة العالية الوثيرة، والأكواب التي لا ترفع لاتصال الشرب منها، والوسائد المصفوفة والزرابي المنتشرة، وكل هذا مما زين للناس الميل إليه وهو مباح ، ورهَّب من النار بذكر أشياء تنفر عنها النفس فقال عن أهلها : (تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آَنِيَةٍ (5) لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6) لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) (الغاشية:5-7) فأخبر أن شرابهم من عين شديدة الحر، وأن طعامهم من نبات ذي شوك يابس لا يسمن ولا يغني من جوع.

  ولاستعمال هذه الطريقة من جهة المربي بعض الضوابط التي لا بد من التقيد بها منها :

1-أن لا يعد المربي الطفل إلا بما هو مباح، فـلا يجوز له أن يَعِد الولد بشراء لعبة فيها ضرر أو لباس غير شرعي أو بأن يصطحبه إلى  أماكن يعصى فيها الله تعالى كالمسرح أو السينما.

2-أن لا يتوعده إلا بما هو جائز، فلا يجوز له أن يخوفه بما لا ينبغي له أن ينفذه أو بما يعلم أنه لا ينفذه كالقتل والضرب المبرح والطرد من البيت ونحو ذلك، وكذلك لا يجوز التخويف بالغول كما هو شائع عند العامة، لأنه كذب لا حقيقة له ولأنه قد يؤثر سلبا على شخصية الولد الناشئ.

3-ويجب عليه أيضا أن ينفذ الوعد بالجزاء خاصةً، فإن عدم الوفاء به من سوء التربية، وهو يسبب فقدان الولد للثقة في مربيه، وإذا انعدمت الثقة بطل التعليم والتربية، إضافة إلى أنه قد يقتدي به في هذه الخصلة السيئة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَالَ لِصَبِيٍّ تَعَالَ هَاكَ ثُمَّ لَمْ يُعْطِهِ فَهِيَ كَذْبَةٌ »([10]).

4-أما عدم تنفيذ الوعيد بالعقوبة فجائز وليس فيه سوء تربية، بل فيه تعليم للولد أن يعفو عن المسيء وهذه خصلة حميدة.

المطلب الخامس : الترغيب والترهيب بالمدح والذم

   ومما يندرج في طرق الترغيب مدح الولد إذا قال شيئا حسنا أو فعله، وكذلك إظهار الفرح به ومكافئته، ومن طرق الترهيب ذمه وإظهار عدم الرضا عنه إذا قال شيئا سيئا أو فعله.

   وقد استعمل نبينا صلى الله عليه وسلم هذا النمط مع أصحابه فكان إذا رأى من بعضهم شيئا حسنا أظهر رضاه وتبسم، وإذا رأى شيئا ينكره علم ذلك في تغير وجهه، كما قال أبو سعيد رضي الله عنه:" وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ"([11]). وقال صلى الله عليه وسلم لابن مسعود لما قرأ عليه سورة يوسف:"أحسنت"([12])، وقال صلى الله عليه وسلم: «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ »، فَكَانَ بَعْدُ لَا يَنَامُ مِنْ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا([13]).

   والولد الذي يحترم من يربيه ويجله يؤثِّر فيه جدا أن يمدحه أو يذمه أو أن يفرح به أو يغضب عليه، وهذا عامل نفسي ينبغي استغلاله في بث الفضيلة والنهي عن الرذيلة، وربما كان في الإعراض عن استعماله آثار غير مرضية، فالولد الذي يقوم بعمل صالح ثم لا يولى له أي اهتمام ولا ينال به شيئا، قد يتأثر بذلك، خاصة إذا كان قد قصد إرضاء مربيه، فإنه ربما رغب عن هذا العمل إلى غيره وقد يظنه عملا غير صالح، وفي الجهة المقابلة لو قام بعمل لا يليق فلم يُظهر له عدم الرضا به نهيا أو ترهيبا منه، فقد يحسبه حسنا ويتمادى فيه.

   وفي الختام نذكِّر أنه لا بد من الحفاظ على التوازن بين جانب الترغيب وجانب الترهيب، حتى لا يطغى أحدهما على الآخر، وإن طغيان أحدهما على الآخر أمر غير محمود في التربية، ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه، فالعبادة الصحيحة هي التي اجتمع فيها الخوف والرجاء، والذل والمحبة، وقد عبد قوم الله تعالى بالخوف وحده فغلوا في الدين وزادوا فيه ما ليس منه ومالوا إلى الابتداع، وعبده آخرون بالرجاء فجفوا عن الدين وتركوا ما هو ركن فيه ومالوا إلى الانحلال. وكذلك في باب تربية الأولاد فالترهيب المفرط يقتل شخصية الولد وربما يولد له حقدا وقسوة في الطبع، والترغيب المفرط يميع شخصية الولد وربما يجعله مدللا غير قادر على تحمل مشاق الحياة، والحل هو المنهج الوسط بالحفاظ على التوازن بين الأمرين.

 

 

 



[1]/ رواه الترمذي (1899) وصححه ابن حبان (2026) والألباني في الصحيحة (516).

[2]/ رواه النسائي (3104) وصححه الألباني.

[3]/ رواه مسلم (2551).

[4]/ رواه ابن ماجة (3375) وحسنه الألباني .

[5]/ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم :« لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ » رواه البخاري (2475) ومسلم (57).

[6]/ رواه البخاري في باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه، وأبو داود (3688) والنسائي (5658) وابن ماجة (4020) واللفظ له.

[7]/ رواه النسائي (2562) وصححه الألباني.

[8]/ رواه الترمذي (1862) وصححه الألباني.

[9]/ رواه النسائي (5666) وصححه الألباني.

[10]/ رواه أحمد (15/520) وصححه شعيب الأرناؤوط على شرط الشيخين.

[11]/ رواه البخاري (3562) ومسلم (2320).

[12]/ رواه البخاري (5001) ومسلم (801).

[13]/ رواه البخاري (1122) ومسلم (2479).

تم قراءة المقال 18242 مرة