طباعة
الأحد 20 شعبان 1431

شرح الثلاثة أصول (الدرس الثامن)

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

شرح أركان الإيمان

قال المصنف :

المرتبة الثانية: الإيمان

    وهو بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان . وأركانه ستة: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر، وبالقدر خيره وشره.

الشرح:

-قوله المرتبة الثانية أي فوق الإسلام ، فإن قيل إن أركان الإيمان قلبية وأركان الإسلام عملية والاعتقاد يسبق العمل ، فكيف يكون الإيمان فوق الإسلام ؟ قيل إن الإقرار هو أول واجب مع التصديق وهو داخل في الإسلام ، ثم تحصل بقية أركان الإيمان بعد ذلك ، وقد قال تعالى : (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (الحجرات:14) وبعدها قال: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) (الحجرات:15) فالمؤمنون حقا هم المقرون الذين حصل لهم اليقين وانتفى عنهم الريب بالعلم والعمل القلبي، ثم اجتهدوا بالعمل بالطاعات المالية والبدنية، وبهذا يكتمل الإيمان ويصدق مدعيه.

 

شرح الثلاثة أصول (الدرس الثامن)

-قوله :"وهو بضع وسبعون شعبة" يشير إلى الإيمان الكامل الذي يتضمن الإسلام ، وأورد معنىالحديث المتفق عليه "فأعلاها قول لا إله إلا الله" وهذا القول، "وأدناها إماطة الأذى عن الطريق" وهذا عمل الجوارح، "والحياء شعبة من الإيمان" وهذا عمل القلب.

-قوله:" وأركانه ستة" أي أركان الإيمان القلبي وهو أصل الإيمان، فإن للإيمان أصلا وفرعا، أصله في القلب وفرعه في الجوارح، والفرع منه الواجب والمستحب، والفرع الواجب هو واجبات الدين كلها كالصلاة والزكاة ونحوها، قال تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُم) (البقرة143)أي صلاتكم، والفرع المستحب هو المستحبات كلها.

1-الإيمان بالله، ويتضمن أمورا:

أولا : إثبات وجود الله عز وجل ووحدانيته في ذاته سبحانه، قال عز وجل : (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ) [الطور/35، 36]

ثانيا : توحيده في أفعاله التي هي معاني الربوبية ، وأهمها الخلق والملك والتدبير ، قال تعالى : (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [الأعراف/54].

ثالثا : توحيده في أسمائه وصفاته، قال تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) (الأعراف:180) وقال: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى:11) وينبغي إثبات الأسماء والصفات التي أثبت الله تعالى لنفسه في القرآن ، والتي أثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم في السنة ، من غير تمثيل لها بصفات خلقه ولا تحديد لكيفيتها قال تعالى: (وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا)  [طه/110]  ولا تعطيل لمعانيها الظاهرة ولا تحريف لأدلتها.

رابعا: إفراد الله تعالى بالعبادة بعد الإقرار باستحقاق الله تعالى لها دون غيره من المعبودات،عَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ فَقَالَ يَا مُعَاذُ هَلْ تَدْرِي حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا (متفق عليه).

2-الإيمان بالملائكة، ويتضمن أمورا:

أولا : الإقرار بوجودهم وأن الله خلقهم من نور، ولا يوصفون بالذكورة ولا الأنوثة .

ثانيا : الإقرار بأنهم من خلق الله تعالى عباد له ليسوا شركاء له ولا بنات له، قال تعالى : (فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ) (الصافات149-150).

ثالثا : أنهم عباد لله تعالى : (لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم:6).

رابعا : ولهم وظائف كلفهم المولى عز وجل بها، منها ما هو عبادة لله تعالى ومنها ما هو قيام على أمر شيء في الكون، وممن علمنا أسماءهم جبريل وميكائيل وإسرافيل ومالك ورضوان عليهم السلام.

3-الإيمان بالكتب، ويتضمن أمورا:

أولا: الإيمان أن هذه الكتب منزلة حقا من عند الله والذي علمناه منها صحف إبراهيم والتوراة والزبور والإنجيل والقرآن . قال عز وجل: ( إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى) [الأعلى/18، 19] وقال سبحانه : (وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا) [النساء/163] وقال : (وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) [المائدة/46]

ثانيا: أن هذه الكتب يصدق بعضها بعضا، إلا أن الكتب السابقة قد دخلها التبديل والتحريف، قال عز وجل : (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ) [المائدة/13]

ثالثا: أن القرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم آخر الكتب وهو ناسخ لجميعها، قال تعالى : (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ) [المائدة/48] وقد تولى الله تعالى حفظه، قال سبحانه : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر/9]

رابعا: أن القرآن كتاب هداية كامل وشامل، وصالح لكل زمان ومكان، قال تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل:89).

4-الإيمان بالرسل، ويتضمن أمورا:

أولا: أن الله تعالى أرسل رسلا إلى جميع الأمم ، منهم من قص علينا اسمه أو نبأه في القرآن ، ومنهم من لم يقصص، قال تعالى: (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ) (فاطر:24). والاعتقاد بأن الرسل هم حجة الله على العباد وأن العباد لا غنى لهم عن الرسالة.

ثانيا : تصديق جميع الأنبياء لأن دعوتهم واحدة فتكذيب واحد منهم هو تكذيب لجميعهم.

ثالثا : أن المرسلين أعظم من الأنبياء لعظم ما كلفوا به من مواجهة أقوامهم المنحرفين، وأفضل المرسلين أولو العزم من الرسل وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ونبينا محمد صلى الله عليه أجمعين، وأفضلهم على الإطلاق محمد صلى الله عليه وسلم، قال النبي صلى الله عليه وسلم:» أنا سيد ولد آدم يوم القيامة « (رواه مسلم).

رابعا : أن محمد صلى الله عليه خاتم الأنبياء والمرسلين، وأنه أرسل للثقلين أجميع، ومن كذبه فقد كذب الأنبياء قبله . قال تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) [الأحزاب/40] وقال : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء/107]

 

 

تم قراءة المقال 4108 مرة