الجواب :
الحمد لله رب العالمين أما بعد : فلا خلاف بين العلماء أنه لا يجوز للمسلم أن يصلي خلف الكافر المشرك بالله تعالى وإن صلى خلفه فصلاته باطلة، وما عدا من يحكم عليه بالكفر والردة عينا فالصلاة خلفه صحيحة، وقد صلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خلف نجدة الخارجي والمختار بن أبي عبيد والحجاج بن يوسف مع ظهور انحرافهم وفسقهم، وقال الحسن:" صل وعليه بدعته"، وقال الطحاوي رحمه الله:« ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر من أهل القبلة».
فإذا لم يكن في المنطقة غيره فيصلى خلفه ولا تترك الجماعة ، وإذا كان فيها أكثر من مسجد فالصلاة خلف أهل السنة والاستقامة أفضل، قال ابن تيمية (23/355):"فإذا لم تجد إماما غيره كالجمعة التي لا تقام إلا بمكان واحد، وكالعيدين وكصلوات الحج، خلف إمام الموسم، فهذه تفعل خلف كل بر وفاجر باتفاق أهل السنة والجماعة، وإنما تدع مثل هذه الصلوات خلف الأئمة أهل البدع كالرافضة ونحوهم، ممن لا يري الجمعة والجماعة إذا لم يكن في القرية إلا مسجد واحد، فصلاته في الجماعة خلف الفاجر خير من صلاته في بيته منفرداً؛ لئلا يفضي إلى ترك الجماعة مطلقاً. وأما إذا أمكنه أن يصلي خلف غير المبتدع، فهو أحسن، وأفضل بلا ريب».
وهذا الإمام مع ما فيه فالصلاة خلفه صحيحة، وما ذكر من توسله بذات النبي صلى الله عليه وسلم فهو من ذرائع الشرك ووسائله لا من الشرك المخرج من الملة، وقد وقع في جوازه خلاف بين العلماء، وكذا استهزاؤه محمول على معنى الاستهزاء بمن يفعل تلك السنن، بمعنى أنهم مشتغلون بالظواهر فحسب، لا على الاستهزاء بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو في ذلك مقتد بغيره وغير شاعر بلوازم أقواله وخطرها على دينه، وهو معذور بجهله باعتبار الغالب الأعم من حال أئمة المساجد في هذه البلاد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن ذكر اختلاف العلماء في صحة الصلاة خلف المبتدع (23/356):" وهذا إنما هو في البدعة التي يعلم أنها تخالف الكتاب والسنة، مثل بدع الرافضة والجهمية، ونحوهم. فأما مسائل الدين التي يتنازع فيها كثير من الناس في هذه البلاد، مثل مسألة الحرف والصوت ونحوها، فقد يكون كل من المتنازعين مبتدعا، وكلاهما جاهل متأول، فليس امتناع هذا من الصلاة خلف هذا بأولي من العكس. فأما إذا ظهرت السنة وعلمت، فخالفها واحد، فهذا هو الذي فيه النزاع، واللّه أعلم".