الجواب :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين والعاقبة للمتقين أما بعد: فالأصل في باب الانتفاع بلحم الأضحية قول علي رضي الله عنه:" أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا وَأَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا قَالَ نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا" متفق عليه واللفظ لمسلم. وهو يدل على تحريم جعل بعض الأضحية أجرة بالنص وعلى تحريم بيعها بالمعنى ومن باب أولى وهذا أمر متفق عليه بين الفقهاء، وإذا تقرر تحريم بيعها وجعلها عوضا لمنافع تعود على المضحي دل ذلك أنها خرجت عن ملكه بالذبح وصارت في معنى الوقف، قال الإمام أحمد في مسألة بيعها:"سبحان الله كيف يبيعها وقد جعلها لله تبارك وتعالى".
وإذا كانت في معنى الوقف فإن المضحي سلط عليها تسليط ولاية لا تسليط ملك، ولذلك فإن المضحي لو توفي قبل ذبحها لم تورث لأنها ليست ملكا له، بل تنتقل ولايتها إلى الورثة فيتولون ذبحها والتصرف في لحمها. وكذلك لو أتلف أحدهم لحمها فلصاحب الأضحية أن يطالب بثمنه لا ليتملكه ولكن ليتصدق به.
وجواز الأكل منها رخصة مستثناة من عموم الانتفاع، وقد جاء بها النص في قوله تعالى: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) (الحج:28) وفي قوله صلى الله عليه وسلم:"كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا" متفق عليه.
وبهذا التقرير يعلم أن إخراج كفارة اليمين أو غيرها من لحم الأضحية لا يجوز ولا يجزئ لأنه انتفاع غير مأذون فيه شرعا، ولا فرق بين بيعها ودفع الحق الواجب عليه منها، كما أنه لا فرق بين بيعها وقضاء الدين بعينها، والله تعالى أعلم.