طباعة
الأحد 2 ذو الحجة 1432

71-معنى حديث أنت ومالك لأبيك

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

السؤال:

  ما معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنت ومالك لأبيك؟ ما حدود تطبيقه؟‏
جزاكم الله خيرا.

 

71-معنى حديث أنت ومالك لأبيك

 

الجواب : 

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد : فإن حديث :« أنت ومالك لأبيك » ومن الأحاديث التي اختلف أهل العلم في تصحيحها وفي فقهها، والذي لا شك فيه أن ظاهره مخالف لظاهر القرآن والسنة وإجماع علماء الأمة، وقد مثَّل به الشافعي في الرسالة (ص467-468) للحديث المرسل الذي رواه الثقة ولم يقل به أحد من أهل الفقه، وبيَّن أنَّ ظاهره أن للأب الموسر أن يأخذ من مال أبيه، وهذا لا يقوله أحد، وسئل لم خالفه الناس فقال:« لأنه لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الله تعالى لما فرض للأب ميراثه من ابنه فجعله كوارثٍ غيره، وقد يكون أقلَّ حظًا من كثير من الورثة، دلَّ ذلك على أنَّ ابنه مالك للمال دونه».

   ومن صححه من المحدثين فقد تأوله وحمله ما يوافق الدلائل الشرعية المعروفة، فقال ابن حبان في صحيحه :"ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة العلم أن مال الابن يكون للأب" وبعد إخراج الحديث قال:«معناه أنه صلى الله عليه وسلم زجر عن معاملته أباه بما يعامل به الأجنبيين، وأمر ببره والرفق به في القول والفعل معا إلى أن يصل إليه ماله ... لا أن مال الابن يملكه الأب في حياته من غير طيب نفس من الابن به».

   والذي اتفق عليه العلماء في هذا الباب؛ هو وجوب نفقة الإنسان على أبيه وأمه -إذا كانا فقيرين وكان هو غنياً-، لعموم الأمر بالإحسان إلي الوالدين (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) ومن الإحسان أن ينفق عليهما عند حاجتهما للإنفاق، وقال ابن المنذر:« وأجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد»، ومعنى غنى الولد أن يكون له فضل زائد عن نفقة نفسه وعياله.

   وزاد بعض الفقهاء على ذلك –كالحنابلة- أن قالوا وللأب أن يتملك من مال ولده ما شاء وإن لم يكن محتاجا، ما لم يضر بولده، أو يعطيه لولد آخر، ومنهم من زاد أن لا يكون بمرض موت أحدهما، ومن الفقهاء من قال بشرط أن لا يكون الأب سفيها، وكلهم اعتمد على حديث:" أنت ومالك لأبيك".

   وخالفهم الجمهور حيث قالوا ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته([1])، واستدلوا بعموم الأحاديث الدالة على تحريم المال كقوله صلى الله عليه وسلم :« إِن دماءكم وَأَمْوَالكُمْ حرَام عَلَيْكُم ، كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فِي شهركم هَذَا فِي بلدكم هَذَا » رواه مسلم. 

   قال ابن عبد البر في الاستذكار (7/525): « وليس له من ماله إلا القوت عند الفقر والزمانة، وما استهلك من ماله غير ذلك ضمنه له، ألا ترى أنه ليس له من مال ولده إن مات وترك ولدا إلا السدس وسائر ماله لولده، وهذا بين أن قوله صلى الله عليه وسلم (أنت ومالك لأبيك) أنه ليس على التمليك، وكما كان قوله عليه الصلاة والسلام (أنت) ليس على التمليك،؛ فكذلك قوله عليه الصلاة والسلام (ومالك) ليس على التمليك، ولكنَّه على البر به والإكرام له». 

والله سبحانه أعلى وأعلم.

 



[1] / ومنهم الألباني كما في الصحيحة (2564).

تم قراءة المقال 6110 مرة