الأحد 23 ذو الحجة 1442

عدد الإنجيليين والملحدين.. دلالات ومعادلات مميز

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

عدد الإنجيليين والملحدين.. دلالات ومعادلات
ذكرت بعض الدراسات الحديثة الجادة مؤشرات رقمية ذات دلالة مهمة عن عدد البروتستنت الإنجيليين في العالم.
فمثلا انخفضت نسبتهم في القارة العجوز أوربا بين سنتي 1910 و 2010 ، أي خلال قرن واحد، من 58 % إلى 12%.
كما نقصت نسبتهم بأكثر من النصف في الولايات المتحدة الأمريكية بين 1910 و2010 من 31 % إلى 15% .
وفي هاتين المنطقتين تحديدا، وفي أوربا بدرجة أشد، تنامت التيارات الإلحادية و(اللاأدرية) وغيرها من التوجهات التي ترفض أن تصنف في خانة أي دين من الأديان.
وغالبا ما تنأى جماهير عريضة من الأوربيين والأمريكيين عن الحديث حول موضوع الدين والقضايا الروحية، ليس فقط بسبب إنكار وجود الله، وإنما لأن (البرجماتية) تجعلهم يهتمون بما ينفعهم في الضرورات اليومية وحياتهم الشخصية، أكثر من الإيمان والانشغال بحياة أخرى وهميّة أو قليلة العائد، وبعيدة عن حواسهم ومداركهم وحقل حاجاتهم وميولهم ورغباتهم بل قل شهواتهم.
بينما ظهر تيار إلحادي متطرف في السنوات الأخيرة لا يكتفي بالإلحاد كموقف شخصي محايد واختيار داخليّ ذاتيّ، وإنما هو تيار (مؤدلج) يتبنى ضرورة معاداة الدين والمتدينين ونشر الفكر الإلحادي كمَخرج وحيد لخلاص البشرية من ويلات الدين والمتدينين، ويشعر هذا التيار أن من واجبه إنقاذَ البشرية من شرور الأديان وأصحابها التي لم تجلب للعالم إلا شقاء الحروب والشرور والفساد والتخلف على حدّ زعمها.
لم يعد هذا التيار يسمي أتباعه atheists أي اللامؤلهين وإنما antitheists ضد المؤلهين، ومن ثم على المؤلهين theists أن يقبلوا بواقع جديد وهو الحرب المعلنة من أنصار الإلحاد الذين كانوا لعقود طويلة مجردَ محايدين مسالمين، فالإلحاد أضحى (إيديولوجية) ذات أنياب ومخالب تخوض معركة البقاء بكل ما يتاح لها من بطش وحيلة.
في مقابل تلك التغيرات الدرامية والتحولات في موازين القِوى الفكرية في أوربا والولايات المتحدة، تشير الدراسات إلى نسب عكسية في العالم الثالث، في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، فما بين سنتي 1910 و2010 قفزت سراعا نسبة البروتستنت الإنجيليين من 11 % إلى 73 % .
هذا النمو المخيف كان سببه حملاتٍ ضخمةً من عمليات التنصير الجماعية التي تقودها جماعة المنصِّرين الإنجِيليين في كل البلدان المستهدفة، في إطار عمل منظم وجبار تقف خلفه دول ومنظمات وشبكات عالمية، بعضها هدفه التنصير فحسب، وأخرى تسعى في أجندتها إلى تحقيق أهداف جيو سياسية شديدة الخبث والمكر، لا تختلف في غاياتها الخفية عن الاستعمار القديم في ثوب جديد والأمبريالية المتوحشة السالفة في لبوس حرية المعتقد والرأي وحقوق الإنسان التي تصبّ كلها في خدمة مشروع الهيمنة والاستتباع للغرب الذي يتصرف كأنّه الإله الجديد الذي أقصى كل الآلهة الأخرى عن السيطرة والتأثير، دون أن يجهر بذلك.
كان عدد البروتستنت سنة 1910 في العالم 137 مليونا وفي 2010 صار 875 مليونا... وبين زيادة حسابية مطّردة بين أطراف المعادلة المكوّنة من الإنجيليين التنصيريين من جهة والملحدين (المؤدلجين) من جهة ثانية...فأين يجب أن يقف المسلمون؟ داخل المعادلة أم خارجها؟ وماذا عليهم أن يفعلوا؟ أم أنه لا تعنيهم تلك الحساباتُ كلُّها؟
توقيع: د يزيد حمزاوي

تم قراءة المقال 341 مرة