الاثنين 24 ذو الحجة 1442

دين الكنيسة: هل هو معقول !؟

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

دين الكنيسة: هل هو معقول !؟

يقول بيج باترسون الإنجيلي الأصولي في كتابه المعنون (العيش في ظل الأمل بحياة خالدة): "يخبرنا علماء الفضاء بأن خطأ بمقدار دقيقة في الحسابات الرياضية لرحلة متوجهة للقمر قد ينتج عنها فشل ذريع لوصول صاروخ إلى القمر، وقد يؤدي انحراف بسيط لإنسان في عقيدة الخلاص إلى فقدان الجنة".
هذا كلام منطقي يكتب، كما يقولون، بماء الذهب، إن الخطأ البسيط العفوي المتناهي في الصغر، قد يوصلنا إلى قعر الشمس بدل القمر، لأن الحسابات الخاطئة تؤدي إلى نتائج وخيمة، وهذا الكلام يصرح به باترسون الأصولي الإنجيلي ليثبت به صدق إيمانه وصحة معتقده في المسيح وفي سداد مذهبه الديني.
إن باترسون الأصولي البروتستانتي بهذا الكلام يحكم بلا شك على الكاثوليكية والأرثوذكسية والأنغليكانية وغيرها من المذاهب التابعة لها بأنها في النار وليس في الجنة، لأنها كلها تخالف مذهبه البروتستانتي في كثير من مبادئه، بل إنه يحكم على جميع النصارى الذين سبقوا الإصلاح البروتسنتي بأنهم في الجحيم لا الفردوس، فقد كانوا يظنون أنهم على حقيقة بينما كانوا على باطل، لأنهم لم يُدركوا زمن مارتن لوثر المصلح الذي اكتشف في مطلع القرن السادس عشر الحق الذي حُرم منه الملايير!!.
يؤمن باترسون أن المسيح هو الاله المتجسد، وأن المسيح هو الرب الذي اختار الموت على الصليب تكفيرا لذنوب عباده، وأن الإله هو حصيلة ثلاثة أقانيم لاهوتية منفصلة عن بعضها البعض ومشتركة في تكوين إله فريد لا ثلاثة منفردة، ثالوث واحد موحد لثلاث آلهة منفصلة عن بعضها ومتحدة بلا امتزاج...أعرف أنه يصعب فهم ما أقول لكن هذه هي رغبةالاله، أن يكون غامضا مبهما ساكنا في سحب سوداء من الجهالة بحقيقته، فلو كان الإله معقولا لفقد خصوصيته ومن ثم لخسر ألوهيته، فالآلهة المعقولة هي من تزييف البشر الذين اخترعوها حتى يفهمها عقلهم القاصر، كما صرح بذلك أحد فطاحل الكنيسة وعقلائها!.
الآلهة المزيفة يمكن أن يفهما البشر، بينما الإله الحق المسيح فهو فوق إدراك العقول والأفهام، وهذه الفوقية هي التي تجعله حقا مطلقا !.
فمثلا لو عبد البشر قطا سمينا يأكل في الصباح البطيخ وفي المساء يتزحلق على الجليد، وليلا يلعب القمار في كازينو على نهر النيل وفي أيام العطلة يتحول إلى بطريق له خرطوم وخطوط كخطوط الحمار الوحشي....فهل سيكون هذا القط إلها حقا!؟
النصارى يقولون: لا.
لأنه إله معقول.
والدليل هو أنه من تزييف البشر، لان الناس يزيفون ما يدركون، فهم يعرفون القطط ذات الخطوط التي تتزحلق على الجليد، ويدركون البطاريق ذوات الخرطوم، والتزحلق على الجليد رياضة شهيرة، وكازينو على ضفاف نهر النيل لا يستبعد وجوده، وأكل القطط للبطيخ قد يحدث في عالم البطاريق.... فأين الجديد؟، لا جديد تحت الشمس، لم يأت عُباد القطط بشيء غير معقول ليقال إن إلههم يستحق العبادة دون غيره من المعبودات.
بينما الكنيسة دينها حق لا إفك فيه وصدق لا كذب معه، لقد أتت بما لا يعقل.
إله يلعن البشرية جميعا لأن جدها آدم أكل تفاحة من حديقته.
ثم بعد مدة أراد هذا الإله أن يزيل اللعنة، فهو يفعل ما يريد، وليس لأحد أن يتدخل في إرادته.
إنه رحيم يريد أن يرحم الملعونين، فما أعظم رحمته !.
كيف يفعل ذلك، يجب أن تكون هناك حبكة لا يقدر على إبداعها البشر، إنها فكرة إلهية بامتياز.
يعتزم أن ينزل من السماء، ثم ماذا؟
يتجسد... إله تام وإنسان تام، له جميع صفات الألوهية، وله جميع صفات الإنسية ما عدا شيء واحد وهو أنه لا يخطئ، معصوم من الغلط.
يقرر أن يخلي الأكوان للإدارة الأتوماتيكية ليغيب في ظلمة رحم مريم، عليها السلام، التي ستلده بعد 9 أشهر، فتصبح أم الرب الثيوتوكوس (أم الله) باليونانية.
وبعدها يعيش 33 سنة في فلسطين، ثم يقبض عليه اليهود ويسلمونه للرومان فيهزؤون به يلبسونه ثوبا ثوبا قرمزيا نسائيا، ويجلدونه ويصفعونه ويبصقون عليه ثم يصلبونه على خشبة، ويدفنونه، ويشيعونه إلى الجحيم ثلاث ليالي بأيامها.
هلاك الإله هو الكفارة، لكن هلاكه لم يكن أبديا لقد مات موتة سرية، حيث كسر شوكة الموت في اليوم الثالث فقام من بين الأموات، وحتى يكون الموت الإلهي تمثيلا بطوليا دراماتيكيا فيجب أن تضاف للقصة بعض "البهارات".... يهرب مرات، ويتخفى تارات وينام ويبكي عند الحاجة ويأكل، ولم تحك الأناجيل إذا كان إلهها المتأنس الإنسان التام يدخل الحمام أم لا، كغيره من البشر، وإذا كان يطلق الروائح الكريهة وإذا كان يغتسل من الوسخ والعرق، وإذا كان يقص أظفاره وشعره ويلقيه في الزبالة، وهل كانت تلك الأظفار والشعور المقصوصة جزءا من اللاهوت أم الناسوت أم الثالوث...!؟، وهل كانت لديه شهوة جنسية، وهل كان يحتلم في منامه و"يقظته" كغيره من الرجال، ويميل إلى الجنس اللطيف على الأقل في مراهقته...! ؟
كان أحيانا يصلي لنفسه حتى يجيز عنه أبوه السماوي الصلب، تلك الكأس المُرة، في لحظات تردد وشك وخوف وضعف الإله المسكين المستكين.
وعندما أراد الإله أن يموت ليخلص البشرية المعذبة يتشجع وهو على مائدة العشاء الأخير، فيغمس اللقمة في الصحن ثم يلقيها في فم تلميذه يهوذا الإسخريوطي المسكين، وفي الحال يدخل الشيطان مع اللقمة في جوف التلميذ، فينقلب خائنا يبيع ربه لليهود والرومان بدراهم معدودات.... بدأت اللعنة البشرية بلقمة تناولها آدم في الجنة ورفعت اللعنة بلقمة تناولها الإسخريوطي على مائدة العشاء الأخير، ما أعظمه من خلاص!.
هذا هو الإبداع الإلهي الذي لا يمكن للبشر أن يعقلوه أو يتخيلوه، هل يمكن أن تتصوروا أن الشيطان الذي دخل جسد يهوذا الإسخريوطي هو الذي ساهم وساعد في خطة الخلاص الإلهي على الصليب؟
وأين الإبداع في ذلك؟ وهل تكون خيانة التلميذ "المتشيطن" لمعلمه وربه طريقا للكفارة!؟
نعم، فإن الشيطان الذي دفع آدم للأكل من الشجرة التي لُعن بسببها، هو نفسه الذي يدفع يهوذا الإسخريوطي ليخون الإله ليموت فيخلُص آدمُ وأبناؤه...
فهل يستطيع بشر، مهما أوتي من قوة العلم والمعرفة والذكاء والعبقرية، أن يفكر في الخطة الشيطانية تلك، لا يمكن... هذا هو الدليل على صحة اللاهوت الكنسي، وإذا لم يعجبك الأمر فاضرب رأسك في الجدار.
يقول الكتاب المقدس في رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس 2: 4 -5 (كلامي وتبشيري لا يعتمدان على أساليب الحكمة البشرية في الإقناع، بل على ما يظهره روح الله وقوته، حتى يستند إيمانكم إلى قدرة الله، لا حكمة البشر).
هذا هو باختصار دين بولس: لا علاقة له بالحكمة البشرية، فعبثا تحاول أيها الضال أن تنال الخلاص بالاقتناع، فكن أحمقا لا حكيما تنال الجنة، وقديما قال القديس العبقري الفذ الألمعي أوغسطينوس "إن الملكوت يدخله الحمقى".
ألتقي ببعض الناس ويريدون أن أشرح لهم "لا معقولية" طبيعة اللاهوت والناسوت والإله المتجسد المنتحر على الصليب من أجل الخلاص والثالوث المقدس...، وذلك حتى يفهموا، وهؤلاء في الحقيقة لا يريدون أن يفهموا، إن صحة اللاهوت النصراني مستمدة من "لا معقوليته"، إن فهم طبيعة المسيح والثالوث تأتي من "لا فهمه"، لو فهمت دين النصرانية حكمت عليه بالبطلان، ولو عقلت إيمان الكنيسة حكمت عليها بالنكران.
وذلك لسبب واحد أن النصرانية لا تُدرس بالعقل، بل إنها لا تُدرس أصلا وإنما يذعن لها المؤمن إذعانا وخضوعا.
يقول رئيس الأساقفة الكاردينال جون أوكونور: "يمكنك أن تدرس الكتاب المقدس حتى تخرج عيناك من محاجرها، فإنك بلا نعمة الإيمان لن تؤمن بأن المسيح هو ابن الله، المعجزة هو في الإيمان فقط".
كل إنسان يحتاج إلى معجزة إيمانية لتصديق دين الكنيسة، وبدون تلك المعجزة سيكون عاجزا عن إيجاد إله يعبده، لذا فإن البشر الذين يعيشون في الضلالة سينتظرون الروح القدس الذي سينزل عليهم من السماء ويختار بعضهم دون غيرهم ـ ولا أدري على أي أساس يكون التمييز بينهم، كما لا أعرف معايير اختيار المهتدين الجدد دون سواهم ـ ثم يقذف في عقولهم كتلة الخلاص اللامعقول ويزرع في قلوبهم بذرة الإيمان "المهبول" المقبول... !
وما لم ينزل الروح القدس من الفضاء، وما لم يقذف "اللامعقول" و "اللافهم" و"الهبل" في مختاريه، فسيبقون ـ في زعم الكنيسة ـ كفارا مشركين يعبدون قططا سمينة آكلة للبطيخ... !

تم قراءة المقال 424 مرة