الأربعاء 26 ذو الحجة 1442

المسيح –حسب الإنجيل المحرف- عدو الطبيعة!!

كتبه 
قيم الموضوع
(1 تصويت)

المسيح –حسب الإنجيل المحرف- عدو الطبيعة!!
جاء في إنجيل مرقس 11: 12 – 23. (ولمّا خرج المسيح وتلاميذه في الغد من بيت عِنيا أحسّ بالجوع ورأى عن بُعْد شجرة تين مورقة، فقصدها راجيًا أن يجد عليها بعض الثّمر، فلمّا وصل إليها، ما وجد عليها غير الورق، لأنّ وقت التّين ما حان بعد، فقال لها: لا يأكل أحد ثمرًا منك إلى الأبد.
وسمع تلاميذه ما قال، وجاءوا إلى أورشليم...وبينما هم راجعون في الصّباح رأوا شجرة التّين يابسة من أصولها، وتذكر بطرس كلام يسوع فقال له: أنظر يا معلّم! التّينة التي لعنتها يبست.
فقال لهم يسوع: آمنوا بالله، الحقّ أقول لكم: من قال لهذا الجبل: قم وانطرح في البحر، وهو لا يشكّ في قلبه، بل يؤمن بأنّ ما تقولونه سيكون)..
.يمشي المسيح كعادته متنقّلاً من مدينة إلى أخرى ومن قرية إلى أخرى، وذات مرّة، في بيت عِنيا وهي قرية قرب أورشليم أحسّ بالجوع، ومع أنّ المسيح هو الله إلاّ أنّه جاع، بعد أن فرغت معدته من الطّعام، فيا للعجب من إله يجوع ويعطش ويأكل ويشرب ويأتي بلازم ذاك …!، والتعبير لمن يحب التفصيل والرسم البياني التصويري، فله أن يتخيل الإله المتجسد بعد أكل التين والإصابة بالإسهال كيف يجري إلى بيت الخلاء ليقضي حاجته فيها...عندما تناظرا منصرا اسأله إذا كان الإله المتجسد يدخل الحمام ويفعل ويفعل...فسيرد بان ذلك الجانب الناسوتي...فاسأله وأين الجانب اللاهوتي هل انفصل ووقف خارج الباب ينتظر حتى تتم العملية المقرفة بالصحة والعافية!
وقد يقول قائل من القساوسة لكن الذي جاع هو الجانب النّاسوتي من المسيح، إنّه الإله الإنسان المتجسّد، وهذا مخرج ذكيّ، ناقشه بقولك "المسيح له طبيعتان لاهوتيّة وناسوتيّة غير منفصلتين".....فسيجيبك: "يسوع يحبك ومات من اجلك على الصليب.."
لينسيك بيت الخلاء واسراره بالمحبة!!
...نعود لشجرة التين، ورأى عن بُعْد شجرة تين مورقة، فقصدها لعلّه يجد فيها من التّين ما يسدّ جوعته، لكن فوجئ المسيح أنّ الشّجرة ليس فيها تينة واحدة، فاشتط غضبه فتحوّل إلى إله، وتسربل باللاّهوتيّة فلعن الشّجرة، فيبست في الحال وصدق المثل الانجليزي الرجل الجائع رجل غاضب a hungry man Is an angry man.
المسيح هنا يصبح ربًّا يلعن، ويدعو على شجرة فيستجاب أمره ويتحقّق مراده، فهو القادر على كلّ شيء، المسيح هكذا دائمًا عبر صفحات الإنجيل المحرف يحمل قبّعتين، يرتدي قبّعة اللاّهوت فيصبح إلهًا قديرًا عزيزًا، ثمّ يضع قبّعة النّاسوت فيصير في الحال عبدًا ضعيفًا ذليلاً.
....
لعن يسوع المسيح الإله الجوعان شجرة التّين وحوّلها إلى خشبة يابسة هامدة في بضع ثوان.
وليت شعري، ما ذنب الشّجرة؟
وما اقترفته من إثم حتّى تبوء بهذا المصير القاسي؟
وما فعلته حتّى تنال لعنة الإله الأبديّة؟
هل هي التي حرمته ثمارها، أم هو الإله الذي يخلق تلك الثّمار فيها؟
الإنجيل المحرف يصوّر الشّجرة كأنّها مستقلّة بذاتها تعطي وتمنع ثمرها كيفما تشاء، والمسيح يلعن شجرة لا حول لها ولا قوّة، فما ذنبها؟
والغريب أنّ الإنجيل يستمرّ في غرائبه فيقول (لأنّ وقت التّين ما حان بعد)، أليس عجيبًا أن يجوع المسيح ويطلب ثمر التّين في غير وقته وزمانه.
ألا يعرف الإله أنّ للأشجار أوقاتا مخصّصة تثمر فيها، وتتكاثر؟
كلّنا تعلمنا ذلك في دروس العلوم على مقاعد الدراسة أن للأشجار فصولا تثمر فيها، لكن الإنجيل المحرف لا يعترف بالعلوم! ولا قوانين الطبيعة! ..حتّى المسيح الإنسان الناسوتي، فلقد كان نجّارًا وابن نجار حسب الإنجيل، وهو يعرف الخشب والأشجار، والنّاس كلّهم يعرفون الفصل السّنويّ الذي يثمر فيه التّين، وأبسط فلاّح في قرية قد يعطينا محاضرات في ذلك.
ويثبت لنا الإنجيل أنّ المسيح يعرف التّين وشجرها، فقد ضرب مثلاً في إنجيله بشجرة التّينة في متّى ولوقا ومرقس.
فقال على سبيل المثال في إنجيل متّى 24: 32 – 35 (خذوا من شجرة التّين عبرة: إذا لانت أغصانها وأورقت عرفتم أنّ الصّيف قريب).
فان دل هذا النص على شيء فإنما يدل على أن القصة كلها تلفيق من كتبة الأسفار المقدسة، وتزوير من منتحلي دور وصفة الروح القدس الذي يوحي بتلك السخافات.
وبدل أن يجيب المنصرون عن اعتراضات المعترضين عن حكاية الإله الجوعان الذي فقد أعصابه فلعن شجرة لا حول لها ولا قوة، نجدهم يسوغون ذلك بتفسيرات واهية ووهمية، كزعمهم أن الشجرة الملعونة ترمز لشعب إسرائيل المرذول وأمة اليهود المنبوذة العاجزة عن إتيان بالثمار الطيبة الصالحة، فكان لابد أن يقتلعها الإله من جذورها ويعاقبها باللعنة....فماذا كان البديل عن اليهودية تلك الشجرة الملعونة؟
إنها النصرانية التي تؤمن بشجرة أخرى ملعونة صلب عليها الإله الجائع الغضبان الملعون بلسان بولس نفسه.
....
الإله المتجسد جاع فغضب ولعن شجرة التين فاحترقت في الحين.
وكيف يدعو المسيح على الشجرة بلعنة أبديّة بينما يصف الإنجيل المسيح بالرّحيم المحبّ، الواسع القلب، كثير العطف، المسالم.
جاء في إنجيل متى 12: 19 – 20 تصوير المسيح بأنّه (قصبة مرضوضة لا يكسر، وشعلة ذابلة لا يطفئ) ...نعم يا سادة.. لا يكسر قصبة!...ولم يمنعه ذلك من لعن شجرة التين فتيبس وتموت وتصبح خشبة هامدة وكومة اغصان خامدة في الحال... هكذا الكتاب المقدس لم يسلم منه نص واحد من تناقض فاضح وتضارب واضح، ولم تصفو منه قصة فريدة من كدر التشويه ووسخ التمويه.
لقد أرادوا أن يرفعوا يسوع الإنسان العبد إلى صف الإله العظيم القهار الجبار فإذا بهم يهون به إلى الحضيض في وضع مريع وشكل فظيع.
رام الإنجيليّون أن يُضيفوا معجزة أخرى إلى قائمة معجزات المسيح.. وما أكثرها!، فهل نجحوا؟ وهل بلغوا غايتهم في صنع إله من أكاذيب ملفقة وقصص منمقة وخيالات مزوقة؟
حرق الشجر والاعتداء على الطبيعة... هل هذه معجزة!؟ هل هذه هي العظمة؟ وهل هذا هو الجبروت؟
كلا!، إنّها العجز بمعنى الكلمة، إنه العجز لا الإعجاز في أبشع صوره وأسوء مظهره... فالمعجزة كانت ستكون أعظم وأبلغ لو دعا المسيح بالبركة والخير أمام الشّجرة في غير وقت التّين فأثمرت الكثير وأينعت الكثير وأكل وشبع هو وتلاميذه ثم بقيت تلك التّينة مباركة إلى يومنا هذا، بل إلى الأبد، كما فعل في معجزة إطعام آلاف النّاس ببضعة أسماك وقليل من الخبز، التي وردت في أماكن أخرى من ذات الكتاب الذي يوحي بالنص وضده.. بالقصة ونقيضها هذا هو الإعجاز، أمّا أن يحرق الشّجر بادعيته الساحقة ويهلك الزرع بلعناته الماحقة فهذا يقدر عليه كل مفسد في الأرض ويستطيعه كل مختل مخبول مهبول.
يذكر بعض مفسّري القرآن أنه عندما كانت مريم حبلى بالمسيح - عليهما السلام - كانت تأكل ثمر الصّيف في موسم الشّتاء، وتأكل ثمر الشّتاء في موسم الصّيف، وذلك في قول الله تعالى في القرآن الكريم {كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا، قالت هو من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب} هذا هو الإعجاز الإلهي الباهر في الوحي المحفوظ، كانت تهز بيدها الأنثوية الهزيلة بجذع النخلة فتساقط عليها رطبا جنيا...هذه هي قدرة الله العظيمة الجبارة، أمّا الإنجيل فيصرّ على إهانة المسيح الإله المتجسد بتجهيله وتسفيهه وإظهاره في صورة العاجز الجائع الضعيف الجاهل منفلت اليد واللسان المعادي لقانون الطبيعة ونواميس الكون.
....
يجعل الإنجيل المحرف كذلك المسيح متعدّيًا على حقّ غيره، فالتّينة الملعونة لا شكّ أنّها ملك لأناس فأفسدها عليهم، أمّا إن كانت ملكًا مشاعًا على الطّريق ولم تكن ملكًا لأحدٍ بعينه، فقد حرم من يمرّ من هناك إلى الأبد من الاستفادة من ثمرها، وهذا غير لائق بالرّحماء والودعاء.
المسيح يفسد الشّجرة، والشّجرة هي الطّبيعة، فالمسيح يلعن ويدعو على الطّبيعة فيهلك جزءًا منها، إنّ المسيح كما يبدو لنا كائن خطير على الطّبيعة، ولا أدري إذا كانت جماعات الحفاظ على البيئة والطّبيعة قد سمعوا بهذه القصّة، خصوصًا جماعة السّلام الأخضر Green peace، فربما وضعوا المسيح في قائمة أعداء البيئة، ولرفعوا عليه قضيّة في المحاكم، هذا هو الإنجيل المحرف، وهذه هي حكايات الإنجيليّين العبثيّة الفوضويّة التي تتلذّذ في إيذاء المسيح ووصمه بشتّى النّقائص باسم الإعجاز.
أمّا في الإسلام فلعن الطّبيعة حرام، فلم يُبعث الرّسول لعّانًا، كما قال، وقد نهى عن سبّ الرّيح ونهى عن سبّ الدّهر، ونهى عن سبّ الدّيك، كما حرّم لعن الحيوان، ونهى عن قطع الشجر والنخل في الحرب إلا لضرورة.
وأكّد رسولنا صلى الله عليه وسلم على حماية الطّبيعة، فقال: "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها"، وأمر جنده من الصّحابة في مواقع الحرب والجهاد بعدم قطع الأشجار وإفساد النّخيل فالإسلام دين الحياة، وهو دين الطّبيعة لأنّ الطّبيعة من أعظم آيات الله.
ودفاعًا عن المسيح، لأنّه حبيب إلى قلوبنا، فهو رسول الله وصفيّه، فحبّه دين وعقيدة، وإهانته كفر ونفاق، فإننا نقول: إنّ القصّة التي أوردها مرقس عن لعن شجرة التّين، لا بدّ أن يكون قد اختلقها محرّفو الأناجيل، إذ إنّ المسيح منزّه عن فعل ذلك القبح، والذي يثبت ذلك أنّ رواية متّى للقصّة، تقول إنّ الشّجرة يبست في الحال أمام أعين التّلاميذ جاء في إنجيل متّى 21: 18 – 21 (وبينما هو راجع إلى المدينة في الصّباح، أحسّ بالجوع فجاء إلى شجرة تين رآها على جانب الطّريق، فما وجد عليها غير الورق، فقال لها لن تثمر إلى الأبد!، فيبست التّينة في الحال، ورأى التّلاميذ ما جرى فتعجّبوا وقالوا كيف: يبست التّينة في الحال؟).
أمّا رواية مرقس فتذكر أنّ الشّجرة يبست بعدما رجع التّلاميذ من هناك في الغد، فهذا الاختلاف والتتاقض دليل على الاختلاق، فالرّواية مكذوبة مفبركة بجميع فصولها، ولله الحمد والمنة (انتهى)

تم قراءة المقال 394 مرة