لكم الله يا أهل البوسنة ..بلد يحتضر ... وبقايا بشر

كتبه يزيد حمزاوي رحمه الله
( جريدة صحافة اليرموك  - ص6 - السبت 26 شباط 1994م )
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له أما بعد:
١٥٠ ألف قتيل.
٢٠٠ ألف جريح.
 ١٥ ألف مفقود.
مليون مشرد.
١٢ ألف عجز دائم.
۱۲۰ ألف مرض نفسي.
۱۰۰ ألف مرض معد.
٨٠ ألف مغتصبة ما بين سن الثامنة والستين.
 ٢٠ ألف بوسنية حامل من جراء الاغتصاب.
 ٣٠٠ مرة اغتصاب لفتاة واحدة في شهر واحد.
 شهور سن أصغر مشوه حرب في التاريخ.
مليون استنكار.
مليونا شجب.
ثلاثة ملايين تنديد.
أربعة ملايين احتجاج.
...............
   إنها أرقام خيالية، لكنها حقيقية، لا يملك المرء إلا أن يقف مذهولا أمام بشاعة الأعداء وجبن الأصدقاء، ما أجبن هذا العالم الجديد الذي لم يستطع بمنظماته وهيئاته وجيوشه وأسلحته حتى تحديد الجاني!
    إلى من يلوذ المسلمون في البوسنة؟
   أيلوذون بهيئة " اللمم " ومجلس " الخوف"، وهل تستنجد الشاة بذابحها، أم يكون الخصم قاضيا!؟
   أيلوذون بأمريكا وحلفائها، الذين لن يتحركوا إلا باكتشاف البترول في سراييفو، أو تأتيهم الأوامر من ابن صهيون وابن ماسون في مجالس شيوخهم ولورد اتهم؟
 ذهبت إلى قواميس العذاب ومعاجم الأحزان لأستقي كلمات تصور جرائم الصرب في البوسنة والهرسك فرجعت خائبا ... عجزت اللغة عن وصف المآسي والآلام في بلاد البلقان ...أي كلام يصف دبابة تدوس بجنازيرها طفلا مسلما لتجعل منه على أعين والديه مسحوق عظام ولحما مفروما!؟
   أرأيتم رؤوسا بلا أجساد وأجسادا بلا رؤوس ... أرأيتم دمار البيوت وهدم المساجد والبول على المصاحف والمنابر.. أرأيتم بطونا مبقورة وصدورا مقطوعة ... أرأيتم امرأة ممزقة وأثداء مبتورة تتقاذفها أقدام الصرب كالكرة ... أرأيتم رقابا مفصولة ووجوها
مفحمة وأشلاء عجوز محترق تنهشه کلاب مسعورة....
   آه...لعين تبكي دما
من ذا الذي يعيرك عينه تبكي بها
                               أرأيت عينا للبكاء تعار
   آه.. لغربة الإسلام
كفى غربة للدين هذا الذي نرى
                        فليس على ذا الاغتراب مزيد
 ألم يبق في أهل الديانة همة
                        ألم يبق شخص للطغاة يذود
   يا عنترة لم يعد شعرك في الحرب والرجولة إلا محاضرات في الأدب الجاهلي.. توسد في قبرك قوافي الشجاعة والحماسة ليُقبل عصر نزار قباني فيجعل من الشجاعة خلاعة ومن الحماسة خساسة.
   بمن يلوذ المسلمون في البوسنة!؟
   أيلوذون بالعالم «الإسلامي» ونقول «الإسلامي» بين قوسين تجاوزا، مليار "مسلم" لم يقدم لمن يموت تحت الأنقاض ويغتصب بين الأنقاض إلا أكياسا من الطحين وعلبا من السردين.
   أين أنتم يا مسلمون ما الذي أشغلكم عن نصرة إخوانكم ونجدة أخواتكم... أهي الدنيا أم شهواتكم... لقد بح صوت المستضعفين من أبناء عقيدتكم وهم يهلكون تحت الثلوج والجوع والقذائف وأنتم على فروشكم وموائدكم تتنعمون... أم أنكم لا تحسنون غيرها!؟
                                   خلق الله للحرب رجالا              ورجالا لقصعة وثريد
الله أكبر ... الله أكبر... الله أكبر .... الله أكبر قومي يا أمة الإسلام الميتة واحملي نعشك وادفنيه فقد صليت عليك صلاة الجنازة.
   لم يبق لكم إلا الله أيها المسلمون في البوسنة والهرسك، الله هو الوحيد القادر على نصر المستضعفين وقصم ظهر المتجبرين.
   لم يبق لكم إلا الله فلوذوا به ينزل عليكم رحمته ويغيثكم من نكبتكم وعذابكم.
   لم يبق لكم الا الله فكونوا له عبادا يكن لكم ربا حاميا.
   لم يبق لكم إلا الله فانصروه ينصركم ويثبت أقدامكم، ونصرته بنصرة دينه والعودة إلى كتابه وسنة نبيه وهدى السلف الصالح.
   ولا تمدوا أيديكم بعد اليوم للأعداء والجبناء.
  أعلنوها حربا من أجل الله، صدقوني لن تخسروا شيئا يُذكر، فسياستهم لن تتغير.
  وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.