أشهد أن محمد رسول الله معناها ومدلولها
كتبه يزيد حمزاوي رحمه الله
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له أما بعد.
فكلنا نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله في صلواتنا وخلواتنا في بيوتنا وشوارعنا، كبارا وصغارا نساء ورجالا، فأينما ذهب المرء يجد هذه الكلمة على أفواه المسلمين، لكن إذا بحثنا على الكلمة في حياتنا وفي جميع مجالات دنيانا الفانية سرعان ما يتبين لنا أن هذه الكلمة غائبة معانيها مفقودة مضامينها.
كنا قد تكلمنا في مقال سابق عن معنى لا إله إلا الله فبينا شروطها ومعانيها، لكن ما هي شروط ومعاني (أشهد أن محمدا رسول الله)؟
أولا يجب أن تعلم أن لولا عظمة وقدسية هذه الكلمة ما قرنها الله سبحانه بالكلمة الطيبة لا إله إلا الله، فالمسلم لا يدخل في الإسلام ولا تقبل شهادته ولا صلاته حتى يتلفظ بها ويقرنها بما قبلها وهذا شرف عظيم لنبينا محمد عليه السلام - ما بعده شرف.
إن معنى أشهد أن محمدا رسول الله هي باختصار إذا قالها المسلم يجب أن يعني بها أني أشهد أنك يا محمد رسولي ونبي وقدوتي وقائدي وحبيبي وإمامي وقرة عيني .... فهذه الكلمة تستلزم محبة الرسول محبة لا يفوقها أو يعادلها إلا محبة الله سبحانه، أما كل أنواع. المحبة الأخرى فيجب أن تكون دون محبته وحتى أعز الناس للمسلم وهذا لقوله - عليه السلام - " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من أمه وأبيه وولده والناس أجمعين " وكان الصحابة رضوان الله عليهم إذا خاطبوه يقولون له " بأبي أنت وأمي يا رسول الله"، فحبهم كان دافعا كبيرا للاقتداء به واتباعه في كل شيء حتى في أمورهم الدنيوية.
أما الآن فنجد كثيرا من المسلمين يقولونها وقلوبهم بعيدة عن محبته، وإن كانوا يدعونها. والادعاء لا يكفي بل يجب أن تظهر محبته في الاقتداء والإتباع لا في القول فقط، والعمل مخالف لأوامره، والذي يحب أحدا من المحال أن يخالفه ولا يسعى في إرضائه. ويضرب بنصحه ورأيه عرض الحائط.
قال الشافعي رضي الله عنه:
تعصي الاله وتظهر حبه هذا محال في القياس بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع
في كل يوم يبتديك بنعمة منه وأنت لشكر ذاك مضيع.
فلا تستغرب أخي وأختي. المسلمة من بعض المسلمين الذين يحبون بعض نجوم الفن والرياضة أكثر من حبهم للرسول – عليه السلام - فتجدهم يخالفون كل أوامره ويقعون في نواهيه بينما يتفننون في تقليد محبوباتهم في لباسهم ومشيتهم وتسريحات شعرهم .... ولذا نرى بعضهم ينتحر عند موت محبوبه كما فعل العشرات عند موت عبد الحليم حافظ أو غيره، وقد قال الرسول -عليه السلام -:" المرء مع من أحب يوم القيامة"
وشهادة أن محمدا رسول الله تعني كذلك طاعته واتباع سنته والاقتداء بفعله وقوله، إذ كيف يكون رسولا وقائدا لك وأنت تخالف ما أمرك به وتفعل ما زجرك عنه، وطاعة الرسول من طاعة الله كما قال الله تعالى (من يطع الرسول فقد أطاع الله)، وطاعته -عليه السلام - واجبة وليست سنة أو مستحبة كما يعتقد البعض ومخالف النبي في خطر عظيم وعلى شفا حفرة من النار، قال الله (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب عظيم).
فلا بد إذن أن تكون أوامر ونواهي هذا النبي على العين والرأس وليس لأحد الوسع في تركها أو التفريط فيها وأوامره هي في مرتبة الفرض مثل أوامر الله ونواهيه في مرتبة الحرام مثل نواهي الله وهذا لقوله - عليه السلام - " إني أوتيت القرآن ومثله معه "وأهم معنى من معاني (أشهد أن محمدا رسول الله) هو الاقتداء بسنته وفعله، فكان الصحابة الكرام لا يستنكفون عن تقليده في كل فعل، لان سنته نور وهدى للعالمين من سار بضوئها نجا في الدنيا والآخرة، فمن جاءه شيء عن النبي من قول أو فعل أو إقرار فليعض عليه بالنواجد والأضراس ولا يرده أو يستكبر عنه، قال النبي - عليه السلام - "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل ومن يأبى يا رسول الله ؟ قال "من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني فقد أبى"، رواه البخاري.
إذن من هذا الحديث يتبين لنا أن الطاعة واتباع السنة النبوية هو مفتاح الجنة فمن عصى الرسول فلا يطمعن فيها.
فهذه جماهير من المسلمين تترك الصلاة وتهملها، والحبيب المصطفى يقول " بيننا وبين الكفر ترك الصلاة فمن تركها فقد كفر". وهذه جماهير من أخواتنا المسلمات يضربن بالحجاب عرض الحائط ولا يبالين بقوله - عليه السلام .:"نساء كاسيات عاريات فالعنوهن فإنهن ملعونات. وفي رواية: "نساء كاسيات عاريات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها".
فمتى يرجع هؤلاء الذين وافقوا النبي بقولهم (أشهد أن محمدا رسول الله) وأعمالهم خراب؟
ومن معاني هذه الكلمة عدم تقديم أي قول أو فعل من أقوال وأفعال البشر على أقواله وأفعاله لقوله تعالی (يا أيها الذين أمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) فقوله مقدم على جميع الخلق أما في الواقع فذلك غير واقع.
فتقول لاحد الناس، قال الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقول لك، لكن شيخ القبيلة قال، وشيخ المذهب قال، وقال الدكتور والإمام، والتقاليد والعادات والموضة وكلام الناس والعصر يقتضي كذا ... فلا حول ولا قوة إلا بالله.
فهذا عبد الله بن عباس إذا قال التابعين قال رسول الله، قالوا له: قال أبو بكر وقال عمر ــ وهم أفضل المسلمين - فيرد عليهم، يوشك أن ينزل الله عليكم حجارة من السماء أقول لكم قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وقال عمر!
يا أيها المسلمون توبوا إلى ربكم وأسلموا له وكفاكم فلسفة وسفسطة في معاملة أقوال النبي عليه السلام. وأحبوه وأطيعوه واقتدوا بسنته ولا تقدموا أحدا عليه فتكونوا في الدنيا من السعداء، وتحشروا في الآخرة في زمرة الأنبياء والمرسلين وعلى رأسهم محمد عليه السلام أفضلهم أجمعين وصلى الله على سيدنا محمد.