طباعة
الأربعاء 3 ذو القعدة 1446

تحرّشوا جنسيا ... العقاب معدوم!

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

تحرّشوا جنسيا ... العقاب معدوم!
كتبه يزيد حمزاوي (قصاصة لم تحدد ولا تاريخها)
أوردت إحدى الصّحف اليومية خبرا مفاده أنّ أحد كبار مسؤولين في بلدية من البلديات حكم عليه بسجن سنة مع وقف التنفيذ وغرامة مالية مقدارها 20,000 دينار جزائري، وفي خبر لاحق ذكر أنّ الجاني استأنف الحكم كما انخفضت الغرامة إلى 2000 دينار فقط!
ولقد مرت هذه القضية مرور الكرام في إحدى الصحف بين ركام الأخبار والتحليلات، دون أن تثير انتباه أيّ أحد من المسؤولين أو المواطنين، لكن هذا الخبر فاجأني وأفجعني، خصوصا لما تأمّلت التّهمة التي لم أذكرها بعد فما هي؟
اتّهم الجاني بأنّه تحرّش جنسيا بشابة وأمّها تعملان تحت مسؤوليته، وهما من ضحايا الإرهاب قد حاول هذا المسؤول أن يضغط على الفتاة وأمّها -على انفراد طبعا- لتستسلما له وتقدما له خدمات جنسية مقابل إبقائهما في وظيفتهما، وورد في النّبأ أنّ المرأتين رفضتا الرّضوخ للضغوطات ممّا دفع المسؤول إلى طردهما من الوظيفة، وبعد شكوى قدمت إلى المسؤولين أعيدت إلى وظيفتهما وصدرت على الجاني الأحكام الّتي ذكرتها آنفا.
وفور قراءتي للخبر اشتطت غضبا على الجاني المسؤول -بلا مسؤولية- لكن غضبي كان أشدّ على معالجة القضية من طرف القضاء، وخرجت ببعض النّتائج الهامّة الّتي يمكن تلخيصها فيما يلي:

1- إنّ التحرّش الجنسي الذي تعرضت له المرأتان، هو واحد من بين المئات، وإن لم نقل الآلاف على كافة المستويات في الإدارات وأماكن العمل .. وهذا طبعا جراء الاختلاط السافر الذي لا حدود له بين الرجال والنساء في أماكن العمل من جهة، ومن جهة أخرى التّدهور الأخلاقي الّذي لا مثيل له الّذي أصاب شرائح المجتمع الجزائري المسلم.
2- إنّ هذه القضية الّتي نحن بصددها لقيت امرأتين صمدتا أمام الضغوط الّتي فرضها المسؤول، لكن كم عدد أولئك اللائي يرضخن لذلك النّوع من الضغوط من أجل مصلحة أو ضرورة ملجئة إلى تلك الخدمات الجنسية الخبيثة!؟
وفي الجانب الآخر بعدما أضحت سياسة التّحرش الجنسي عملة رائجة، كم عدد اللائي يستعملن الإثارة الأنثوية لنيل مكاسب في العمل، أو الترقّي أو الشهادات أو أي مكسب آخر ماديا كان أم معنويا، فالكثيرون في بلادنا باتوا يتحدّثون عن نفس هذه الظاهرة الّتي أسقطت الخطوط الحمراء!؟
3- بقيت مسألة خطيرة وهي العقوبة الّتي تعرض لها الجاني، وهي لا شك عقوبة تافهة لا تردع ظالما عن تلك الممارسات المشينة، بل أجزم أنّ تلك العقوبات، إن جاز تسميتها كذلك، فهي مشجّعة أيّما تشجيع لمرضى النّفوس وعبّاد الغرائز.
كيف نرضى أن نعاقب من يتعدى على حرمات وأعراض مواطنة وأمّها بشكل تعسفي كالذي حدث بسجن سنة مع وقف التنفيذ وغرام 2000 دينار، قيمة فاتورة عشاء في بعض المطاعم.
وممّا يزيد الأمر خطورة أنّ المواطنين من أسر ضحايا الإرهاب من جانب، وكذلك الجاني هو مسؤول فكيف يصبح "حاميها حراميها" خصوصا أنّ الجناية وقعت في مكان عمل، وليس في بيت أو مكان للهو، حتى الآن كان من المفروض أن يعاقب الجاني عقوبة تردعه، لكن الغريب أنّ الجاني طرد الضحيتين من عملهما، وهذا يعني أنّه مصر إصرارا جائرا فاجرا على العدوان على هتك أعراض المسلمات في بلاد تقول عن نفسها أنّها مسلمة ودينها الرّسمي الإسلام!

تم قراءة المقال 57 مرة