طباعة
الأربعاء 22 ذو الحجة 1446

من قهر القاهرة؟ عبرة من زلزال مصر

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

من قهر القاهرة؟ عبرة من زلزال مصر
 كتب: يزيد حمزاوي
[صحافة اليرموك العدد ٢٥٥، السبت ٢٨  ربيع الثاني ١٤١٣ ه_ ٢٤  تشرين أول ١٩٩٢]
إننا لا نقرأ، وإذا قرأنا فلا نفهم، وإذا فهمنا فلا نحفظ، وإذا حفظنا فسرعان ما ننسى.
كم قرأنا وسمعنا في القرآن ومن التاريخ عن أقوام وشعوب كان يأتيها رزقها رغدًا من كل مكان، فعصت ربها وتمردت على تعاليمه، فأهلكها بذنوبها وجعلها عبرة لمن يعتبر وذكرى لمن يتذكر؟
كم من شعوب أبادها الله عن بكرة أبيها؟
كم من أقوام صبَّ عليها الله من العذاب لما ظلموا، فلم يبقَ منها إلا نفر ممن كانوا يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم؟
لقد قصَّ الله علينا أمثلة كثيرة عن هؤلاء الأقوام، وكررها مرات ومرات، ليس عبثًا وتسليه، بل للعبرة والموعظة لمن يأتي بعدهم.

قص علينا قصة قوم نوح، كيف أخذهم الطوفان لما اتخذوا نوحًا سخرية، وقوم صالح لما أداروا ظهورهم لتعاليم الله وجعلوها مهجورة، وقوم لوط لما غيَّروا فطرة الله وأتوا الرجال شهوة دون النساء، وقوم فرعون وهامان لما استعلوا في الأرض وادّعوا الربوبية والألوهية، فأغرقهم وجعلهم تاريخًا يُدرَس، وثمود وعاد، إذ قال فيهم:
{فأما ثمود فأُهلكوا بالطاغية وأما عاد فأُهلكوا بريح صرصر عاتية}.
هذا قانون الله وسنته في الكون، نريد الأمن والطمأنينة والرزق في الدنيا فعلينا بالدين، فلا نتجاوز حدوده، أما دون ذلك فإن الله عزيز ذو انتقام، لا يرضى لأحد من عباده أن يعصيه على أرضه، وإن كان لأحدنا اعتراض أو (واسطة) فليخرج من هذا الكون إلى مكان آخر حيث لا تطاله يد الله ويكون في مأمن من هذا القانون، لكن هيهات هيهات.
بيَّن الله لنا في حكايته عن قصص الأقوام السالفة أنه عادل في حكمه، لا يظلم مثقال ذرة، ولا يرسل جنوده إلا بعد إعراض هذه الأقوام عن ذكره وشكره، واسترسالها في الشبهات والشهوات، وركونها إلى الدنيا الدنية دون الآخرة، والريح، والأعاصير، والجراد، والطوفان، والزلازل، والصواعق وغيرها، كلها من جند الله التي تطيعه ولا تعصيه، قال الله تعالى:
{وما يعلم جنود ربك إلا هو}.
وأصناف العذاب التي يُصَبها الجبار على عباده المترفين هي مما كسبته أيديهم وجنته أفعالهم، قال الله تعالى:
{وما أصابكم من حسنة فمن الله وما أصابكم من مصيبة فمن أنفسكم}
وقال:
{ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون}.

فهذا في الحقيقة بعض الذي عملنا وليس كله، ولو حاسبنا الله بالعدل الكامل ما ترك على ظهر الأرض من دابة، ولكنه يعفو عن كثير.

فعلينا عباد الله بهذه القصص والعبر القرآنية، فلنجعلها نصب أعيننا كلما سوَّلت لنا أنفسنا الابتعاد عن منهج الله، فهو قادر على أن يعذبنا في أي وقت شاء، ولا نأمن من مكر الله، بل علينا أن ننتظر عذابه كل حين، خاصة إذا ضاع الدين وترك القرآن على الرفوف.
قال الله تعالى:
{أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون}،
وقال تعالى:
{أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور؟ أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبًا فستعلمون كيف نذير}.
والذنوب، أخي وأختي المسلمة، سبب أول في نزول عذاب الله على الشعوب، فعندما تكثر المعاصي والشهوات وسوء الأخلاق والنفاق، وترك الصلوات، والاستهانة بالعبادات، والسخرية بالدين والمتدينين، وهجر أوامر الله، كما نرى في مجتمعات كثيرة من تبرج فاضح وتعرٍّ ذميم عند النساء، وحب المال، وعبادة الدينار، فلننتظر جميعًا عذابًا من الله الجبار.
قال تعالى:
{وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرًا}.
لقد حدث زلزال مصر عندما نسي الناس أن لهم ربًا يُعبد ودينًا 
يُتبع.

تم قراءة المقال 9 مرة