طباعة
الأحد 19 جمادة الثاني 1445

قراءاتٌ تحليلية لكتاب: "المسيحية" البضاعة المغشوشة

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

قراءاتٌ تحليلية لكتاب: "المسيحية" البضاعة المغشوشة

إعداد
الدكتور يحيى غُشّي
أستاذ محاضر أ بقسم العلوم الإسلامية بجامعة غرداية
Ghochi.yahia@univ-ghardaia.dz

مقدم لندوة وطنية بعنوان:
 ( الدكتور يزيد حمزاوي, وجهوده العلمية والعملية في مواجهة التنصير )
بجامعة تلمسان يوم 13 ديسمبر 2023
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهاً واحداً, فرداً صمداً, لم يتّخذ صاحبةً ولا ولداً, ﱡﭐ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲣ  ﲤ ﲥ ﲦ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ  ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ  ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﱠ [مريم: ٨٨ – ٩٢].
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله رحمةً للعامين, وقدوةً للعاملين, بلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، وجاهد في الله حق جهاده, حتى أتاه اليقين، فجزاه الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته، وبعد:
فإن علم مقارنة الأديان ونقدها, علمٌ أصيل, كان للإسلام وأهله فضل السبق في الاهتمام به, والاشتغال بدراسته, له فوائد عظيمة, من أبرزها أن يتبين للدارس ما عليه سائر الأديان وأهلها من انحرافٍ وزيغ وضلال وتناقض, مقارنةً بما تميز به الإسلام من الحق والرشاد, فيزيده هذا يقيناً وتمسكاً بدينه بإذن الله, وكما قيل: وبضدها تتميز الأشياء.
هذا, وقد وُجد في العصر الحاضر أعلام برزوا في ميدان دراسة الأديان ونقدها عموماً, وبموضوع التنصير في البلاد الإسلامية خصوصاً؛ فمنهم من صنّف المؤلفات العلمية, ومنهم من كانت له جهود عملية ميدانية.
ومن هؤلاء الأعلام المعاصرين في بلاد الجزائر الدكتور يزيد حمزاوي رحمه الله تعالى, والذي كانت له جهود عظيمة في ذلك؛ تأليفاً, ومحاضرةً, ومناظرة؛ حيث ألّف بعض الكتب في نقد النصرانية, ونشر مقالات كثيرة, ومتنوعة في هذا المجال في الصحف, وفي مواقع علمية مختلفة, وجميعها- بحمد الله- متاحة على الشبكة العنكبوتية.
وإنه لمن توفيق الله تعالى لي المشاركة في هذه الندوة الوطنية المميّزة عن ( الدكتور يزيد حمزاوي رحمه الله, وجهوده العلمية والعملية في مواجهة التنصير ), بمداخلة تندرج ضمن فقرات المحور الثاني منها: الجانب العلمي والمنهجي في مؤلفاته, وذلك بتقديم قراءات تحليلية لكتابه: المسيحية البضاعة المغشوشة,
محققاً بذلك الهدف الثالث من أهداف هذه الندوة المباركة, بتقديم قراءات منهجية ومعرفية لأحد مؤلفاته, والتي سأجتهد فيها بإذن الله تعالى بتسليط الضوء على كتابه: المسيحية البضاعة المغشوشة, وذلك بتوضيح المنهج المتبع في كتابه, والإشارة لمصادره أيضاً, وعناصر الجدة والابتكار فيه, فكان عنوان هذه
المداخلة كالآتي: ( قراءاتٌ تحليلية لكتاب: "المسيحية" البضاعة المغشوشة )
وقد اعتمدتُ في مداخلتي هذه- بعد توفيق الله تعالى-, على المنهج التحليلي لمناسبته لمثل هذه الدراسات, وذلك بقراءة هذا الكتاب:" المسيحية البضاعة المغشوشة"  قراءة تمعّن وتأمل, وتحليل.
وقد انتظمت هذه المداخلة- وبحكم أنها قراءات تحليلية لكتاب:" المسيحية البضاعة المغشوشة"- في النقاط الآتية:
أولاً: الوصف الخارجي والداخلي لكتاب: " المسيحية البضاعة المغشوشة".
ثانياً: المنهج المتبع في تأليف كتاب: " المسيحية البضاعة المغشوشة".
ثالثاً: مصادر كتاب:" المسيحية البضاعة المغشوشة".
رابعاً: عناصر الجدة والابتكار في كتاب: " المسيحية البضاعة المغشوشة".


والله أسال التوفيق, والإعانة, والسداد, وصلى الله وسلّم على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين.

أولاً: الوصف الخارجي والداخلي لكتاب: " المسيحية البضاعة المغشوشة":

أردتُ في هذه النقطة أن أقدم وصفاً خارجياً وداخلياً لكتاب: " المسيحية البضاعة المغشوشة", وذلك على النحو الآتي:
1- طبعة كتاب " المسيحية البضاعة المغشوشة":
كتاب:" المسيحية البضاعة المغشوشة", تأليف الدكتور يزيد حمزاوي رحمه الله, أمتلك نسخة منه, للطبعة الأولى من الكتاب, والتي طبعت عام 1435ه-2014م, الناشر: مكتبة الإمام مالك, باب الوادي - الجزائر.
وقد جاءت طبعة الكتاب في غلاف, قاربت صفحاته 200 صفحة, جعل فهرس الموضوعات في بدايته كعادة بعض الكُتاب والباحثين في ذلك.
2- مقدمة كتاب: " المسيحية البضاعة المغشوشة":
المقدمة التي وضعها الدكتور يزيد حمزاوي رحمه الله لكتابه:" المسيحية البضاعة المغشوشة", والتي جاءت في خمس صفحات(1), أبان فيها رحمه الله بعد ذكره لخطبة الحاجة, موضوع كتابه, وأن كتابه هذا يعد الكتاب الثالث في موضوعه, بعد الكتاب الأول:" النصرانية وإلغاء العقل", والكتاب الثاني:" الإنجيل المحرف يهين المسيح", وأنه تناول فيها جميعاً موضوع الديانة النصرانية, وما يتعلق بها من مكايد المنصرين لتخريب العقل البشري عبر العالم(2).
كما بيّن فيها أيضاً أن هذا الكتاب- " المسيحية البضاعة المغشوشة"-, يكشف فيه أن النصرانية ما هي إلا بضاعة مغشوشة اسماً ورسماً ومضموناً, وأن المنصرين لم يستطيعوا نشر تلك البضاعة الفاسدة الكاسدة إلا بالخداع والتضليل وغسل الأدمغة والتعاون مع الشيطان, وأن النصرانية تستند لكتاب مقدس دنّسه المحرّفون والمزورون(3).
3- مواضيع كتاب: " المسيحية البضاعة المغشوشة":
بعد المقدمة التي ذكرها الدكتور يزيد حمزاوي رحمه الله, نجده ذكر جملة من المواضيع المختلفة, والتي تصب في قالب إثبات زيف المسيحية, وأنها بضاعة مغشوشة في مقابل البضاعة الأصلية, فتطرق للمواضيع الآتية (4):
-    أن المسيحية جمعت بين غش التسمية والمسمى.
-    مشكلات الكتاب المقدس, وأنه يتهم ربه بالنصب والاحتيال!, وأنه بين ضياع الأصول وتحريف النُسخ.
-    أكاذيب المنصرين على أتباعهم, وتكتيكاتهم في ذلك, وتهافتهم.
-    ذكره في آخر كتابه لخمس مناظرات, وهي كالتالي: مناظرات عبر البريد الإلكتروني مع القس موريس سامح وفريقه التنصيري, ومناظرة حول اختلاف ترجمات الكتاب المقدس, ومناظرة حول الفرق بين الترجمة والتحريف, ومناظرة حول أسفار "الأبوكريفا" والترجمة السبعينية, ومناظرة حول التلاعب بنبوءة دانيال عن المسيح.
4- خاتمة كتاب: " المسيحية البضاعة المغشوشة":
ختم الدكتور يزيد حمزاوي رحمه الله كتابه:" المسيحية البضاعة المغشوشة", بخاتمة كعادة الكُتّاب والباحثين, جاءت في حدود سبع صفحات تقريباً (5):
 أكّد فيها رحمه الله تعالى أن المسيحية ديانة مغشوشة, وطريقها مسدود,
وأن النصرانية ليست حلاً؛ بل مشكلة,
وأن المخلّص هو الله وحده, وليس المسيح عليه السلام,
وأن بعض النسخ الجديدة للكتاب المقدس حذفت ثلاثين بالمائة من النسخ القديمة له,
وأنها ليست كتباً مقدسة فقد دنسها المزورون.....إلخ.
وسأل الله عزّ وجل في آخرها أن يتقبل منه عمله, وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم, وأن يكتب له القبول, آمين.

ثانياً: المنهج المتبع في تأليف كتاب: " المسيحية البضاعة المغشوشة".

من خلال قراءتي لكتاب:" المسيحية البضاعة المغشوشة" للدكتور يزيد حمزاوي رحمه الله, يظهر أنه سلك في تأليفه لهذا الكتاب المنهج الوصفي, والمنهج التحليلي, جامعاً بينهما, وذلك لمناسبته لمعالجته مثل هذه الدراسات, خاصةً مما يتعلق بنقد المسيحية, وبيان زيفها وانحرافها, كما أراده المؤلف من كتابه هذا.
فيقول رحمه الله مثلاً, كما في مقدمة الكتاب:" بعد سنين طويلة من القراءة المتأنية للكتاب المقدس وترجماته والتغييرات الطارئة يوماً بعد يوم, فإنني تيقنت أن دين المسيح الحق لم يكن إلا الإسلام, وأن كل ما يخالف الإسلام ما هو إلا إضافات خرقاء حمقاء..."(6).
كما تجده أيضاً -رحمه الله- لما تكلم عن موضوع: الكتاب المقدس بين ضياع الأصول تحريف النُسخ مثلاً (7): يتتبع فقراته, فيذكرها, ويقارن بينها؛ لكي يستنتج موقع الغلط والتحريف فيها؛ حتى أنه يرجع للنسخ المخطوطة, ويقوم بتصويرها من باب الأمانة العلمية, وهذا لا شك مبناه على المنهج الوصفي التحليلي.
كما يظهر هذا النَفَس فيه, في مناظراته والتي ذكرها في آخر الكتاب أيضاً (8), مبناها على منهجي الوصف والتحليل.

ثالثاً: مصدر كتاب:" المسيحية البضاعة المغشوشة".

بخصوص مصدر كتاب:" المسيحية البضاعة المغشوشة", فقد أشار الدكتور يزيد حمزاوي رحمه الله, بأن مصدره وأصله مجموعة من المقالات والمناظرات الكتابية, فقال رحمه الله مبيناً ذلك:
" وفي هذا الكتاب الذي هو في الأصل جملة من المقالات والمناظرات الكتابية"(9).
 إلى أن قال:" كما تبرز أجزاء من هذا الكتاب أن النصرانية تستند إلى كتاب مقدس دنّسه المحرفون والمزورون, وذلك بالعديد من الأمثلة والأدلة التي كنت أعرضها على رجال الدين النصارى في لقاءات جماعية أو فردية, فكانوا في كل مرة- على عادتهم منذ مناظرتهم الأولى للمسلمين عبر التاريخ- يتهربون ثم يكذبون على عموم النصارى, من شعب الكنيسة المغيّب عن هذه الحقائق؛ لذا قررت ألا تكون هناك مناظرة معهم إلا أمام حشود الكنيسة, وعلى رؤوس الأشهاد عند تجمعاتهم..."(10).
ومما يوّضح هذا أيضاً أن من مصادر هذا الكتاب جملة من المناظرات للدكتور يزيد حمزاوي رحمه الله, وجود خمس مناظرات في آخر الكتاب أتت على أكثر من نصفه تقريباً (11), وهي كالآتي:
-    مناظرات عبر البريد الإلكتروني مع القس موريس سامح وفريقه التنصيري.
-    مناظرة حول اختلاف ترجمات الكتاب المقدس.
-    مناظرة حول الفرق بين الترجمة والتحريف.
-    مناظرة حول أسفار "الأبوكريفا" والترجمة السبعينية.
-    مناظرة حول التلاعب بنبوءة دانيال عن المسيح.
وعليه يتبين أن مصدر كتابه هذا, هو مجموعة من مقالاته, ومناظراته المكتوبة, والتي كانت متشابهة في الموضوع, كما أنها تصب في قالب واحد, فضمّها وجمعها في هذا الكتاب::" المسيحية البضاعة المغشوشة", وإن المتصفح للكتاب يتبين له ذلك.

رابعاً: مزايا وخصائص علمية في كتاب:" المسيحية البضاعة المغشوشة".

إن القارئ لكتاب:" المسيحية البضاعة المغشوشة", والمطلع عليه, يظهر له شيئاً من المزايا العلمية والخصائص, والتي ضمّنها مؤلفه في كتابه, ولعلي في هذه النقطة أشير لشيءٍ من ذلك في هذا الكتاب, أسوقها على النحو الآتي:
1- أسلوب المؤلف ولغته في كتابه:
تبع الدكتور يزيد حمزاوي رحمه الله, في كتابه أسلوباً رائعاً, يمتاز بتشويق القارئ عند قراءته, والسير به لمعرفة الحق من الباطل بطريقة غير مملة, يستمع حقيقة القارئ بذلك؛ فيجمع في ذلك بين السرد والوصف والتحليل, والمناقشة والرد, ثم أخيراً الاستنتاج.
كما أن لغته في كتابه, لغة سليمة علمية اتّسمت بالبساطة والسهولة؛ لكي تعم الفائدة المرجوة من الكتاب.
وإن المتصفح لكتابه هذا؛ ليتبين له ذلك.
2- ذكره للنصوص الشرعية: من القرآن الكريم, والسنة النبوية:
 إن الذي يقرأ في كتاب:" المسيحية البضاعة المغشوشة" للدكتور يزيد حمزاوي رحمه الله, يجد أن مؤلفه رحمه الله قد ذكر فيه الكثير من النصوص الشرعية؛ من القرآن الكريم, والسنة النبوية, استشهاداً وغيره؛ فيقرر من خلال دلالاتها بطلان ما عليه النصارى من عقائد فاسدة, وآراء منحرفة, كما يعزز بها كلامه أيضاً رحمه الله (12).
3- نقله النصوص من كتب النصارى المقدسة:
ومما تميز به كتاب:" المسيحية البضاعة المغشوشة" للدكتور يزيد حمزاوي رحمه الله, نقله الكثر من نصوص الكتاب المقدس, وذلك بوضع صورٍ لها كما هي في الأصل, يفعل ذلك غالباً عند محاجّاة المنصرين وغيرهم؛ وذلك لإثبات الخلل والتحريف في كتبهم المقدسة المزعومة؛ حتى أنه يضع خطاً مستقيماً على الفقرات المقصودة أو محل الشاهد منها؛ ليوّضح بذلك المفارقات بين النسخ أو الأناجيل, أو ما يريد إيصاله للقارئ (13).
4- قراءته وتحليله النقدي الدقيق:
 ومما تميز به الدكتور يزيد حمزاوي رحمه الله, في كتابه: " المسيحية البضاعة المغشوشة", قراءته وتحليله النقدي الدقيق, ولذلك صوراً عديدة؛ من التركيز على المعلومة المحددة, ومن صنع جداول لعقد
المقارنات وتحليلها بين النصوص وغيرها (14).

هذا – كما يقال - غيضٌ من فيض, مما يمكن أن يُقال عن كتاب: " المسيحية البضاعة المغشوشة" للدكتور يزيد حمزاوي رحمه الله تعالى, وذلك عند قراءتي له, والاطلاع عليه, حاولت بذلك تقديم قراءة تحليلية لهذا الكتاب, وأرى أن المؤلف رحمه الله, قد حقق المقصود منه؛ من إثبات أن المسيحية بضاعة مغشوشة فعلاً, وأنها قد بُدلت وحُرّفت عن الرسالة السماوية التي أتى بها المسيح عليه السلام.

وصلى الله وسلّم على نبينا محمد, وعلى آله, وصحبه أجميعن, وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
الهوامش
(1) من ص5 إلى ص9.
(2) ينظر: ص5 من كتاب:" المسيحية البضاعة المغشوشة".
(3) ينظر: ص6 من كتاب:" المسيحية البضاعة المغشوشة".
(4) من ص10 إلى ص191.
(5) من ص192 إلى ص 198.
(6) ينظر: ص7 من كتاب:" المسيحية البضاعة المغشوشة".
(7) ينظر: ص72 وما بعدها.
(8) تنظر: من ص89 إلى ص191 من الكتاب.
(9) ينظر: ص6.
(10) ينظر: ص5-6.
(11) من ص89 إلى ص191.
(12) ينظر على سبيل المثال: ص10-12, وص54 وغيرها.
(13) ينظر على سبيل المثال: ص152-163, وغيرها.
(14) ينظر على سبيل المثال: ص115-117, وغيرها.

تم قراءة المقال 216 مرة