طباعة
الاثنين 7 ربيع الثاني 1431

19-مفاسد الغناء

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد سيد المرسلين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين أما بعد:

    فإنه من المعاصي التي تساهل فيها كثير من الناس، وجاهروا بها في هذا الزمان سماع الغناء المصحوب بآلات اللهو والطرب، رغم ظهور دلائل تحريمه، وجلاء مفاسده على الفرد والمجتمع ،  وفيما يأتي ذكر لأهم تلك الدلائل وإظهار لشيء من تلك المفاسد.

19-مفاسد الغناء

 

 أدلة القرآن

 

1-قال تعالى ] وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ[ (لقمان:6) قال ابن مسعود:» والله الذي لا إله إلا هو إنه الغناء« وأقسم على ذلك ثلاث مرات.

2-قال الله تعالى للشيطان:] وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ[ (الإسراء:64) وصوته هو المزمار وآلات الطرب كما ورد عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما من أئمة التفسير.

3-قال الله تعالى في معرض ذم عبادة أهل الجاهلية : ] وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ[ (الأنفال:35)، والمكاء الصفير والتصدية التصفيق.

4-قال الله تعالى :] أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ [ (النجم:61) ومعنى سامدون تغنون.

5-وقال سبحانه :] وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً[ (الفرقان:72) والزور عند بعض السلف الغناء.

أدلة السنة

6-عن عائشة أن أبا بكر رضي الله عنه دخل عليها والنبي e عندها يوم فطر أو أضحى وعندها جاريتان تغنيان، فقال أبو بكر:» أمزمار الشيطان؟! « مرتين، فقال النبي e دعهما يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وإن عيدنا هذا اليوم. متفق عليه. وجهه أن النبي e لم ينكر قول أبي بكر بأن الغناء مزمار الشيطان، وإنما بين له جواز الغناء –من غير آلات - للبنات في الأعياد والأفراح.

7-وقد سمع ابن عمر يوما في طريقه مزمارا فوضع إصبعيه على أذنيه ولم يرفعهما حتى ابتعد ثم قال كنت مع النبي e فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا (أبو داود وصححه الألباني).

8-عن عبد الله بن عمرو أن نبي الله e نهى عن الخمر والميسر والكوبة والغبيراء، وقال كل مسكر حرام (أبو داود وصححه الألباني)، والكوبة الطبل والغبيراء نوع من المسكر. فجمع بينهما في الذكر لما بينهما من العلاقة والارتباط.

9-قال النبي e:» ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف« ثم ذكر من عقوباتهم:» فيبيتهم الله ويضع العلم (يقلب عليهم الجبل) ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة« رواه البخاري. وفي هذا الحديث أن سماع الموسيقى في منزلة استحلال الحر وهو الزنا وشرب الخمر ولبس الحرير للرجال وهي كلها من كبائر الذنوب.

10-قال رسول الله e : »صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة مزمار عند نعمة ورنة عند مصيبة « رواه البزار وصححه الألباني

إجماع العلماء على تحريم الغناء

   وبعض الناس يقولون هو مكروه أو حلال، وقد ذكرنا من الأدلة ما لا يدع أدنى شك في تحريمه، وقد قال ابن عباس:»المعازف حرام والكوبة حرام والمزمار حرام « رواه البيهقي.

    وقد اتفق الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد على تحريمه، ونقل الآجري والساجي وابن الصلاح وغيرهم إجماع العلماء على تحريم الغناء المصحوب بآلات الطرب، فلا معنى بعد ذلك للشك، وما يلبس به من يرخص فيه فهو إما راجع إلى الغناء في الأفراح، وإما إلى الإنشاد الخالي من التلحين وآلات الطرب، وكل ذلك خارج عن معنى الغناء المحرم، وقد سئل الإمام مالك  مرة هل صحيح أن أهل المدينة يجوزون الغناء فقال إنما يفعله عندنا الفساق . قال ابن الجوزي: » إنما رخص في الغناء من قل علمه وغلبه هواه «.

 

مفاسد الغناء

1-الغناء يصد عن سبيل الله تعالى

    إن من أهم أسلحة الأعداء التي يصد بها الشباب عن الالتزام بدين الله تعالى وبالصلاة سلاح الغناء، وقد جاء مصرحا به في البروتوكول (13) من بروتوكولات حكماء صهيون (اليهود)، وذلك لما يتضمنه من دعوة إلى الفسوق والفجور وإلى الشرك والإلحاد ، وهذه طريقة أعداء الرسل منذ القديم ، لذلك فقد سمى الله عز وجل الغناء بلهو الحديث وجعل من صفاته اللازمة له الصد عن سبيل الله تعالى وعن الإيمان وعن شرائع الإسلام (الدليل1).

2-الغناء صوت الشيطان ومزماره

   وإن الغناء سلاح الشيطان في إضلال الناس ومزماره، بل قرآنه الذي يضل به العباد ، وقد وصفه بذلك أبو بكر وأقره النبي e ، ومرت عائشة على من كان يتغنى ويحرك رأسه طربا، فقالت: »أف شيطان أخرجوه أخرجوه « رواه البخاري في الأدب المفرد.

3-الغناء عبادة أهل الجاهلية

  ويؤكد أن الغناء هو قرآن الشيطان الذكر المقرب إليه، أنه بعد أن أضل العرب عن عبادة الله ونصب لهم الأصنام في الكعبة، زين لهم الغناء في عبادتهم وطوافهم بالكعبة (الدليل3).

4-في الغناء دعوة إلى الشرك

    وكثير من الناس يظن أن بعض الغناء المصحوب بالموسيقى جائز كالغناء المسمى بالشعبي والنبوي ، ذلك أن فيه مديحا للرسول e وتذكيرا بالآخرة وغير ذلك ، والحقيقة أن هذا الغناء وغيره مما فيه تطرق للأمور الدينية هو شر من غيره من بعض الوجوه، لأن في كثير منه- إضافة إلى كونه معصية لاصطحاب الموسيقى له - دعوة إلى الشرك بالله تعالى كالاستغاثة بالنبي e أو بالأولياء ووصفهم بالأوصاف التي لا تليق إلا بالله تعالى .

5-الغناء ينبت النفاق في القلب

   قال ابن مسعود :» الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع « (البيهقي)، فإن قيل  فما وجه إنباته للنفاق في القلب من بين سائر المعاصي، فالجواب كما قال ابن القيم: »فاعلم أن للغناء خواص لها تأثير في صبغ القلب بالنفاق ونباته فيه كنبات الزرع بالماء، فمن خواصه أنه يلهي القلب ويصده عن فهم القرآن وتدبره والعمل بما فيه، فإن القرآن والغناء لا يجتمعان في القلب أبدا لما بينهما من التضاد، فإن القرآن ينهى عن اتباع الهوى ويأمر بالعفة ومجانبة شهوات النفوس وأسباب الغي وينهى عن اتباع خطوات الشيطان، والغناء يأمر بضد ذلك كله ويحسنه ويهيج النفوس إلى شهوات الغى، فيثير كامنها ويزعج قاطنها ويحركها إلى كل قبيح«. لذلك فإنه ينبغي للمؤمن أن يفر من سماع الغناء حفاظا على سلامة قلبه وحواسه.

6-الغناء يذهب بالحياء

   وقد قال النبي e :» إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت « رواه البخاري، والحياء شعبة من شعب الإيمان ، ومن لم يكن له حياء من الله تعالى ومن الناس ومن أهله انهمك في كل فحشاء ومنكر، ولا يبقى له رادع يردعه ولا مانع يمنعه ، والغناء ناقض من نواقض الحياء. 

7-الغناء أخو الخمر ورقية الزنا

   قال ابن مسعود وغيره من السلف :» الغناء رقية الزنا «، أي هو مقدمته وداعيته، بل هو كالخمر في مفعوله وتضليله، وليس فقط بالكلمات التي فيه بل بالمعازف أيضا ، وأهم دليل على أنه رقية الزنا أنه يذهب بالحياء.

   قال ابن القيم:» فهو والخمر رضيعا لبان وفي تهييجهما على القبائح فرسا رهان، فإنه صنو الخمر ورضيعه ونائبه وحليفه وخدينه وصديقه، عقد الشيطان بينهما عقد الإخاء الذي لا يفسخ وأحكم بينهما شريعة الوفاء التي لا تنسخ ، وهو جاسوس القلب وسارق المروءة وسوس العقل يتغلغل في مكامن القلوب، ويطلع على سرائر الأفئدة ويدب إلى محل التخيل، فيثير ما فيه من الهوى والشهوة والسخافة والرقاعة والرعونة والحماقة« .

8-الغناء سبب المسخ والخسف في الدنيا

   ومن العقوبات التي توعد الله بها مستحلي الغناء استحلالا عمليا الزلازل وعقوبة المسخ (الدليل 9)، وهو تحويل صورهم إلى صور القردة والخنازير، وهذا سيحدث لا محالة ، قال ابن القيم: » ومن لم يمسخ منهم في حياته مسخ في قبره «. ونحن نرى كثيرا منهم انحط إلى رتبة هذه الحيوانات فهم لا يسترون عوراتهم كالقردة وماتت فيهم الغيرة وفشت فيهم الدياثة كالخنازير . ومن العقوبات ما ذكره ابن القيم حيث قال:» والذي شاهدناه نحن وغيرنا وعرفناه بالتجارب، أنه ما ظهرت المعازف وآلات اللهو في قوم وفشت فيهم واشتغلوا بها، إلا سلط الله عليهم العدو وبلوا بالقحط والجدب وولاة السوء « .

9-الغناء يطرد العبد من رحمة الله

   ودليل ذلك هو الحديث (رقم 10) وقد قال عمر بن عبد العزيز: »الغناء بدؤه من الشيطان وعاقبته سخط الرحمن«.

10-الغناء معصية معلنة

     الغناء معصية وليس ككل المعاصي فهو معصية معلنة، وقد قال النبي e :»كل أمتي معافى إلا المجاهرين « متفق عليه، المعنى أن كل الناس يعفى عنه إلا المجاهرين بالمعاصي، لأن المجاهر يدعو غيره للاقتداء به ويشجعه على ذلك، وقد قال النبي e:»..ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا « (رواه مسلم).

 

الغناء في العيدين والأعراس

   ومما هو معلوم أن الغناء للنساء في الأعياد والأفراح مباح مستثنى من عموم المنع، وهذه الرخصة مضبوطة بشروط منها : ألا يستعمل معه من آلات اللهو سوى الدف (وهو البندير)، وألا يكون فيه كلام فاحش لا تصريحا ولا تلميحا . وأن يكون ذلك للنساء بعيدا عن الرجال حتى لا تحصل فتنة، وألا يجعل ذلك في مكبرات الصوت حتى لا يؤذى بذلك الجيران.

   ونختم الكلام بهذه الرواية عن الإمام مالك رحمه الله تعالى حيث جاءه رجل يوما يسأله عن حكم الغناء فقال له: » إذا جيء بالحق والباطل يوم القيامة ، ففي أيهما يكون الغناء، قال السائل : في الباطل ، قال مالك : والباطل في الجنة أو في النار، قال : في النار ، قال الإمام مالك :» اذهب فقد أفتيت نفسك«.

   فاتقوا الله أيها المؤمنون وأقلعوا عن سماع الغناء الذي خرب البيوت وقطع الأرحام وأمات القلوب وصد عن سبيل الله ، وأزال الحياء عن بناتنا وأخواتنا وفكك مجتمعنا ودمر كياننا وعطل عقول شبابنا وساقهم إلى مهاوي الفسق والرذيلة نسأل الله لنا ولهم الهداية، قال تعالى : ]والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا عملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر [ .

تم قراءة المقال 5758 مرة