أحكام صلاة العيدين
1-حكم صلاة العيدين
صلاة العيدين من الصلوات الواجبة وهو مذهب أبي حنيفة وابن تيمية، ومما يدل عليه حديث أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «أَمَرَنَا النَّبِيَّ صلى الله وعليه وسلم أَنْ نُخْرِجَ فِي الْعِيدَيْنِ الْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ وَأَمَرَ الْحُيَّضَ أَنْ يَعْتَزِلْنَ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ» (متفق عليه).
2-أول وقت صلاة العيد
أول وقت صلاة العيد أول وقت الضحى خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ مَعَ النَّاسِ فِي يَوْمِ عِيدِ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى فَأَنْكَرَ إِبْطَاءَ الْإِمَامِ فَقَالَ:« إِنَّا كُنَّا قَدْ فَرَغْنَا سَاعَتَنَا هَذِهِ وَذَلِكَ حِينَ التَّسْبِيحِ» (رواه أبو داود)، وتؤخر صلاة عيد الفطر قليلا من أجل توزيع الزكاة، وتعجل في الأضحى من أجل الذبح.
3-وآخر وقتها الزوال
ويدل على ذلك أَنَّ قَوْمًا رَأَوْا الْهِلَالَ فَأَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله وعليه وسلم فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا بَعْدَ مَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ وَأَنْ يَخْرُجُوا إِلَى الْعِيدِ مِنْ الْغَدِ (أبو داود والنسائي وابن ماجة وصححه الألباني). حيث لم يصلها في ذلك المساء وأخرها إلى صباح اليوم التالي.
4-لا أذان ولا إقامة لصلاة العيد
وكان صلى الله وعليه وسلم إذ انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة من غير أذان ولا إقامة، عن جَابِر رضي الله عنه:« أَنْ لَا أَذَانَ لِلصَّلَاةِ يَوْمَ الْفِطْرِ حِينَ يَخْرُجُ الْإِمَامُ وَلَا بَعْدَ مَا يَخْرُجُ وَلَا إِقَامَةَ وَلَا نِدَاءَ» (رواه مسلم) وفي الصحيحين:« لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى ».
5-أداء صلاة العيد بالمصلى
قال ابن القيم رحمه الله:« وهديه كان فعلهما في المصلى دائما»، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:« كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله وعليه وسلم يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلَاةُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ» (متفق عليه)، وترك هذه السنة مكروه لما فيه من تضييع لإظهار شعيرة من شعائر الإسلام.
6-صفة الصلاة
وكان صلى الله وعليه وسلم يبدأ بالصلاة قبل الخطبة فيصلي ركعتين يكبر في الأولى سبع تكبيرات متوالية بين دعاء الاستفتاح والقراءة، وفي الثانية خمس تكبيرات سوى تكبير القيام، وكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله وعليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (رواه مسلم). وكان صلى الله وعليه وسلم أيضا يقرأ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ بِق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ وَاقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (رواه مسلم). ولا يسن رفع اليدين في التكبيرات ولا الذكر بينها.
7-صفة الخطبة
والخطبة خطبة واحدة على الصحيح من أقوال أهل العلم، يبدؤها بالحمد كسائر الخطب، ولم يحفظ عنه في حديث واحد أنه كان يفتتح خطبة العيد بالتكبير، وما روي من أنه كان يكثر التكبير أثناء الخطبة فهو حديث ضعيف، وهو لا يدل على أنه كان يفتتحها به، وكان صلى الله وعليه وسلم يفتتح خطبه كلها بالحمد لله.
8-حكم شهود خطبة العيد
ويرخص لمن شهد صلاة العيد أن لا يجلس لسماع الخطبة، وإذا اختار البقاء وجب عليه الإنصات وعدم التشويش على غيره.
9-عدم إخراج المنبر إلى المصلى
وكان صلى الله وعليه وسلم إذا أكمل الصلاة انصرف فقام مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم وينهاهم، ولم يكن يخرج المنبر إلى المصلى، مع ذلك يشرع للإمام أن يعتلي أي شيء ليراه الناس وليسمعوا صوته، يدل على ذلك قول جابر : فلما فرغ نبي الله صلى الله وعليه وسلم نزل فأتى النساء فذكرهن …الحديث.
آداب صلاة العيد
1-الاغتسال
مما يستحب يوم العيد الاغتسال لما ثبت عن نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى(رواه مالك) وعن زاذان قال سألت عليا رضي الله عنه عن الغسل فقال: اغتسل إذا شئت فقلت: إنما أسألك عن الغسل الذي هو الغسل؟ قال:« يوم الجمعة ويوم عرفة ويوم الفطر ويوم الأضحى» (رواه الطحاوي).
2-التزين باللباس والطيب
قال ابن القيم رحمه الله:« وكان صلى الله وعليه وسلم يلبس للخروج إليهما أجمل ثيابه»، وكان أحب اللباس إليه البياض، ويسن تطيب الرجال لصلاة العيد أيضا كما يسن ذلك للجمعة، وليس من التزين المشروع حلق اللحى فإن هذا من المعاصي لا من القربات.
3-متى يطعم يوم العيد؟
عن بريدة قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله وعليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي (الترمذي وابن ماجة وصححه الألباني). وعَنْ أَنَسِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله وعليه وسلم لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ (وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا) (رواه البخاري).
4-الخروج إلى الصلاة ماشيا
قال ابن القيم رحمه الله:« وكان يخرج ماشيا والعنزة (العصا) تحمل بين يديه، فإذا وصل إلى المصلى نصبت بين يديه ليصلي إليها فإن المصلى كان إذ ذاك فضاء لم يكن فيه بناء ولا حائط وكانت الحربة سترته». وصح عن سعيد بن المسيب قال:« سنة الفطر ثلاث المشي إلى المصلى والأكل قبل الخروج والاغتسال».
5-مخالفة الطريق
وكان صلى الله وعليه وسلم يخالف الطريق يوم العيد فيذهب في طريق ويرجع في أخرى عَنْ جَابِرِ رضي الله عنه قَالَ:« كَانَ النَّبِيُّ صلى الله وعليه وسلم إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ» (رواه البخاري)، ومن حكم ذلك أن يسلم على أهل الطريقين، ويظهر شعائر الإسلام في سائر الفجاج والطرق، ويغيظ المنافقين برؤيتهم عزة الإسلام وأهله وقيام شعائره، وتكثرَ شهادة البقاع؛ فإن الذاهب إلى المسجد والمصلى إحدى خطوتيه ترفع درجة والأخرى تحط خطيئة حتى يرجع إلى منزله.
6-خروج النساء والصبيان
قالت أم عَطِيَّة رضي الله عنها:« أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْحُيَّضَ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَدَعْوَتَهُمْ وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ عَنْ مُصَلَّاهُنَّ قَالَتْ امْرَأَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَانَا لَيْسَ لَهَا جِلْبَابٌ قَالَ لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا» (متفق عليه). عن ابْنَ عَبَّاسٍ قِيلَ لَهُ أَشَهِدْتَ الْعِيدَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله وعليه وسلم قَالَ نَعَمْ وَلَوْلَا مَكَانِي مِنْ الصِّغَرِ مَا شَهِدْتُهُ …الحديث ومعناه لولا صغر سني لما حضرت موعظة النبي صلى الله وعليه وسلم للنساء (رواه البخاري).
7-التكبير والتهليل
وذلك في الطريق وفي المصلى، قال تعالى في عيد الفطر : (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة:185) ووقته من الخروج إلى الصلاة، وأما في عيد الأضحى فقال تعالى : (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) (البقرة:203) ووقته من صبح يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق وقد صح عن جمع من أصحاب النبي صلى الله وعليه وسلم. وهو مشروع قبل الصلوات وبعدها، في المساجد والبيوت والأسواق والطرقات.
وأصح ما ورد في صيغة التكبير ما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه:« الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد»، وروي بتثليث التكبير، وعنه أيضا:« الله أكبر كبيرا الله أكبر كبيرا، الله أكبر وأجل الله أكبر ولله الحمد».
8-لا نافلة قبل الصلاة ولا بعدها
ولم يكن النبي صلى الله وعليه وسلم ولا أصحابه يصلون إذا انتهوا إلى المصلى شيئا قبل الصلاة ولا بعدها، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله وعليه وسلم صَلَّى يَوْمَ الْفِطْرِ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلَالٌ فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ … (متفق عليه) وإذا صليت في المسجد تصلى تحية المسجد.
9-التهنئة بالعيد
عن جبير بن نفير رضي الله عنه قال :« كان أصحاب رسول الله صلى الله وعليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض تقبل الله منا ومنك» (رواه المحاملي وحسنه ابن حجر)، وعن محمد بن زياد قال كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحاب النبي صلى الله وعليه وسلم فكانوا إذا رجعوا يقول بعضهم لبعض تقبل الله منا ومنك (وقال الإمام أحمد: إسناده جيد). وتجوز التهنئة بغير ما ورد لأنه لا توقيف في هذا الباب، كقولهم عيد مبارك ونحو ذلك من الكلام الطيب.
تنبيهات مهمة
1-التكبير الجماعي بصوت واحد بدعة لم يجر عليها عمل السلف.
2-يجوز اللهو واللعب في العيدين لقول النبي صلى الله وعليه وسلم لأهل المدينة :« كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَى» (رواه أبو داود والنسائي).
3-لابد أن يكون اللهو مباحا فلا يجوز الذهاب إلى أماكن المعاصي والاختلاط، ولا سماع المعازف بدعوى الفرح بالعيد.
4-يحذر الآباء من شراء الألبسة الفاضحة لأولادهم، ومن اللعب المحرمة كالألعاب النارية أو الدمى التي تصور فيها العورات.
5-زيارة القبور في العيدين بدعة، لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله وعليه وسلم، ولا عن أصحابه، فضلا عن أن يوم العيد يوم فرح وسرور لا يوم حزن وبكاء.
6-لا يجوز صيام يوم الفطر ويجوز ابتداء صيام الست من شوال من اليوم الثاني منه، ولا يجوز صيام يوم الأضحى ولا أيام التشريق بعده إلا للمتمتع الذي لم يجد الهدي وضاق عليه الوقت.
7-يوم العيد مناسبة من مناسبات الدعوة إلى الله تعالى؛ تهدى فيه الهدايا، ويوزع فيه الشريط الدعوي والمطويات والكتيبات الدينية، ويزار فيه المرضى والأيتام ويحسن إليهم .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.